آخر تحديث :الاربعاء 27 نوفمبر 2024 - الساعة:11:45:46
أي جنوب نريد؟
قاسم داؤود

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

قضايا هامة ومصيرية وشائكة يتوجب على القوى والمكونات والرموز والشخصيات والوجاهات الجنوبية المختلفة وفي مقدمتها الحراك السلمي أن تقف أمامها ومن خلال حوار جاد, وعبر مؤسسة حوارية  وآليات عمل يتم التوافق عليها.

توجد قضايا وتطورات يمتلك الجنوبيين بتنوعهم إزاءها مواقف موحدة مثل رفضهم للوضع الراهن الذي يعيشه الجنوب, وتبني خيار النضال السلمي القابل للتطوير وتوسيع المشاركة وعملية التصالح والتسامح التي تتطلب هي الاخرى طابعاً شاملاً وأن تتعمق قيمها وثقافتها, وللجنوبيين جميعاً مصلحة في التعاون والتضامن لحماية من تبقى لهم من أمن وحقوق وسبل عيش وحماية مجتمعهم.

توجد اختلافات في وجهات النظر إزاء طائفة أخرى من القضايا مثل الحلول المطروحة للقضية الجنوبية والموقف من العملية السياسية وفي مسائل أخرى. كما وهناك مخاوف وشكوك وقدر من عدم الثقة مستمدة من الماضي أو خاصة بمستقبل الجنوب.

اجراء الحوارات حول هذه القضايا وغيرها يُعد ضرورياً لتحصين البيت الجنوبي وحماية الوحدة الوطنية الجنوبية وتمكين مختلف القوى من السيطرة على الوضع والارتقاء في علاقاتها البينية بما يمكنها من مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل, وغير ذلك ستكون له نتائج وخيمة وارتدادات خطيرة على الساحة الجنوبية وعلى وحدة المجتمع الجنوبي ومتطلبات تصعيد النضال السلمي.

والحوار لا بد أن يؤدي إلى مخرجات تمكن من إصلاح وتصحيح وإعادة نظر بمفاهيم وممارسات أضرت في الماضي وكما هو الحال اليوم, وتستغلها أطراف أخرى لتوسيع الانقسامات والاختلافات الجنوبية وتعريض المجتمع لمزيد من التشرذم, وأود الإشارة هنا إلى ماله صله بالعلاقة بين المحافظات ودور كل منها وتأثيرها وحضورها في الحراك السياسي والثوري والاجتماعي الذي تشهده ساحة الجنوب.

أن الممارسات التي تحمل معها نزعات الاقصاء والتهميش لهذه المحافظة أو تلك لهذه القوى أو تلك تستلزم المعالجة والتصحيح.. وحان الوقت لإعادة النظر بشعارات وقناعات ضارة  ومنها مفهوم عدن للجميع الذي يحمل في داخله قدر من الظلم والتعدي على حقوق مجتمع المدينة وقد آن له أن يصبح من الماضي.

أن تجربه الماضي بجوانبها السلبية ونتائجها الكارثية تدل على أن من أهم الأسباب والعوامل التي أوصلت الجميع إلى الوضع الذي يعيشونه اليوم يتمثل في الإستبعاد والإقصاء والتهميش للكفاءات وذوي القدرات والمعرفة وفي كافة المجالات وتقليص دور العنصر المدني الواعي ومجتمع المدينة بشكل عام والمجتمع العدني بوجه خاص.

أن كان الجميع ان استفادوا حقاً من عبر ودروس الماضي ويتطلعون إلى انتصار شعبهم في إستعادة حقه في الحرية والسيادة على أرضه وقيام دولته المدنية الجديدة وتشييد مستقبل أمن وضامن للجميع   فالأمر يتطلب الحرص والعمل في سبيل أن لا تتكرر أخطاء الماضي وعلى أي مستوى وتحت أي مبرر. أن بلوغ الأهداف بأقل قدر من التضحيات والخسائر والمعاناة يتطلب إلى جانب أشياء أخرى أن تتطلع بقيادة العملية الثورية والسياسية قوى مدنية مقتدرة وان يؤسس وعلى كل مستوى لقاعدة من الشراكة الحقيقية والمتكافئة بين المحافظات ومختلف القوى السياسية والإجتماعية, وأن لا يستأثر أي حزب أو منظمة أو مكون أو جهة جغرافية أو منطقة أو قبيلة أو فرد بعملية صنع القرار وتحديد التصورات المستقبلية وقيادة النشاط, و مصادرة ما يعد اختصاص لطرف أخر.

من الضرورة بمكان أن يثق الناس (ومن حقهم أن يطمئنوا) أن المستقبل الذي ينشده الجميع ويضحون من أجله سيوفر لهم حياة كريمة وحرية ورخاء وسيعوضهم والأجيال القادمة عن معاناة ومكابدة وتقلبات وتدهور شامل.

وفي إطار الاشارة لهذه المسألة وإفرازاتها وكيف جرى التعاطي معها في مراحل مختلفة يحضرني هنا ما دار في لقاء جرى في عدن بعد زمن من إعلان الوحدة وجمع الرئيس الأسبق بنخبة من قيادات وشخصيات ورموز محافظة عدن, الذين تحدث كثير منهم عن ظلم وتهميش وجور لحق بأبناء عدن في المرحلة السابقة, وأنهم يتطلعون إلى العهد الجديد بأن ينصفهم ويٌعيد الاعتبار لعدن ومجتمعها, فما كان من الرئيس الأسبق إلا أن قال للحاضرين ((مابش عدن للعدنيين)) وأضاف ((عدن لكل اليمنيين من المهرة إلى الصعدة)) وأشتد واتسع الظلم الذي طال الجميع, وتعرضت عدن كما غيرها من مناطق الجنوب لأخطر المشاريع التي استهدفتها كما أستهدفت مواطني الجنوب بشكل عام.

ليس من شيم وأخلاق من يدافعون عن قضايا عادلة كالقضية الجنوبية ويناضلون من  أجل بلوغ تطلعات وأهداف إنسانية مشروعة أو يكيلوا بمكاييل مختلفة, فبالقدر الذي يتم فيه النضال للتخلص مما ألحقته ومارسته قوى الضم والإلحاق الشمالية بالجنوبيين بذات القدر من الهمة والإخلاص والعزيمة والصدق يجب العمل من أجل التخلص ومعالجة كل ما لحق بشرائح وجماعات سكانية في الجنوب وما نشئ في إطار العلاقات البينية الجنوبية الجنوبية من اختلالات, والعمل من أجل أن لا تتكرر لا في الحاضر ولا في المستقبل وهو الأمر الذي يتطلب وإلى جانب النوايا الحسنة مواثيق ملزمة ونصوص دستورية وقانونية. أن عملاً كهذا يٌعد ضرورة وضمانة لجنوب موحد ولمشروع وطني-سياسي واحد ومستقبل واعد للجنوب وشعبه.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل