آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:01:26:46
قضية الجنوب .. و(قمرية) الشمال !!
جلال عبده محسن

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

كثيرة هي القرارات المرتجلة، والمتسرعة التي يتخذها المرء في حياته تجاه الآخرين، التي ينطبق عليها حال الأغنية الشهيرة والرائعة للفنانة الكبيرة نجاة الصغيرة (القريب منك بعيد)، قبل أن نكتشف حقيقتها.. فالمشكلة ـ أحياناً ـ تكون مشكلة المرء مع نفسه، وليست مشكلته مع الآخر، كحال تلك الزوجة التي راحت تطلق الأحكام ـ جزافاً ـ على جارتها، بينما، حقيقة المشكلة، كانت مع زجاج نافدتها القريب منها، لا مع جارتها التي كان بالإمكان التعامل معها، وإزالة الغبار المتراكم عليها إذا ما أمعنت النظر فيها منذ الوهلة الأولى، وهو ما كان سبباً في الوصول الى استنتاجات غير محقة، ما كان لها أن تصدر فيما لو كان هناك ترو، وتعقل مع حقيقة الأمر.

منذ اليوم الأول لانتقالهما إلى منزلهما الجديد، وقفت الزوجة أمام النافدة التي تطل على فناء المنزل المجاور لمنزلهما، وراحت تنظر إلى غسيل جارتها المنشور على الحبل، وحينها قالت لزوجها: انظر يا عزيزي إلى تلك الثياب المتسخة، حيث يبدو لي أن المرأة جارتنا لا تحسن غسل الملابس، أو أنها قد تستخدم مسحوق غسيل من النوع الرديء، وغير الفعال في عملية التنظيف.

وظلت الزوجة على ذلك الحال، تراقب غسيل جارتها، وفي كل مرة تصدر الحكم نفسه وتنتقد جارتها وتلومها على إهمالها وتقصيرها في طريقة تعاملها مع ثياب أسرتها. وذات يوم؛ وبعد مرور شهر على ذلك الحال، نظرت الزوجة ـ كعادتها ـ من تلك النافذة التي تعودت منها مراقبة غسيل جارتها، فوجدته مختلفاً هذه المرة، وفي غاية النظافة والنظارة، وسرعان ما أخبرت زوجها عن هذا التحول المفاجئ، وعلى الفور قال لها زوجها: عزيزتي؛ لقد استيقظت باكراً هذا الصباح، وقمت بمسح وتلميع زجاجة النافذة التي تنظرين منها ـ يومياً ـ لغسيل جارتنا، وهذا ما كان سبباً في عدم الرؤية بشكل صحيح، وهو ما كان يبدو لك أن الثياب متسخة، وهي بغير حقيقتها، وحينها شعرت الزوجة بالإحراج من نفسها أمام زوجها، وراحت تلوم نفسها على إساءتها لجارتها طيلة الأيام السابقة!!

 ومع ذلك؛ فقد استبشر الجميع خيراً في معالجة القضية الجنوبية مع سقوط ذلك النظام، ووفقاً لمعطيات الواقع الجديد لثورات الربيع العربية.. وبدلاً عن النظر إلى القضية بشكل جيد من أقرب نافذة تطل على الشارع الجنوبي، أو حتى من نافذة (صنعاء) بمجرد إزالة الغبار المتراكم عليها، إذا ما صدقت النوايا، إلا أنه يبدو أن هناك من لا يزال ينظر من زجاج (القمرية)، التي لا ينفع التنظيف معها، فألوانها الزاهية لا تعكس إلا أشباح الأشياء، وصورها القاتمة!!

وهذا هو حال القضية الجنوبية؛ عندما كان النظام السابق ينظر إليها ليس من زجاج النافذة المتسخة، بل من زجاج (القمرية)، الذي تصلح أساساً لإبراز جماليات وانعكاسات الأضواء من الخارج إلى الداخل، ولكنها ـ حتماً ـ لا تصلح للنظر من خلالها.. لا لشيء؛ إلا من أجل مصالح أنانية وضيقة للحفاظ عليها في أرض الجنوب، وليس ـ كما يدعون ـ الحفاظ على الوحدة، وقد صارت في خبر كان، وماتت منذ العام 94!!

قضية الجنوب .. و(قمرية) الشمال !!

كثيرة هي القرارات المرتجلة، والمتسرعة التي يتخذها المرء في حياته تجاه الآخرين، التي ينطبق عليها حال الأغنية الشهيرة والرائعة للفنانة الكبيرة نجاة الصغيرة (القريب منك بعيد)، قبل أن نكتشف حقيقتها.. فالمشكلة ـ أحياناً ـ تكون مشكلة المرء مع نفسه، وليست مشكلته مع الآخر، كحال تلك الزوجة التي راحت تطلق الأحكام ـ جزافاً ـ على جارتها، بينما، حقيقة المشكلة، كانت مع زجاج نافدتها القريب منها، لا مع جارتها التي كان بالإمكان التعامل معها، وإزالة الغبار المتراكم عليها إذا ما أمعنت النظر فيها منذ الوهلة الأولى، وهو ما كان سبباً في الوصول الى استنتاجات غير محقة، ما كان لها أن تصدر فيما لو كان هناك ترو، وتعقل مع حقيقة الأمر.

منذ اليوم الأول لانتقالهما إلى منزلهما الجديد، وقفت الزوجة أمام النافدة التي تطل على فناء المنزل المجاور لمنزلهما، وراحت تنظر إلى غسيل جارتها المنشور على الحبل، وحينها قالت لزوجها: انظر يا عزيزي إلى تلك الثياب المتسخة، حيث يبدو لي أن المرأة جارتنا لا تحسن غسل الملابس، أو أنها قد تستخدم مسحوق غسيل من النوع الرديء، وغير الفعال في عملية التنظيف.

وظلت الزوجة على ذلك الحال، تراقب غسيل جارتها، وفي كل مرة تصدر الحكم نفسه وتنتقد جارتها وتلومها على إهمالها وتقصيرها في طريقة تعاملها مع ثياب أسرتها. وذات يوم؛ وبعد مرور شهر على ذلك الحال، نظرت الزوجة ـ كعادتها ـ من تلك النافذة التي تعودت منها مراقبة غسيل جارتها، فوجدته مختلفاً هذه المرة، وفي غاية النظافة والنظارة، وسرعان ما أخبرت زوجها عن هذا التحول المفاجئ، وعلى الفور قال لها زوجها: عزيزتي؛ لقد استيقظت باكراً هذا الصباح، وقمت بمسح وتلميع زجاجة النافذة التي تنظرين منها ـ يومياً ـ لغسيل جارتنا، وهذا ما كان سبباً في عدم الرؤية بشكل صحيح، وهو ما كان يبدو لك أن الثياب متسخة، وهي بغير حقيقتها، وحينها شعرت الزوجة بالإحراج من نفسها أمام زوجها، وراحت تلوم نفسها على إساءتها لجارتها طيلة الأيام السابقة!!

 ومع ذلك؛ فقد استبشر الجميع خيراً في معالجة القضية الجنوبية مع سقوط ذلك النظام، ووفقاً لمعطيات الواقع الجديد لثورات الربيع العربية.. وبدلاً عن النظر إلى القضية بشكل جيد من أقرب نافذة تطل على الشارع الجنوبي، أو حتى من نافذة (صنعاء) بمجرد إزالة الغبار المتراكم عليها، إذا ما صدقت النوايا، إلا أنه يبدو أن هناك من لا يزال ينظر من زجاج (القمرية)، التي لا ينفع التنظيف معها، فألوانها الزاهية لا تعكس إلا أشباح الأشياء، وصورها القاتمة!!

وهذا هو حال القضية الجنوبية؛ عندما كان النظام السابق ينظر إليها ليس من زجاج النافذة المتسخة، بل من زجاج (القمرية)، الذي تصلح أساساً لإبراز جماليات وانعكاسات الأضواء من الخارج إلى الداخل، ولكنها ـ حتماً ـ لا تصلح للنظر من خلالها.. لا لشيء؛ إلا من أجل مصالح أنانية وضيقة للحفاظ عليها في أرض الجنوب، وليس ـ كما يدعون ـ الحفاظ على الوحدة، وقد صارت في خبر كان، وماتت منذ العام 94!!

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص