آخر تحديث :السبت 27 ابريل 2024 - الساعة:11:50:18
حوار العبث بالوقت والقضايا المصيرية معاً!
محمد المقالح.

السبت 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

بقاء انقسام الجيش لا يعني بالضرورة أن محسن أو (أحمد) هما من يقومان بصورة شخصية أو بالتوجيهات المباشرة بعمليات القتل والاغتيال والجرائم الإرهابية التي عاشتها وتعيشها صنعاء واليمن منذ انشقاق الأول، ولكن الانقسام امتداداته على كل المستويات داخل الجيش والأمن والدولة والمجتمع، يوفر فرصاً واسعة لكل من يريد أن يعبث بأمن واستقرار البلاد.

ليس لأن هذا الانقسام الاستقطابي -وإن من طرف واحد- يهز بحد ذاته أمن واستقرار البلاد، ويعرضها للخطر في أية لحظة، ويجعل كل وحدات الجيش مشلولة، وفي حالة انهيار معنوي طويل المدى، بل ولأن أي طرف ثالث أو رابع يقوم بارتكاب الجريمة يعتقد بأنه سينجو من العقاب، أو أن طرفاً ما من أطراف الانقسام والصراع سيغطي أعماله الإجرامية، وسيوفر له المبررات الكافية للنجاة، ولو باتهام الطرف الآخر بالجريمة. وهذا ما حدث بالضبط في كثير من الجرائم السياسية والإرهابية منذ بداية 2011، وحتى محاولة اغتيال القائد الحوثي عضو لجنة الحوار عبدالواحد أبوراس.

وفي السياق نفسه، فإن عقد مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء قبل تحرير الدولة وقرارها من سطوة مراكز القوى العسكرية والقبلية الموجودة على الأرض، وقبل تجريد رموز هذه المراكز من أدوات السيطرة على القرار السياسي في كل مكونات السلطة الانتقالية.. له تأثير مباشر وغير مباشر في الانتقاص من حرية المتحاورين، وفي جعل سقفهم في الحوار منخفضاً، وبما يناسب أولويات هذه القوى وقدراتها الهائلة على الضغط (معنوياً ومادياً) على أطراف الحوار وأجندات المؤتمر من خارج فندق موفنبيك، ومن خارج المؤتمر نفسه.

وإذا كانت هذه الأطراف النافذة قادرة على التأثير على قضايا الحوار، وعلى تحديد سقف المتحاورين أو بعضهم، فإن بقاءها على الأرض سيجعل مخرجات الحوار أو ما قد يتوصل إليه المتحاورون من حلول، بلا معنى، أو غير قابلة للتنفيذ، بقدر قدرة هذه المراكز على الاتفاق عليها أو تفسيرها بطريقتها، أو حتى رفضها كلياً وعملياً.

تلك هي الإشكالية التي يعاني منها مؤتمر الحوار، وستظل كما هي إشكالية طوال فترة انعقاده.

والخلاصة فإن انقسام الجيش في رأسه من ناحية، وتحكم مراكز القوى العسكرية والقبلية والأصولية بقرار السلطة ومقدرات الدولة من ناحية أخرى، هما العاملان غير المباشرين في حدوث محاولة اغتيال عضو مؤتمر الحوار القيادي الحوثي "أبوراس" في صنعاء، بغض النظر عن الطرف المنفذ والجهة التي يتبع لها القتلة والمجرمون.

وما لم تُزل هذه العوامل الخطيرة، وتنفذ النقاط الـ20، وغيرها من شروط إنجاح الحوار الوطني التي سبق أن أكد الجميع على صحتها وضروريتها، فلن ينجح الحوار، ولن يكون لهذا الحوار المزعوم أي معنى سوى العبث بالوقت وبالقضايا المصيرية للوطن معاً.

هناك من يطرح بأن عقد المؤتمر بحد ذاته هو ما يجب أن يكون أولوية لجميع الأطراف الوطنية، لأن استمرار أعمال المؤتمر يمثل نجاحا بحد ذاته، مهما كانت الصعوبات، لأنه -من وجهة نظرهم- سيفوت الفرصة على مراكز النفوذ التي ترفض فكرة الحوار من حيث المبدأ، وتعمل وستعمل ليلاً ونهاراً كل جهدها لإفشال المؤتمر.

وردنا على هؤلاء المبررين لكل خطأ ولكل شيء أيضاً، هو نعم أنتم على حق في أن مراكز النفوذ ترفض الحوار فعلا، وستعمل كل جهدها لإفشاله، وهذا ما تعمله اليوم فعلا، ولكن هذا يجعل من الأولى إزاحتها أولاً حتى ينجح المؤتمر، وليس العكس.

أيها المؤتمرون؛ استفيدوا من قوة وجودكم في المؤتمر، ومن حاجة اليمن ومحيطها إلى عقد المؤتمر لتحقيق شروط نجاحه، قبل أن تجدوا أنفسكم غدا وقد فقدتم كل أوراق الضغط، بعد أن فرطتم بها واحدة بعد أخرى، بدون وعي.

إن تبرير بقاء مراكز النفوذ، واستمرار الانشقاق والانقسام على رأس الجيش، وبالتالي كل مكونات السلطة، هو بحد ذاته إهانة لفكرة الحوار، ولفكرة بناء الدولة، فضلاً عن كونها إهانة لكل أهداف الثورة التي يتغنى بها هؤلاء اليوم أكثر من غيرهم.

وهو أيضاً اعتراف صريح من قبل القائمين على المؤتمر بأنه فاشل سلفاً، وأن مشاركتهم فيه تمثل نوعاً من أنواع العبث والضحك على أنفسهم، وعلى شعبهم معاً.

 

حوار 1982!

بعد محاولة الاغتيال الآثمة لعضو مؤتمر الحوار الوطني القائد الحوثي المعروف عبدالواحد أبوراس.. هل أقول للحوثيين بأنكم تدفعون اليوم ما سبق أن دفعه قبلكم الحزب الاشتراكي اليمني "الجبهة الوطنية الديمقراطية"، عام 1982، حين أدخلوا قادتهم إلى صنعاء بهدف الحوار، وتبين أن الهدف كان "قتلهم على واحد واحد"، وبعناوين مختلفة، ولكن على خلفية الحوار... وما لم يحققوه بالحرب حققوه بالسلام أو بالحوار، وعلى أكمل وجه.

إذا لم تتوقفوا أمام الجريمة أو تنسحبوا على خلفيتها، فابشروا -يا سادة يا كرام- بحادث آخر أكثر مرارة وأكثر وجعا.

 

أحداث بلا مواقف!

- هل أدان المشترك جريمة مقتل 3 من مرافقي القيادي من أنصار الله "أبوراس"، في محاولة فاشلة لاغتياله؟ وإذا لم يصدر فلماذا؟ ثم لماذا لم يصدر بيان بهذا الخصوص عن الحزب الاشتراكي تحديدا، والمعرضة قياداته لمثل هذه النوع من الجرائم منذ الثمانينيات وحتى اللحظة؟ لا أعتقد بأن السبب سياسي بالنسبة للحزب على الأقل، بقدر ما هي الغفلة التي تتحكم بكثير من هيئاته القيادية.

- عدم استنكار الرئيس والحكومة والأحزاب ومؤتمر الحوار لجريمة الاغتيال الآثمة التي هزت العالم الإسلامي، وطالت أحد أكبر علماء الاعتدال في العالم العربي؛ العلامة الكبير محمد سعيد رمضان البوطي، لا يعني سوى شيء واحد، هو أن كل مكونات العملية السياسية اليمنية تسير بوعيها أو بعجزها في اتجاه التطرف والإرهاب واغتيال العقل والسلام الأهلي، وتخدم أجنداته ومموليه، وإن كان بعضها بالوعي، وبعضها بالعجز أو بالتبعية الدونية.

- صدرت أحكام قضائية على المتهمين بمحاولة اغتيال الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني. ورغم مرور أيام على صدور هذه الأحكام، لم نسمع أي تعليق عليها من قبل الحزب الاشتراكي اليمني!

هل لأن الأحكام كانت عادلة، أم لأن الحزب لم يكن مهتماً أصلا بجريمة قال إنها جريمة اغتيال سياسي كانت تستهدف حياة أمينه العام، وأكبر الشخصيات الوطنية مكانة في وعي اليمنيين؟

بالمناسبة النقطة التي أطلقت منها الرصاص طلعت معلومة، وبحكم قضائي، على خلاف بيانات صدرت حينها من كل الجهات المعنية، بما فيها بيان صدر عن الحزب الاشتراكي اليمني نفسه.

 

تغريدة:

الحكمة ليست في قبول السير باتجاه الهاوية بحجة تفويت الفرصة على الخصم..

هذه الموضوعية تذكرني فقط بالمثل الصومالي الدارج "أشتي أشوف عقله لا فين بايوصل".

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص