آخر تحديث :الخميس 25 ابريل 2024 - الساعة:22:08:41
هشام باشراحيل .. من أحبه الله أحبه الناس في الأرض
حسن بن حسينون

الخميس 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

إن الأستاذ القدير والصحفي اللامع هشام محمد علي باشراحيل هو أحد هؤلاء الأحباب، لقد أحبه الله بالإيمان وحب الناس والذين بادلوه الحب نفسه ليس في مدينته عدن المسكون بها وبترابها, وبسهولها وبجبالها ووديانها, ببيوتها وحواريها وأثارها التاريخية بكل حبة رمل وكل قطرة ماء من مياه بحر خليج عدن الأمامي وكل شواطئها وخلجانها إلى العظم, لم يكن حب الناس له يقتصر على مواطني اليمن وحده من صعدة شمالاً وحتى أخر حدود المهرة شرقاً وإنما الناس والإنسانية في جميع أنحاء العالم.

كانت صحيفته صحيفة الوطن الأولى "الأيام" سفيره المتجول على الأرض وعبر الأثير فكان له ولها الفضل في تعريف العالم باليمن تاريخياً وحضارياً وجغرافياً وكذا ساكني هذه البقعة من الأرض. فهو رجل عظيم وقامة لها مكانتها في التاريخ عاش عظيماً حتى آخر لحظة من لحظات حياته المليئة بالجد والاجتهاد في سبيل سعادة الآخرين وعلى حساب وقته وصحته وسعادة كل من أفراد أسرته وفي مقدمتهم زوجته الفاضلة الشجاعة وصاحبة القلب الكبير التي تحملت الكثير والكثير من المتاعب والآلام التي تعرض لها هشام وأفراد الأسرة ككل وفي المقدمة تلك المضايقات والانتهاكات اليومية وكذلك المحاكمات والأحكام الصورية التي صدرت بحقه وبحق "الأيام" وكان من أبشع وأقذر تلك الانتهاكات البشعة ماقام به رجال الأمن من اقتحام مسلح لبيته, ولدار "الأيام" والأسرة وزوار "الأيام" بداخله واستخدامهم مختلف أنواع الأسلحة بما فيها راجمات الصواريخ الـ ( أر بي جي) سقط على أثرها القتلى والجرحى وكان هدف النظام الاستبدادي الفاسد من كل ذلك هو تكميم أفواه الناس عن قول الحقيقة وفي المقدمة كتاب ومحرري وصحفيي "الأيام" وقراء "الأيام" في كل مكان, وعبر كل هذه المضايقات والانتهاكات فقد دفع هشام الثمن غالياً. شاركه في كل ذلك جميع مواطني المحافظات الجنوبية دون استثناء. فهو حقيقة من أعظم الرجال العظماء كالأشجار الباسقة المثمرة التي تتمدد فروعها وأوراقها الكثيفة وأغصانها الوارفة في كل الاتجاهات دائماً ترمى بالأحجار من قبل الأقزام وضعاف النفوس والحساد و صغار أشباه الرجال, وبالرغم من كل ذلك ظل هشام واقفاً شامخاً صلباً لا تهزه ولا تهزمه العواصف والرياح العاتية.

لقد عرفته عن قرب, صادقاً في كلامه، أمين في مواعيده لا يخاف لومة لائم في قول كلمة حق حتى ولو كانت على حساب أشياء كثيرة لا يمكن التخلي عنها ويثور ويغضب بعصبية أحياناً والمجاهرة بما في داخليته, اختلفت معه في مرات عديدة وتصالحت معه أكثر من مرة ودائماً ما تتم المصالحات فيما بيننا عندما نلتقي في أي مناسبة وجهاً لوجه وأعترف هنا بأنه دائماً ما يكون البادئ في الدعوة لمثل هذه المصالحات بابتسامته المشرقة المعهودة التي لا يمكن أن تنسى. حتى أنني قلت في مرة من المرات على سبيل الدردشة والتنكيت ما قاله الفقيد الشاعر حسين المحضار : "لا ذي لوله منك ولا ذي التالية وخايف تجي وحدة ولا تلقى قبول" قلت له ذلك في مناسبة في نادي العروسة ألا وهي مناسبة حفل زواج أحمد ابن الشهيد الرئيس سالم ربيع علي.

تحاكمت أنا وهو في محكمة صيرة بسبب مقال كتبته في "الأيام" تطرقت فيه إلى النهب والسرقة والسطو الذي تعرضت له مدينة عدن وبالذات المرافق الحكومية ومؤسسات القطاع العام والمختلط وكذلك الممتلكات العامة, تكلمت عن التسامح الديني والمذهبي والسلم الاجتماعي الذي تميزت به مدينة عدن تاريخياً. أنهيت في ختام مقالتي تلك بالحديث عن قضيتين الأولى السطو المسلح على المعبد اليهودي في شارع الملك داؤود المواجه للمتحف العسكري في مدينة كريتر وطرد ساكنيه المؤقتين من أبناء المدينة على أثر هطول الأمطار وتدفق السيول داخل الشوارع وأحياء المدينة التي أثرت على منازلهم التي أصبحت غير صالحة للسكن. كان ذلك السطو على المعبد اليهودي قد تم على يد المدعو الحاشدي وقائد أمن المحافظة المدعو (طريق) أما القضية الثانية فقد شمل المقال فقرة تقول (( لقد وجد أبناء عدن أنفسهم في السابع من يوليو 94م لا حول لهم ولا قوة أمام زحف فئران سد مأرب)) اكتشفنا لاحقاً بأن مدير أمن المحافظة (طريق) ينتمي إلى مدينة مأرب. وعلى أساس هذه الفقرة وما جاء في بقية المقالة تقدمنا أنا وهشام للمحاكمة التي استمرت لأكثر من ثلاثة أعوام, انتهت باتصال هاتفي من قبل هشام يخبرني فيها ويبشرني بأن "المحاكمة قد تم إلغاؤها على ضوء مكرمة من الرئيس علي عبدالله صالح". فقلت له :"وأيش الباقي؟" فقال :"أي باقي تريد؟" قلت :"تعويض ثلاثة سنوات وقوفاً في قفص الاتهام مع العلم بأني أنا وأنت مصابين بأمراض متعددة أنت تعاني من مرض السكري وضغط الدم وأنا أعاني من مضاعفات كسور في العمود الفقري بسبب حادث مروري", دخل في نوبة من الضحك والقهقهه و بصوت عالي قائلاً: "نحن نريد أن نتخلص من مشكلة وأنت تريد تعويض", وأخيراً اتفقنا على ما قاله. لقد كان طيب القلب لا مكان عنده للحقد والكراهية يغضب ويثور لكن ذلك سرعان ما ينتهي في نفس اللحظة.

وفي الختام أعترف للجميع بأني عاجز عن الحديث والكتابة عن كل الصفات الجميلة والمناقب الخاصة بالشهيد الذي أعتبره شهيداً حقيقياً لقد كان ضحية كل الممارسات السيئة والانتهاكات البشعة التي ارتكبها النظام السابق بحقه طيلة العشرين عاماً الماضية، و آخر دعواتي إلى الله  الرحمة والغفران لأبي باشا بأن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه وكل من يعز عليه الصبر والسلوان وإن لله وإن إليه راجعون.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص