آخر تحديث :السبت 27 ابريل 2024 - الساعة:11:50:18
أنا غيرمؤتمنة على نفسي
بسمة عبدالفتاح

السبت 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

المرأة اليمنية التي ذُكرت في القرآن ، والتي سجل مآثرها التاريخ العربي واليمني منذ قديم الزمان أؤتمنت على شعب بكل فئاته الإنسانية وجغرافية أراضيه ،وعلاقاته مع البلاد الأخرى .. بوصفها ملكة تدير بلداً بكل مافيه وماله وماعليه .. هذه المرأة هي بلقيس ، وهي أروى ، ومن حمكت تستطيع أن تنجب حاكمات وليس عبيداً .
المرأة اليمنية منذ القدم وفي العصر الحديث أؤتمنت على الأرض والإنسان ، حيث عُرف الرجل اليمني بالهجرة لطلب الرزق ، وكان يترك لزوجته أرضه وماله وولده وأباه وأمه ، وكانت تدير كل هذه الشؤون وهو غائب عنها لسنوات طوال ، وقد يعود إذا عاد محمولاً كما في قصة محمد عبدالولي ( ليته لم يعد) .
كانت المرأة اليمنية تعيش حياة كنهها غياب الآخر عنها ، وتدفع زهرة شبابها ثمناً لوفائها للإنسان والأرض ، ولم نسمع عن يمنيين قالوا إن المرأة اليمنية غير مؤتمنة على نفسها أو على أولادها أو أهلها أو زوجها في حله وغيابه ....وفي هذه الأيام مازال أولياء الأمور يأتمنون المعلمة على بناتهم في الصف وفي الرحلات وفي السفر ...ويأتمن الرجل زوجته على أهله وبيته وولده ...وهو أمر طبيعي ...وهي أيضاً مؤتمنة على حياة الآخرين بوصفها طبيبة ، ومحامية ، و....إلخ، إلا أن القانون اليمني أو الإجراءات القانونية لاتأتمنها على نفسها .
تخيلوا أنني مثلاً يأتمني الناس على أولادهم وبناتهم ، ولكن أمام الإجراءات القانونية والعرف القانوني الوضعي أنا غير مؤتمنة على نفسي ، أنا المربية والكاتبة والباحثة، وتلك الطبيبة وتلك المحامية والأستاذة الجامعية، وتلك الشخصية الاعتبارية..كلنا نساء اليمن عندما نذهب لاستخراج جواز سفر نقف أمام إجراء قانوني في مكتب الهجرة والجوازات ، وموظف يطبق هذا الصلف الوضعي ليقول لها ولي: (أين ولي أمرك؟)،في حين لا تقف أمام المرأة في اليمن وغير اليمن أي صعوبات لتغادر سماء الوطن من دون ولي الأمر ...
هذه الإجراءات القانونية الوضعية مازالت ترى في المرأة مخلوقاً قاصراً وغير مسؤول على نفسه ، وتعاملها معاملة الطفل أو المعتوه ...في حين قالت إحدى المحاميات التي وقفت أمام هذا الإجراء القانوني أيضاً إنه لا يوجد في القانون اليمني مادة تحّرم أو تجرم ( الخلوة ) .
والمشكلة أنك تجد تبريرات يمكن أن تكون من وجهة نظر واضعيها صائبة ، لكنها غير مقنعة ، ولا تشعرني إلا بمزيد من دكتاتورية وسلطة القانون الوضعي على المرأة وتحجيم لها وتقييد لحركتها ... فالمرأة التي هاجرت من مكة إلى المدينة مع رضيعها بصحبة أحد الكفار الذي أشفق عليها وهي من هي من أهل مكة ، وكانت هي قد أسلمت لم يقل لها رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما وصلت إلى المدينة أين محرمك؟ ، بل قالت فيما معناه: ما وجدت أفضل من صحبته ، إنها أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها قبل زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
المرأة اليمنية منذ فجر التاريخ ، وفي العصر الحديث ، قبل الثورة وبعدها ، هي تلك المرأة المسؤولة والمؤتمنة على نفسها وغيرها بكل اقتدار وحاصلة على شهادة القرآن وشهادة التاريخ وشهادة العرب وغير العرب في الماضي والحاضر، فلا تضعوا في طريقها عراقيل وضعية تعرقل مسيرة بنائها لغدٍ أفضل .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص