آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:01:26:46
الخارجون على المخرجات
نزار أنور

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

منذ الوهلة الأولى لانطلاق ما عرف بمؤتمر الحوار الوطني الشامل رأينا امتناع القوى التقليدية المعروفة عن المشاركة والحضور في أولى جلساته في دلالة واضحة لعدم الرضى من انعقاده، وذلك لمعرفتهم المسبقة، أو دعونا نقول توقعاتهم المسبقة بنتائج مخرجاته، التي ستكون ملزمة لهم بتنفيذها، وذلك وفقا لما نصت عليه المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية والمزمنة، ومع ذلك حضر من ينوب عنهم أو يمثلهم من أحزاب سياسية أو دينية أو قوى قبلية وعسكرية واجتماعية، وشارك فصيل من الجنوب ولم يدع تمثيله لشعب الجنوب، على الرغم من المسمى الذي أطلقه على نفسه (مؤتمر شعب الجنوب)، وبدأ معترك الحوار وسرعان ما تشكلت اللجان العاملة وعددها تسعة، وبدأت أعمالها إلى أن جاء موعد رفع تقاريرها النهائية لتقدم جميعها تلكم التقارير، ما عدا اللجان المتعلقة بقضية الجنوب وقضية صعدة وقانون العدالة الانتقالية، لنرى الصراع يظهر على السطح مرة أخرى ونرى المشادات الكلامية والتغيب عن الجلسات والتملص من التوقيع كل ذلك نقلته وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، ولم نكن وحدنا من يراقب، فقد كان العالم معنا يرى ويراقب كل تلك الأحداث، ويبدو أن هذا ما لم تدركه تلك القوى المتصارعة أو تغافلت عنه لاعتقادها أنها هي المسيطرة على المشهد برمته، وأن بإمكانها أن تفعل ما يحلو لها ليخرج العالم عن صمته المطبق، وعبر مبعوثه الدولي السيد جمال بن عمر، ويصرح أن النخب في الشمال تخشى من منح الجنوبيين أبسط حقوقهم لخوفهم من قيام دولة مدنية في الجنوب، وانهيار الوضع القائم (اللا دولة) في الشمال، الأمر الذي يهدد مصالحهم، فهرع المتناحرون صوب بيت الرئيس عبدربه منصور هادي ليلا ليوقعوا على الوثيقة النهائية المتعلقة بشكل الدولة، والمتضمنة حل القضية الجنوبية (الحلول والضمانات)، وبقية القضايا محل الخلاف بعد ذلك التصريح للسيد جمال بن عمر، لتعقد بعدها بأيام قلائل الجلسة الختامية للمؤتمر بعد تأخر دام قرابة الثلاثة أشهر عن موعد انعقادها.

أدركت تلك القوى الخارجة منذ البداية على المخرجات أنها وقعت على صك نهايتها و نهاية عهدها و بداية عهد جديد، كما أعلن ذلك الرئيس عبدربه في الجلسة الختامية للمؤتمر بشكل ضمني لتأتي المفاجأة التي لم تكن تلك القوى تتوقعها من وجهة نظري، وهي خروج القرار الأممي المتعلق بالعملية السياسية في اليمن تحت الفصل السابع في استباق دولي لأي تهديدات قد تنتج وتؤدي إلى انهيار العملية السياسية برمتها، ووضع سيناريوهات أخرى محتملة تمنع حدوث ذلك، أو على أقل تقدير السيطرة على الموقف في وقته بما يحافظ على السلم والأمن العالمي والدولي.. وذلك يحتمل عدة خيارات متعلقة بمنطقة المصالح الدولية الموجودة في الجنوب والشمال أيضا.

فبدأت مراكز القوى الخارجة والمتذاكية تمارس لعبتها التي تجيدها لعبة (فزاعة القاعدة)، معتقدة أن العالم سيخفف من وطأة حديثه معهم وسيراجع حساباته ويمنحهم تسويات أخرى، إلا أن ذلك لم يحدث، بل ازداد العالم تمسكا بخياراته وبدا أكثر إصرارا ودعما لها، ليأتي الدور على القيادة السياسية والعسكرية معا لتمسك بزمام المبادرة بعد مهادنة طويلة مع تلك القوى للحفاظ على التركيبة التوافقية للمعادلة السياسية، التي كانت المبادرة الخليجية هي من وضعت عناصرها ولأنها مزمنة ووقتية كان لابد من تغيير تلك العناصر لصنع معادلة أخرى، مواكبة للظروف الموضوعية والزمنية فاجأت الحرب على القاعدة في أبين و شبوة من أجل إحداث ذلك التغيير، ونجحت القيادة العسكرية في مهمتها واستثمرتها القيادة السياسية خير استثمار لينقلب السحر على الساحر، فما كان بالأمس هو أداة لنضرب الآخرين بها أصبحت أداة نضرب بها.

وسريعا ما لاحظت تلك القوى ذلك التغيير، فاضطرت إلى تغيير استراتيجيتها في التعامل مع الأحداث فاستخدمت أسلوبا آخر هو ليس جديدا أيضا، فقد استخدمته في محاولة احتواء أزماتها السابقة التي مرت بها، وهو أسلوب (خلق وإدارة الأزمات) من أجل البلوغ إلى الغايات، وهي الانقلاب على مخرجات الحوار، ولكن هذه المرة من خلال وزرائها الممثلين عنها في حكومة الوفاق، وفعلا تم خلق تلك الأزمات وإدارتها وإخراجها إلى المواطن البسيط على تلكم الشاكلة لتضيف معاناة إلى معاناته ومستفزة شعوره باليأس والإحباط حتى يخرج ليقطع طريق أو يحرق إطارات السيارات ويهتف وينادي بعودة الحال إلى ما كان عليه سابقا، الذي لا يقل بؤسا وشقاء مما هو عليه اليوم غير مدرك ذلك المواطن البسيط ما وراء الأكمة باحثا عن من يسمعه ويرثى لحاله.

ونرى ذلك المخطط واضح و ليس ادعاء من خلال التصريح الذي خرج به الرئيس الأمريكي أوباما، الذي أعلن فيه تمديد حالة الطوارئ في اليمن وتحدث عن تورط وزراء في الحكومة اليمنية بأعمال تهدد أمن وسلامة اليمن والأمن القومي الأمريكي.

لذلك؛ فإننا نقول إن عملية الوفاق الزائفة والمحاصصة الواقعة ما هي إلا تأخير لاندلاع فتيل الأزمة الحقيقية، ولن ينتهي خطر تلك الأزمة إلا بانتهاء تلك الكذبة الكبيرة وزوالها، وسيبقى الخارجون على المخرجات يمارسون ألاعيبهم متى ما بقت تلك المحاصصة قائمة!!

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص