آخر تحديث :السبت 27 ابريل 2024 - الساعة:10:29:53
لجنـة الشئون العسكرية لتحقيق اليقظة والاستهتار
نبيل سبيع

السبت 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

قال الناطق الرسمي باسم اللجنة العسكرية اللواء علي سعيد عبيد إن محاولة إغتيال عضو مؤتمر الحوار الوطني عن جماعة الحوثيين عبدالواحد أبوراس في صنعاء السبت الماضي "ستعمل على يقظة الأجهزة الأمنية والوحدات التي تقوم بحماية المؤتمر". يقظة الأجهزة الأمنية التي بشرنا بها اللواء عبيد في تصريح له الأحد الماضي عبرت عن نفسها على أكمل وجه اليوم التالي.

ظهيرة الإثنين، اليوم التالي لبشارة عبيد، وقعت محاولة إغتيال ثانية لعضو مؤتمر آخر هو رئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، عبدالله عبيد سالم الفضلي. يعني: ما فيش داعي ليقظة رجال وأجهزة الأمن يا لواء عبيد، خليهم راقدين أحسن!

اللواء عبيد أعتبر وقوع محاولة إغتيال أبوراس على بعد 20 متراً من نقطة أمنية في صنعاء دون أن يحرك أفراد النقطة ساكناً أمراً غير منطقي. وقال، في تصريحه لصحيفة "أخبار اليوم"، إن "وزير الدفاع والداخلية وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية حددوا الوحدات التي يرونها كافية لحماية المؤتمر".

محاولة إغتيال أبوراس، التي أودت بحياة 3 من مرافقيه، لم تكن بحاجة لوحدات أمنية كافية لمنع وقوع العملية ولا لضبط الجناة. فقد كانت هناك عربة مصفحة وطقمان عسكريان وعدد من الجنود طبعا في النقطة العسكرية القريبة الواقعة على بعد عشرات الأمتار من مكان الحادث.

ولم تكن هذه الوحدات الأمنية بحاجة إلى يقظة أيضا. فقد كانت عيون الجنود مفتوحة على إتساع، وقد اكتفوا بمتابعة العملية التي وقعت في قلب إحدى جولات المرور الرئيسية "جولة النصر" شمال العاصمة وفي وضح النهار دون أن يحركوا ساكنا. لكن، لماذا لم يتدخل الجنود؟ هل أخافتهم كثرة عدد الجناة مثلا؟

العملية نفذها قاتلان إثنان فقط كانا يستقلان سيارة أجرة، بحسب بيان المؤتمر الصحفي لممثلي جماعة الحوثي في مؤتمر الحوار الوطني. غرابة ردة فعل جنود النقطة على الجريمة التي حدثت على بعد أمتار منهم تتعاظم بالنظر إلى الأريحية التي نفذ بها القاتلان الجريمة. فهما لم ينفذاها بسرعة وهما على سيارتهما، بل نزلا عن السيارة وقام أحدهما بقتل سائق سيارة أبوراس (الذي لم يكن متواجدا فيها) فورا فيما قام الآخر بإطلاق الرصاص على إطار السيارة الأمامي "ثم دار المسلحان على السيارة وهما يواصلان إطلاق النار"، بحسب البيان الذي أضاف: "ومن ثم ركب المسلحون السيارة (سيارتهم) ومروا بكل سهولة ويسر، ولم يحرك أفراد النقطة ساكناً".

ولا تضاهي غرابة ردة فعل أفراد النقطة سوى "الشَحْطَة" التي تصرف بها جنود الأطقم العسكرية التي حضرت إلى مكان الجريمة بعد وقت على وقوعها ومغادرة الجناة. حين وصلت الأطقم العسكرية إلى المكان، كان قد تم نقل القتلى الثلاثة وإثنين آخرين أصيبا في الحادث أيضا، وبقي أحد الناجين من الحادث في المكان لحراسة السيارة. انظروا ما الذي فعله الجنود "المَشْحُوطون"؟ قاموا بإلقاء القبض على الناجي الذي كان يحرس السيارة "وجروه بالقوة وبشكل عنيف إلى الطقم".

لا تضاهي "شَحْطَة" جنود الأمن هؤلاء سوى يقظة الأجهزة الأمنية التي بشرنا بها الناطق الرسمي باسم اللجنة العسكرية بعد يوم على وقوع العملية، وهي البشارة التي عبرت عن نفسها اليوم التالي على تصريحه بمحاولة الإغتيال الثانية التي طالت عبدالله الفضلي في العاصمة.

لقد قال عبيد إن "وزير الدفاع والداخلية وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية حددوا الوحدات التي يرونها كافية لحماية المؤتمر". ويبدو من كلامه هذا أن إهتمام وزيري الدفاع والداخلية تركز على تحديد "الوحدات التي يرونها كافية لحماية المؤتمر" وليس لحماية البلد والمواطنين بشكل عام. وعلى الرغم من أن هذا خبر سيء، إلا أن محاولة الإغتيال الثانية حملت الخبر الأسوأ، فالفضلي المستهدف لم يكن من خارج دائرة من تم التركيز على حمايتهم، بل هو عضو مؤتمر حوار وطني آخر.

محاولة إغتيال الفضلي حملت من تهكم وسخرية الواقفين وراء الإغتيالات بتصريحات عبيد ما لا يوصف. فإذا كنت قد قرأت تصريح عبيد الذي تحدث عن تحديد وزيري الدفاع والداخلية "الوحدات التي يرونها كافية لحماية المؤتمر"، إذا كنت قد قرأته عند نشره الأحد وأستيقظت اليوم التالي على خبر محاولة اغتيال الفضلي، فإنك ستتصور أن الرجل تحدث عن تحديد "الوحدات التي يرونها كافية (لإغتيال أعضاء المؤتمر وليس) لحماية المؤتمر" كما قال، ولاسيما إذا ربطت هذا بالبزات العسكرية التي كان يرتديها منفذا محاولة إغتيال أبوراس.

وفي نهاية المطاف، ليسمح لي الناطق الرسمي باسم اللجنة العسكرية اللواء علي سعيد عبيد بمقترحين: الأول، كما تعلم أيها اللواء فالإسم النظري للجنة التي تعد أنت الناطق بإسمها هو "لجنة الشئون العسكرية لتحقيق الأمن والإستقرار"، وهذا إسم أثبت أنه وهمي ومتعذر الحدوث، ولذا أقترح أن يتم تغييره إلى إسم قابل للتحقق ألا وهو: "لجنة الشئون العسكرية لتحقيق اليقظة والاستهتار". ولتحقيق هذا المقترح، إليكم المقترح الثاني: خصصوا لكل فرد من أفراد الأمن الذين يتولون حماية مؤتمر الحوار الوطني من علبتين "ريد بول" أو أي نوع آخر من مشروبات الطاقة، لأنه كما يبدو فإن منفذي الإغتيالات لا يتفوقون على أفراد الأمن سوى بمشروبات الطاقة. فبما أنكم غير قادرين على تحقيق الأمن والإستقرار، من المنطقي أن تحاولوا على الأقل تحقيق "اليقظة" التي وعدتنا بها. أما الإستهتار فهو متوفر لدى أجهزة الأمن ومسئوليها، ولا يحتاج طبعا لأي مشروبات طاقة أو "شِـرَنْقَات" (حُقَن)!

وثمة رسالة واجبة في الأخير لمخططي ومنفذي الإغتيالات: أعزاءنا القتلة الأكارم، نرجو منكم أن تتحلوا بـ"الإتيكيت" شوية! مثلاً، حين يخرج مسئول أمني أو عسكري ويدلي بتصريحات تؤكد أن عمليتكم السابقة رفعت درجة اليقظة والجاهزية لدى أجهزة الأمن، لا داعي لأن "تبكروا" اليوم الثاني وتنفذوا عملية ثانية وسط العاصمة وفي وضح النهار! لا نريد أن نشُوِّش عليكم أو نعيقكم عن أداء عملكم لا سمح الله، لكن لا داعي لكي تباشروا يقظته اليوم التالي على الفور، اصبروا قليلا حتى تبرد تصريحاته! وتقبلوا منا أيها الأعزاء الأفاضل خالص التحيات والتقدير والإحترام.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص