آخر تحديث :الجمعة 19 ابريل 2024 - الساعة:10:12:09
مدارس عدن وسينما "بلقيس"
بلال غلام حسين

الجمعة 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

عجبت لأمر هذه المدينة، وعجبت أكثر للقائمين عليها!! ولكن الأغرب وما يحز في النفس هو الحال التي وصل إليها أبناؤنا على الرغم من توفر كل مقومات العلم والتكنولوجيا بين أيديهم ولكنهم تفرغوا لنواصي الشوارع لمضغ القات والسهر حتى ساعات الفجر الأولى، مما سبب في فساد أخلاقي وتعليمي مزرٍ في آن واحد, وهذا ذكرنا بمنلوج عدني قديم يقول في مطلعه الفنان:

يوم الخميس بدري باروح لسوق القات

باضيع الفلسات من جيبي ومن كمري

با شُللي زربه وباضيع الكربة بادكي وباخزن لمطلع الفجر

القات خلانا أجري وراء الخرمة

مرة أبيع فوطة مرة أبيع جزمة

لاسامحك يا قات ضيعتلي الحرمة

أما اليوم أولادنا مايبيعوش جزم وفوط, ولكنهم يبيعون الدسوت والمقالي والشوالية حق بيوتهم وكله بعدك يا قات ويعزى ذلك لسببين وهما:

غياب الدور التربوي في البيت وغياب الدور التوعوي التعليمي في مدارسنا، لأن مدارسنا وللأسف الشديد أصبح حالها كحال سينما بلقيس لصاحبها (جعفر ميرزا) والتي كانت تقدم لنا ثلاثة عروض للفيلم يوميا، لراحة اختيار الوقت المناسب لمرتادي السينما، حين كان التوقيت من 3-6 ومن 6-9 ومن 9-12 وكانت هذه السينما وغيرها منبرا ثقافيا وتعليميا يستفاد منه، حيث كانت تؤدي دورا ثقافيا عظيما، وحال مدارسنا اليوم هو كحال سينما بلقيس تمشي ثلاثة أشواط، ولكن ما يحدث فيها هو العكس من غياب للثقافة التعليمية والتوعوية وتدمير أخلاقي في ظل غياب الدور التربوي الذي كان يؤديه معلمونا قديما.

لم يعد للتعليم وجود, لم يعد للإدارة حضور فأصبحت مدارسنا لا يتخرج فيها كل عام إلا غشاشون وبلاطجة إلا ما ندر، والسبب في ذلك أقولها للأسف أن بعض المدرسين والذين تقع على عاتقهم تربية الأجيال وتلقينهم العلم هم من خريجي هذه السينمات أبو ثلاثة أشواط ولم يتم اختيارهم بحسب المواصفات التي تتطلبها الإدارة التربوية، وتحصلوا على شهاداتهم من الغش والرشوات، لذا نرى في مستشفياتنا أطباء فاشلين ومهندسين أميين ومدرسين بلداء وحدث ولا حرج!!!

وكلامي هذا لم يأتِ من فراغ وإنما من خلال ما يحدث أمامنا من شواهد ظاهرة وبائنة للعيان من أساتذة يتعاطون القات مع طلابهم بالإضافة للمزاح والرشاوى! عكس ما كان يحدث في السابق، عندما كان يرى الطالب مدرسيه في الشارع يلوذ بالفرار إلى الشارع الاخر توقيرا وتبجيلا له.

والظاهرة الأخرى هي عملية الغش الحاصلة في مدارسنا والطرق العديدة والبارعة التي تبتكر لإيصال براشيم الغش إلى مدارسنا عبر طلابنا ومدرسينا وأضف إلى ذلك بعض حماة الشعب والأمن الذين يعملون كهمزة وصل بين الطرفين مقابل المال.

اليوم أدخل السلاح عبر البلاطجة يحوم في حرم مدارسنا ، مدارسنا تستلم توجيهات وفرمانات من جهات عليا بعدم إفشال أي طالب فيتخرج الغشاش بنسب كبيرة من العلامات وكل هذه الأسباب التي ذكرتها لم تعد مدارس عدن يتخرج فيها عباقرة وجهابذة في التعليم كما كان يحصل قديما على الرغم من قلة الموارد والتكنولوجيا كما هو متوفر الآن.

وأخيرا أقولها إذا لم تكن هناك ثورة تغيير جذرية في مجال التربية والتعليم وتهيئة بيئية صحية وحديثة لطلابنا، فبشروا بجيل جديد متسلح ليس بالعلم والأخلاق وإنما بالرشاشات والبلطجة وقد بدأت شواهدها بائنة للعيان في طرقاتنا اليوم!!

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص