آخر تحديث :الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - الساعة:18:29:53
مصاريف الحوار الوطني وجدتها في هذه الحكاية
نجيب يابلي

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

فتح الله على اخواننا في مؤتمر الحوار الوطني بأن ارتفعت المكافأة اليومية للحضور إلى اربعمائة دولار (أي ما يزيد عن 80 الف ريال يوميا)، او ما يوازي رواتب ثمانية متطوعين يعملون في مرافق الدولة ولم يثبتوا منذ اكثر من خمس سنوات واصبحوا محشورين في خانة المسخرة او الاقنان ومنحت رئاسة المؤتمر الاعضاء اجازة مدتها يومان، اعتبارا من الاثنين 13 يناير بعد تفويض من الاعضاء للرئيس بتشكيل لجنة تتولى تحديد عدد الاقاليم بعد زوبعة كبيرة حدثت خلال اجتماع الاحد الماضي وانهيت الجلسة وتم منح الاعضاء اجازة مدتها يومان كما اسلفنا.

 

يجري الحوار البترودولاري (المعروف بالحوار الوطني) وقد نوعت مراكز النفوذ الحاشدي السنحاني نشاطها من التفجيرات والاغتيالات الى تفكيك عبوات ناسفة وابطال مفعولها واستجدت امور غريبة فهذا الشيخ صادق الاحمر يقدم فروض الطاعة للزعيم وهذا أحمد القنع يظهر بالمظهر نفسه يوم الاحد الماضي والمسألة كلها تمرير لعبة وضحك على الدقون الا ان اهمية الضحك هذا انه مدعوم من قوى اقليمية ودولية ويتضح ذلك من خلال الجرائم اللا انسانية التي حدثت وتحدث في الجنوب والفضائيات العربية وغير العربية تدير ظهرها لما يحدث في الجنوب ..هناك تعتيم غير اخلاقي لجرائم الشمال في الجنوب وكلها مسِألة الوقت والمخطط الجاري والسلوك الاستهتاري يزيد شعب الجنوب يوما عن يوم بقناعته الراسخة باستعادة دولته وثرواته ومطالبة القوى المتنفذة باعادة كل ما نهب من الجنوب.

 

مصاريف هذا الحوار العبثي مهولة للغاية مقابل لا شيء وهدفه (أي هذا الحوار) الالتفاف على القضية الجنوبية لاستمرار نهب ثروات الجنوب من قبل المتنفذين وشركات بترولية دولية تقف دولها وراء التعتيم الاعلامي على ما يدور في الجنوب والملعوب واضح ولا يحتاج لتفسير او تبرير.

 

هذا العبث او المسلسل المضحك المبكي وابرز مظاهره البذخ في الانفاق وجدته في هذه الحكاية الواردة في كتاب "أروع ما قيل في الحيوانات" لمؤلفه اميل ناصيف، الصادر عن دار الجيل في بيروت.

 

وردت الحكاية في الصفحة 44 من الكتاب وعنوانها (اما أن يموت الحمار وإما ان يموت الملك) ورد فيها: ان احد ملوك الرومان كان عنده جحش يربيه في قصره وكان يدلله كثيرا يطلقه بين جلاسه فيدخل الى الديوان امام الوزراء والسفراء والاعيان وينهق ويتمطى بدون استئذان فيشرح خاطر الملك ويشرق وجهه بالرضا والاستحسان.

 

سادة متملقون من الحضور يبادرون الى القول (باللهجة اللبنانية): خزاة العين عن هالجحش، مش ناقصو الا يحكي – يا عمي جحش الملك ملك الجحاش وكل شيء على بابو يشبه صحابو.

لازم مولانا الملك يحط معلما – خاصا- يعلم الجحش يقرأ ويكتب ، يمكن يصير فيلسوف زمانو.

 

فوجدت هذه النصيحة قبولا في نفس الملك وامر باحضار احد كبار فلاسفة ذلك الزمان وطلب منه ان يعلم الجحش القراءة والكتابة.

 

قال الفيلسوف : هذا غير ممكن لان افلاطون كبير فلاسفة الدنيا يقول :"الانسان حيوان ناطق"، اما الجحش فهو حيوان غير ناطق..فأمر الملك بشنق الفيلسوف وطلب من أحد شعراء المملكة تعليم الحمار قال الشاعر: هذا غير ممكن لان الشاعر العربي يقول:

تعلم يا فتى لان الجهل عار    وليس بجاهل الا الحمار

 

فامر الملك بشنق الشاعر ثم استدعى احد كبار رجال الدين وطلب منه تعليم الحمار وقال رجل الدين:"هذا غير ممكن لان الله سبحانه وتعالى خلق الانسان على صورته ومثاله ولم يخلق الجحش على صورته ومثاله فأمر الملك بشنق رجل الدين.

 

امر الملك بعد ذلك بان ينادي في المدينة أن جلالته خصص مكافأة كبرى لمن يستطيع تعليم الجحش فأنبرى لهذه الغاية شيخ عجنته الايام وخبرته التجارب فدخل على الملك ثم التفت صوب الحمار وحياه بجد ووفاء.

 

طفحت ابتسامة على ثغر الملك وقال: اذن انت تفهم لغة الحمير!.. قال الرجل: اجل يا مولاي فقد رد الحمار برمشة من جفنه وعطفة من اذنه..وطمأن الرجل الملك بان الحمار سيتعلم والمسألة مسألة وقت وتستوجب بعض المصاريف لتأمين الاغذية والاشربة التي تشحذ ذهن الحمار وتساعده على الحفظ والاستظهار كالجوز والصنوبر والزنجبيل وشراب البيلسان والعسل والزبيب والخولجان وغير ذلك، واملي بالله اذا سلمتني هذا الحمار الان ان أعود اليك بعد خمس سنوات وشهادته في رقبته.

 

امر الملك بفتح اعتماد خاص لهذه الغاية ووضعه تحت تصرف الرجل وسلمه الحمار فجره وفرح به وكان بعض اصدقاء الرجل في انتظاره خارج القصر قلقين عليه فعندما خرج اليهم والحمار وراءه أخبرهم بما حصل مع الملك فقالوا له: ولكنك رجل مجنون ماذا نفعل بعد خمس سنوات؟ قال الرجل: بعد خمس سنوات اما ان يموت الحمار واما ان يموت الملك او اموت انا.

 

وما ان فرغت من قراءة الحكاية قلت في نفسي ياله من اسقاط جميل فهذا الجحش هو هذا الواقع المتخلف الذي يريدون تعليمه اصول العدالة الانتقالية وقواعد الشفافية والنظام المؤسسي والشريعة الاسلامية والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وكلها مفردات غريبة على هذا الواقع العصي المدعوم من قوى اقليمية ودولية.

 

جماعة الحوار تريد ان تتمتع قدر المستطاع من الاعتماد الكبير المرصود بالدولار من الخارج ويباركهم السفير الامريكي والسفير الفرنسي، سفير توتال ومن بعد فراغهم من ابتلاع الاعتماد سيجدون لانفسهم مخرجا لتولي مناصب في الداخل والخارج للادوار التي لعبوها في مسرحية الضحك على الدقون.

 

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل