آخر تحديث :الخميس 09 يناير 2025 - الساعة:00:21:03
الرئيس المدلل
رضية المتوكل

الخميس 00 يناير 0000 - الساعة:00:00:00

قوة قراراتك في توازنها .. وقراراتك الأخيرة لم تعد متوازنة .. كانت قراراتك تُغضب مراكز القوى .. وكانت تمر مهما غضبوا .. لكن مؤخراً أصبحت قراراتك تغضب قوى مدنية وأطراف في المجتمع الدولي.

كان هذا جزء مما قلته للرئيس هادي  في إحدى لقاءات اللجنة الفنية للإعداد والتحضير للحوار الوطني به ، وهو اللقاء الذي تركه غاضباً بعد حوار غير ودي جرى بيني وبينه.

استحضرت  ذلك وأنا أتابع عدد من القنوات المصرية .. ووقفت مذهولة أمام ذلك النقد اللاذع والصريح التي توجهه للرئيس محمد مرسي .. وسبب ذهولي أني أدركت أن لا أحد في اليمن ينتقد الرئيس هادي بنفس الطريقة .. لا توجد قناة يمنية تنتقد هادي .. لا القناة التي يملكها الرئيس السابق.. ولا قناة الحوثيين .. ولا قنوات المشايخ سواء كانوا إصلاحيين أو مؤتمريين.. لا يوجد أحد سوى بعض الأصوات المدنية التي لا قناة لها.

وتذكرت كيف أنه بعد ذلك اللقاء الذي غادره الرئيس هادي غاضباً كنا كل ما ناقشنا ضرورة اللقاء بالرئيس بعدها ، تبرعت عدد من الشخصيات في اللجنة الفنية بسرد توجيهات في كيفية الحديث بأدب مع رئيس الجمهورية !

يا له من رئيس مدلل .. رئيس توافقي صعد إلى الكرسي ضمن صيغة تلاشت معها المعارضة .. تتصارع القوى السياسية فيما بينها لكنها كلها تتنافس على ود الرئيس .. لا أحد يتمرد على قراراته سوى القوى التي تمسها تلك القرارات بشكل مباشر .. ويظل تمرداً مؤدباً يحل ضمن صيغ لها علاقة بمصالح الجماعات لا مصالح  الناس والوطن.

حتى المجتمع الدولي يدلل هذا الرئيس، يدعمه ويتفهم تلك المبررات التي يسوقها له ويجعلها سنداً لتقصيره في المضي بخطوات حقيقية باتجاه الحقوق والحريات والحكم الرشيد.

حتى حين لم يلتزم الرئيس هادي بمعايير إنفاذ القانون والعدالة ومبادئ الحكم الرشيد، وأهدر فرص التحول نحو الدولة الوطنية التي نحلم بها ، وأساء إدارة المرحلة الانتقالية ، ووقف صامتاً أمام الأداء الحكومي الضعيف ، وغابت دولته باسترخاء من المحافظات التي تشهد حالات نزاع ، ووصلت العاصمة إلى حالة انفلات أمني غير مسبوق، وتدهورت في ظل قيادته حالة حقوق الإنسان ، وتم قمع المسيرات السلمية بنفس الأدوات التي ثار الناس ضدها ، وتمت استباحة الوظيفة العامة وخضعت للتقاسم ، وحتى وهو يحتفظ بقيادات مسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان لعقود سبقت ، ويوشك على إصدار قانون عدالة انتقالية مشوه ، ويصدر قرار بتشكيل لجنة تحقيق بدون أعضاء.. مازال رئيس مدلل .. لا تعارضه قوة سياسية .. ولا تنتقده قناة تلفزيونية .. وتغنجه أصوات ثورية .. وتستجيب له القوة الدولية.

والأهم من ذلك كله .. أن هذا الدلال المفرط لم يغمر قلب الرئيس حنية باتجاه القضايا العادلة .. بل على العكس.. زاده نفوراً .. فاختار أن يتمرجح بين سياسة إرضاء مراكز القوى  والاستناد على عشيرته وعائلته.. والأسوأ من ذلك أن كل القوى السياسية بما فيها المجتمع الدولي اختارت أن تتمرجح معه بما يحقق مصالحها ولو ضداً لمصالح المواطن اليمني المغلوب على أمره.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص