آخر تحديث :السبت 28 ديسمبر 2024 - الساعة:14:48:12
الحوار الوطني .. (( ماحد يحط المصاويب فوق المقاتيل))
حيدرة ناصر الجحماء

السبت 00 ديسمبر 0000 - الساعة:00:00:00

يعاني اليمن من تركة كبيرة, ومخلفات جمة, من قبل ثورتي سبتمبر واكتوبر, حيث بقيت المشاكل والازمات تعصف باليمن, مثل كرة الثلج المتدحرجة دون معالجات جذرية في شمال اليمن وجنوبه وبين الشطرين, حتى خلفت جروح عميقة هنا وهناك, ثم استبشر اليمنيون بالوحدة وانها ستكون العلاج الشافي, لكن ذلك لم يحدث ولم ينقل اليمن الى الامام لان مشروع الوحدة كان مشروع عاطفي وولد ميتا والظروف لم تكن مؤاتيه له, حيث عاش كل شطر بطريقته منذ عقود من الزمن, فكان للجنوب وضع خاص ورثه من بريطانيا, وادارة رسخت النظام والقانون في اذهان الناس, بعكس الشمال الذي بقي يسير على الطريقة التقليدية والسوق الحر, فيما اعتمد الجنوبيين على الدولة في كل شيء, وصارت شراكة بين المجتمع والدولة و مؤسسات القطاع العام, فكان التعليم والصحة مجانيان, والوظيفة العامة متوفرة بيسر, ولم يراعي ذلك المتفقين على الوحدة في العام 90م, فلم تدم فرحة الوحدة وكانت اثار نهاية الحرب الباردة لها فعلها ايضا, فما جرى هو انعكاس لعداء قديم بين المعسكر الاشتراكي والمعسكر الرأسمالي, فتفجرت الازمة بين الشركاء, ثم اندلعت الحرب في صيف 1994 لتزيد الطين بلة, وسرعان ما تهاوى المشروع الوحدوي الذي بني دون اعمدة ومقومات,  وترتب على تلك الحرب انعكاسات كبيرة احدثت جرح عميق يصعب اليوم تضميده وعلاجه خلال فترة انتقالية قصيرة, ومع الاسف لم يستوعب البعض متطلبات المرحلة,  بل لازال يلوك الماضي ويسير عكس التيار.

ان الحوار هو الحل الوحيد والطريقة الحضارية وهو لغة العصر, لكن يجب الادراك ان التركة كبيرة, وان الارضية ملغمة وغير صالحة لإنجاح الحوار, كما يجب عدم حشو الحوار بقضايا عادية  حتى لا يفقد الحوار قيمته, واذا ما توفرت النوايا الحسنة, وطرحت القضايا بحجمها, بالتأكيد ستزول العقبات, وتقل مبررات الهروب من الحوار, والسؤال الذي يجب ان يطرح هو, هل الاولى  يكمن في طرح القضايا وتثبيتها؟ ام البحث عن من يناقش تلك القضايا؟

   الطرف الجنوبي غير متفق على طريقة المعالجة, لكنهم متفقين على ان الوحدة اسقطتها الحرب,  ومتمسكون بقضيتهم, فهل تسقط عدالة القضية الجنوبية في حال اصر الجنوبيين على الدفاع عن  قضيتهم؟ وهو حق مشروع!  كما ان الإخوة في الشمال غير موحدين ومختلفتين على السلطة, وان كانوا متفقين على الوحدة , وعلى هذا الاساس  يجب ان يبدا الحوار بين الجنوب والشمال و يعترف الجميع بان الوحدة اسقطتها الحرب, وان معالجة الامر تقع على عاتق الجميع وعلى الطرفين اختيار من  يمثلهم بالمناصفة, اذا ما ارادوا الحل, والامن والاستقرار لليمن والمنطقة.

لقد فشل الاستقواء الداخلي وذهب الى غير رجعة, فهل تمارس الدول الراعية الاستقواء بفرض الوحدة على طريقة حرب 94م,  بطريقة الحوار واختيار الشخصيات المناسبة الجنوبية الباحثة عن الكرسي والبائعة لقضاياها, واعتبارها ممثلة للجنوبيين, وترك الجنوب وقضيته دون معالجة, وبذلك لن يصلوا الى ابعد مما وصل اليه الرئيس السابق علي عبدالله صالح  بعد حرب 94م.

الوضع في اليمن ليس بالأمر السهل والهين, فهو ربما يكون اصعب من الوضع السوري, لان اليمن وضعه مختلف على دول الربيع العربي التي مطلبها سقوط الانظمة فقط, فاليمن دولتان في دولة, وبحاجة للبحث عن مخرج يتم فيه موافقة الجنوبيين على النظام القادم, والخروج من النفق المظلم التي تعيشه اليمن, ونجن لا نقول ذلك نقول ذلك تجنيا ولا انحيازا ولا اماني ولا سياسة كما قد يعتقد البعض ولكن نقوله من فهمنا لواقع الارض, ولان اقامة الحوار على ارضية غير سليمة ستكون له انعكاسات سلبية على الساحة اليمنية وعلى المنطقة,وعلى الجميع ان يحذر من تكرار الاخطاء, او كما يقول المثل البدوي الجميل (( ماحد يحط المصاويب على المقاتيل)).

والله من وراء القصد

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص