آخر تحديث :الخميس 28 نوفمبر 2024 - الساعة:00:36:01
الهجمة الشرسة على الصحف وحرية الصحافة .. دليل مبكر لموروث قمعي مستبد قديم
د. عبدالرزاق مسعد

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

الهجوم المستمر اليوم على الصحف الجنوبية والشمالية وحرية التعبير... ليس له إلا معنى واحد ألا وهو أن الموروث الاستبدادي والشمولي الذي صاحب الوحدة اليمنية المباركة التي اقيمت بين الشمال والجنوب في الثاني والعشرين من مايو 1990م من الأعلى لازال مستمر بالرغم من وجود قانون للصحافة يعتبر أول قانون للصحافة والإعلام في تاريخ اليمن شماله وجنوبه وهو أول قانون من نوعه في شبه الجزيرة العربية والخليج، وأَذن هذا القانون بتعدد الصحافة حكومية وحزبية وسياسية مستقلة، وإذن هذا القانون بمبدأ القبول بالرأي والرأي الآخر إلا أن ذلك لم يرق لنظام العائلة ونظام الفرد الاستبدادي الذي انقض أولاً على الوحدة اليمنية وانقض على شعب الجنوب بقوه غاشمة وعبر حرب أعد لها وحظر لها منذ اليوم الأول للوحدة معتمداً على الغلبة العددية الشمالية ومستخدماً ومتحالفاً مع أكثر القوى الإسلامية المتطرفة والوسطية الأكثر طمعاً وجشعاً ومستفيداً من التراكمات المادية، المالية والعسكرية الهائلة للتحالف العربي والإسلامي والغربي الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية من سنوات الحرب الباردة وحاول نظام الاستبداد الشمالي بحرب 1994م وبحروبه المتنوعة والعديدة على الجنوب أن يلغي ويشطب شعباً كان طرفاً في وحدة سلمية... في محاولة بربرية ووحشية ليس لها مثيل إلا في حروب البربرية والوحشية التي شهدتها البشرية في الزمن البدائي الأول ومنذ القرون الوسطى الممتدة حتى أوائل النصف الأول للألفية الثانية ونشوب الحربين الكونيتين الأولى والثانية في القرن العشرين الماضي.

كان النظام السياسي منذ حرب 1994م وحتى أوائل العام 2000 الميلادي يعيش حالة من الزهو والغرور واعتقد أنه أخضع الشعب الشمالي والجنوب بالقوة المذهلة وهو ما أشبع نفوس عدد كبير من النخب والمجتمع السياسي الشطري الشمالي العنصري السياسي والقبلي وهو ما شجعه للانقضاض على أبناء الشعب في صعدة في شمال الشمال في حرب طاحنة دمرت مدن وقرى صعدة واحرقت خيراتها ومزارعها في ست حروب استمرت حتى أواخر عام 2006م وتعامل مع الصحافة بمرونة المنتصر على أساس من الرقابة الذاتية الأولية للصحافة والصحفيين وعلى التدخل الغير مباشر في مضامين ماتنشره الصحف، إلا أن حروبه المستمرة في صعدة وحروبه المستمرة على الجنوب والقتل الدوري والتدمير لمدن الجنوب وسكانها وخصوصاً بعد قيام ثورة جنوبية سلمية مباركة في الجنوب ضد آثار الوحدة وحرب 1994م الإلحاقية القاتلة لشعب الجنوب... هذه العوامل ومنذ 2004م وحتى قيام ثورة الحراك السلمي والثورة السلمية العظمى للتغيير في الشمال عام 2011م عاد النظام وبقوة بعد أن أمعن في تغيير الدستور الذي قامت على أساسه الوحدة اليمنية وعمد على تغيير القوانين والانقضاض على نظم الانتخابات المحلية، ومجلس النواب والانتخابات الرئاسية... إلخ، وهو بذلك إنما أكد لليمنيين جميعاً وللرأي العام العربي والعالمي بأنه بعدما انقض على الوحدة اليمنية بالحرب وبالتدمير وبالقتل والتنكيل بشعب الجنوب فإنه قد نجح إلى حدٍ كبير جداً في القضاء النهائي على الديمقراطية المكون الثاني لقيام الوحدة اليمنية... إن من أهم تلك الدلائل المأساوية على الديمقراطية وحرية التعبير أن النظام بعد عام 2004م عاد وبقوة وبصورة مباشرة لقمع الصحافة في الشمال والجنوب ونكل بالعديد من رؤساء تحرير الصحف والكتاب الأجلاء وأحالهم إلى المحاكم الاستثنائية وتعرضت أغلب الصحف المستقلة سواء كانت شمالية أو جنوبية مابين أعوام 2007-2008-2009م حتى قيام ثورة التغيير السلمية الجبارة فكانت السلطات في أبريل عام 2008م قد أقدمت على عمل أرهابي لعدد من رؤساء تحرير الصحف وأبرز تلك الصحف صحيفة الوسط المستقلة الشجاعة الحاملة للرأي والرأي الآخر حيث أقدمت السلطات على سحب الترخيص الرسمي للصحيفة وجرى جرجرة رئيس تحريرها الجليل جمال عامر إلى المحاكم وكان قد تعرض في وقت سابق للاختطاف والأذى الجسدي بطريقة همجية ووحشية.

وفي نهاية مايو من عام 2009م وكتتويج مستمر منذ أكثر من سنتين للأعمال القمعية لصحيفة الأيام العدنية وصاحبها المرحوم هشام باشراحيل طيب الله ثراه، وأخيه تمام باشراحيل... قامت قوات الأمن بمحاصرة صحيفة الأيام بعدن وصادرت أعدادها من على مفترق الطرقات الداخلية ومابين المحافظات ومارست الإرهاب على أصحابها وعلى تدبير المحاكم الكيدية وأخيراً وليس آخر تم بطريقة فجة قمعية الاعتداء المسلح على مقر الصحيفة في عدن باستخدام الأسلحة الثقيلة والخفيفة ولازالت صحيفة الأيام موقوفة حتى بعد وفاة رئيس تحريرها الوطني الجليل الكبير هشام رحمهُ الله وذلك بعد انتصار ثورة التغيير المستولى عليها قسراً من قبل مراكز القوى المنتمية إلى البنية التقليدية التي انتجت النظام العائلي الاستبدادي...

إن كل ذلك قد حصل فقط بسبب هو أن الأيام كانت تؤدي دورها في ايصال المعلومة للشعب ولأنها تدافع عن القضية الجنوبية والظلم الجائر في الشمال ولأنها دافعت عن حق الجنوبيين في مطالبهم لإلغاء الظلم والجرائم المرتكبة في حقهم منذ حرب 1994م... وكل ذلك كان يسمح به الدستور منذ زمن الوحدة والقوانين اليمنية والعالمية لحرية الصحافة وحقوق الإنسان.

لقد أوقفت صحف جليلة وسجن أصحابها وتم الاستيلاء على أعداد من صحفها كصحيفة النداء التي لم تعد للنشر بسبب القمع الدوري لها ولرئيس تحريرها، وكذا صحيفة الشارع التي تحملت أشنع العذابات والتنكيل، والمصدر والديار وصحيفة الوطني وهي الأخرى توقفت عن الصدور والمستقلة، وتم التنكيل بصحيفة الطريق وصاحبها الوطني الجليل أيمن محمد ناصر الذي حوكم وأتهم بالحوثية والعمالة للأجنبي.... إلخ.

وهناك الكثيرين من الكتاب الأجلاء والقامات الإعلامية الكبيرة تعرضوا للقمع والتنكيل والمحاكمات الكيدية ومنهم الكاتب والعالم والفيلسوف العربي والوطني الجليل الأستاذ/ أبوبكر السقاف والذي تعرض للأذى الجسدي البشع والأستاذ خالد إبراهيم سلمان رئيس تحرير صحيفة الثوري الأسبق... كما تعرض الشخصية الوطنية والكاتب الشهير/ عبدالكريم الخيواني لأبشع صنوف القمع والمحاكمات والسجن ولحق به الأخ الوطني الجليل/ محمد محمد المقالح.

ما أشبه الليلة بالبارحة:

لقد أجمع عدد من الكتاب والباحثين الأجلاء وعدد من الصحف الشمالية والجنوبية إن نظام الاستبداد يجري إعادة تشكيله من جديد بعد انتصار ثورة التغيير السلمية بإزاحتها لرأس النظام الجمهوري العائلي المستبد وبمضمون الاستبداد الجماعي لحزب الإصلاح المستولي على السلطة باسم أحزاب اللقاء المشترك الذي تحول طوعاً أو قسراً إلى إطار فضفاض في خدمة المستولين على الثورة الشبابية وإن الواقع الحالي للحياة بأكملها يثبت ذلك كل يوم منذ انتخابات فبراير 2012م دون إنكار بأن خطوات إيجابية مهمة حققتها السياسة الداخلية والخارجية للرئيس عبدربه منصور ولرئيس الوزراء محمد سالم باسندوة، إلا أننا وبأمانة نلحظ بشكل ملموس دلائل على استمرار الموروث السياسي والثقافي القديم المستبد بعدد من الممارسات للقوى الجديدة في الحكم وهي ممارسات فجة وممقوتة في العملية السياسية والإعلامية ورافضة للرأي والرأي الآخر وحرية التعبير وسياسياً تجسده في التالي:

1)  الحملة الإلحاقية والجبرية المهددة بالقتل والحروب التي شنها ويشنها عدد من قادة النخب السياسية والتقليدية القبلية بقيادة حزب الإصلاح وزعامته التقليدية الشيخ صادق الأحمر واخوانه وبعض مشائخ بكيل والمدعومين من عصبية الجاهلية الأولى وعنصريتها الضالة على أبناء شعب الجنوب وثورته ثورة الحراك السلمي المستمر منذ أكثر من خمسة أعوام التواقين اليوم للحرية وتقرير مصيرهم بأنفسهم بعد معاناة البؤس والقتل والتدمير من نظام العائلة السابق ومن حلفائه بالأمس في الحروب الداخلية والخارجية وحرب 1994م الشهيرة التي ذكرتنا والعالم أجمع بحروب القرون الوسطى البربرية والوحشية الممقوته من شرفاءاليمن شماله وجنوبه وشرفاء العرب وحماة الإسلام الجليل دين العدالة والحق العظيم دين محمد صلى الله عليه وسلم إلى البشرية جميعاً... والممقوته والمدانة بكل الأعراف والقواميس والقوانين من المجتمع الدولي والإنساني وفي طليعة أولئك منظمة الأمم المتحدة وشعوب العالم المتحضرة.

2)  موقف حزب الإصلاح وحلفائه الجنرالات من ديمومة الثورة الشبابية للتغيير واستمرارها والموقف من المرأة وإعادة إنتاج نظام الاستبداد بطريقة جماعية على أساس قيم الجاهلية الأولى.

3)  القمع المتعمد لصحف يعينها مثل صحيفة الأولى الصادرة في صنعاء وعدن ومحاولة قمع دورها التحرري الذي بدأته منذ تأسيسها مع فجر قيام ثورة التغيير وهو ما أنعكس على التهم الكيدية للصحيفة ورئيس تحريرها الجليل محمد عائش.

4)    القمع المتعمد والمستمر على جميع الصحف الجنوبية الداعمة بل والناطقة بحال شعب الجنوب المكافح منذ أعوام عدة والانتفاضة الحاسمة لأبناءه على طريق تحقيق حق تقرير مصيره بنفسه وفي مقدمة تلك الصحف صحيفة الأمناء الموقرة وصحيفة القضية التي تأسست حاملة على كاهلها القضية الجنوبية وتحملت مع صحيفة الأمناء المعاناة المؤلمة والملاحقة الأمنية والعسكرية لها والاستيلاء على أعدادها من قبل النقاط العسكرية بشكل مستمر والإيقاف القسري تارة والجرجرة في المحاكم تارة أخرى وهو ماتعرضت له صحيفة الأمناء ورئيس تحريرها الوطني الجليل عدنان الأعجم وصلت درجة الاعتقال ومحاولة القتل عندما تعرض منزله عدة مرات لإطلاق النار وكذا تعرض الأستاذ الوطني الجليل عيدروس باحشوان المشرف العام للصحيفة وهيئة التحرير للمضايقات الأمنية، وكانت صحيفة عدن الغد هي الأخرى منذ تأسيسها تعرضت للأذى والمصادرة لأعداد صحيفتها والاستيلاء عليها من قبل الأشاوش في النقاط الممتدة عشرات ومئات الكيلومترات بين محافظات الجنوب!! وتعرضت صحيفة وفاق لنفس الأساليب والتي توقفت لأسباب مالية مؤخراً.

أما السر وراء هذا كله فهو يكمن أولاً وهو دليل قاطع علمي لايمكن له أن يزول وهو أن الموروث القديم هو سلوك الجديد بعد أن استولت قوى الظلام والظلال على الحكم وعلى حقوق الثورة الشمالية السلمية للتغيير المنتصرة على النظام العائلي القديم ورأسه الكبير وهو إنجاز لا يستهان به ولازال الثوار الحقيقيون يأملون تحقيق المزيد بإذن الله تعالى.

ثانياً إن الصحف الجنوبية سواء تلك المستمرة منذ الوحدة أو الصحف التي تأسست للذود عن القضية الجنوبية شكلت جبهة ضاربة إلى جانب عدد من المواقع الإلكترونية وأصبح من الصعب القضاء على هذا الصوت العالي المكافح لإعادة الحق الضائع والمغتصب لأبناء الجنوب من جراء الظلم الصارخ الذي لحق بهم بسبب الحروب الدامية عليهم من قبل الطغم الظالمة والضالة والمتجبرة بالأمس واليوم وهي لاتقبل الحق ولا العدل ولا التغيير وبدلاً عن ذلك تنهج طريق القتل والنهب والسلب المكروه والمدان من كل أبناء الوطن والإسلام والإنسانية.

صحيفة (القضية) صحيفة مجاهدة بامتياز

عندما تأسست صحيفة القضية منذ ماقبل قيام ثورة التغيير السلمية في صنعاء كان واضحاً وضوح الشمس بأن الصحيفة قد نهجت منذ ولادتها نهجاً ثابتاً لدعم القضية الجنوبية التي تيمن صاحبها بتسميتها بالقضية تيمناً بأكبر قضية وأخطرها على تاريخ الجنوب وأهله وحملها الإنسان في الجنوب على أبواب القرن الواحد والعشرين من الألفية الثالثة الميلادية... وكانت أهلاً لذلك فقد انظمت إلى صحيفة الأيام والطريق وصحيفة التحديث والوطني في عدن وصحف أخرى وإلى صحف جليلة تصدر في صنعاء منها على سبيل المثال الوسط والشارع والشراع والمستقلة والديار والمصدر... إلخ في الدفاع عن أصحاب هذه القضية المقهورين والمظلومين على اختلاف الرؤى والآراء والاتجاهات وعانت وصاحبها من الأذى ماعانوه الجميع حتى يومنا هذا وكان معه الأجلاء ماجد الداعري وعبدالحاج والدكتور علي جار الله، ولهذا لا داعي للجحود المتعمد والغير متعمد في حق هذه الصحيفة وفي حق كل الصحف المدافعة عن الحق والحرية والاستقلال وتقرير المصير والراي والرأي الآخر بسبب أن رأياً أو خبراً قد نشر من على صدر أي صحيفة فهذا الرأي أو الخبر ربما أنه نوع من أنواع الغيرة والألم ولربما أنه جرح آخرين أو أنهم لم يفهموه فإن هذا الزمن الجديد بكل تعقيد أنه وبكل أساليب الممانعة يسمح بالنقاش وبالتعليق وبالرد... ويجب بأن يكون كذلك بأجمل مافي اللغة العربية من بهاء وجمال ومعاني وثقافة وأخلاق، ولأن التخوين أصبح لغة المستبدين والأقصائيين والألغائيين وأصبح من ماضي الشمولية التي لايجب أن تتكرر وأصبح اليوم بمعايير الصحف الثائرة لتحقيق حلم الجنوبيين في الحق والحرية والاستقلال وبدعم الجنود المجهولين الشماليين والجنوبيين يعتبر ذلك من علامات الجحود البائدة والنتنة للحاقدين والحاسدين الضعفاء.

تحية من القلب

إلى جميع الصحف الثائرة المذكورة في مقالنا المتواضع ولأصحابها وفي مقدمتهم الأخ الأستاذ الجليل الوطني الوفي لوطنه عبدالسلام جابر ابن أخي وزميلي الثائر علي محمد جابر وحفيد الوطني المناضل الشيخ محمد جابر تغمدهما الله برحمته وتحية خاصة للقائمين على الصحيفة ومنهم أديب السيد والمبدع الكبير الجليل عبده الحاج الجندي المجهول وراء هذه الصحيفة المباركة.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل