آخر تحديث :الخميس 09 مايو 2024 - الساعة:00:15:01
رحلة غوض في الذكرى 16 لرحيل عمر الجاوي
نجيب يابلي

الخميس 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

يصادف 25 ديسمبرن 2013م، مرور 16 عاما على رحيل القامة الوطنية البارزة عمر عبدالله الجاوي يوم الثلاثاء 23 ديسبمر،1997م، ودعت الحاجة إلى القيام برحلة غوص في كتاب تأبينه سيما واننا نعيش أحلك فترة تعيشها البلاد جراء المخطط القذر الذي أعدته حيتان حاشد وسنحان وهو مخطط معد له مسبقا وكان رأس النظام الحاشدي يردد بين مناسبة وأخرى وان الخطر الاكبر قادم من القاعدة (وهو تهديد مبطن بأنه سيقوم بأعمال ستأتي على الأخضر واليابس في الجنوب بواسطة مجاميع من اجهزة الاسرة الدفاعية والأمنية : أمن قومي، حرس جمهوري، قوات خاصة واصبحت حاليا الاسم الأخر للأمن المركزي وتحدث رأس النظام في مناسبات عديدة عن "الفوضى الخلاقة"، وكانت بمثابة اشعار وتحذير للجنوبيين بأنه قادم لها وتحدث ايضا "ستتقاتلون (أي الجنوبيون) من باب لباب ومن طاقة لطاقة".

أكتب هذا الموضوع والساحة في الجنوب عامة وعدن خاصة تعج بمأموري من ملتحين وغير ملتحين يتبعون محور الشر، علي عبدالله صالح وعلي محسن صالح وحميد الأحمر ، فالأول حبذ ويحبذ بلاطجة ويوفر لهم عبر جلاوزته في عدن المال والسلاح والحبوب وهؤلاء يقومون بقطع الطرقات والدفع بالساحات في عدن إلى خطر ، حيث يقوم رفاقهم في الأمن المركزي أو القوات الخاصة (اصبحتا الأن واحدة) بأطلاق النار على الأبرياء ويداهم البيوت ويعرفونها بيتا بيتا بواسطة عقالات جنوبية أو من ابناء عدن الذين لا ينتمون لثقافة عدن ويمثلون الجانب المظلم فيها، أما علي محسن صالح وحميد الأحمر فأنهما يقفان وراء مليشيات وقوات خاصة تتبع الأول وتم تدريب مجاميع حميد الأحمر من ابناء عدن في فترات سابقة لأن البلاد بلادهم والثروات ثرواتهم ومسكين هذا الشعب الذي يحصل على الفتات وخلاصة الكلام أصبح الأن كل شيء بيزنس حتى الدين للأسف الشديد أصبح عرضة للمتاجرة به.

سيعذرني القارئ الكريم على الأطالة التي أملتها النذالة والسفالة التي اقدمت عليها مراكز النفوذ في صنعاء ومساعدتها في ذلك عناصر أجيرة من الجنوب عامة وعدن خاصة، لكن الفاعل والمفعول به سيدفعان الثمن مضاعفا ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون.

عمر الجاوي، طيب الله ثراه من مواليد الوهط (بلدة القامات والهامات الكبيرة) عام 1938م، وتلقى دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدارس السلطنة اللحجية العطرة الذكر وانتقل بعد ذلك إلى القاهرة وموسكو وكانت الحصيلة ماجستير في الصحافة.

للراحل الكبير اياد بيضاء وبصمات بارزة في المقاومة الشعبية دفاعا عن صنعاء في حصار السبعين وفي الاذاعة والتلفزيون في عدن وبدأ مشواره في هذين المرفقين الاعلاميين (المتقدمين على نظرانهما في دول الجزيرة والخليج)، عام 1970م، ولا ننسى دوره الريادي في تأسيس اتحاد الادباء والكتاب ومجلة "الحكمة" وفي تصدره مجلة للبعثة الدستورية (من ضمن اللجان الوحدوية)، المكلفة باعداد دستور دولة الوحدة الذين تم ابتلاعه مع الجنوب في الحرب الظالمة.. العفنة الذكر حرب صيف 1994م، وما تبع عنها من يوم هزيل سمي 7 يوليو وبرزت بصماته في وثيقة العهد والاتفاق التي وقعها الطرفان المعنيان في العاصمة الاردنية، عمان في 20فبراير،1994م وتبعها انذار رأس النظام في 27ابريل1994م، بتفجير الاوضاع ورفعت فواتير بها راح ضحيتها د.حسن مكي، نائب رئيس الوزراء.

يوم 23 ديسمبر 1997م، كما سيميط التاريخ النقاب عنه بأنه كان يوم الموت المرحل من 10سبتمبر1991م، عندما تعرض لوابل من النار أمام بوابة "الأيام" في صنعاء ومات نيابة عنه المناضل الوطني والتجمعي المعروف م.حسن حريبي الشهيد رقم 1 في مسلسل الاغتيالات التي شنها نظام حاشد وفرعه سنحان منذ قيام دولة الوحدة (الممنهجة) ومن يومنا هذا لان قوم ياجوج وماجوج يستأنسون لنظام الفوضى الخلاقة اذا رصدوا فردا أو جماعة نريد أن تتقاسم على نهب البلاد واذلال العباد.

في رحلة الغوص في كتاب تأبين الراحل الكبير الجاوي عشت حالة رهبة وذهول اثناء قراءة ما كتبه فرسان كبار عن هذا العلم والمعلم السياسي والثقافي والفكري والابداعي ويقع الكتاب في 254 صفحة فهذا عبدالرحمن حسن الاهدل يكتب قصيدة "أمة في شخص"، وهذا عبدالفتاح الحكيمي يكتب قصيدة "اغلى الرجال..إلى ملح الوطن والسياسة عمر الجاوي"، وهذا زين السقاف يكتب قصيدة "نص عمر الجاوي.. عبقرية الفعل وقبل العطاء"، وهذه معلقة القرشي عبدالرحيم سلام وعنوانها "مناجاة سمرتنا القادمة.. عمر بن عبدالله"، وتقع في أكثر من 80 بيتا.

تنساب القصائد الواحدة تلو الأخرى حتى وصلت الصفحة 78 لأفق أمام قصيدة "الغياب" للدكتور مبارك الخليفة نعاه الخليفة شعرا فقد نعاه نثرا في "الرجل العظيم الذي فقدناه"، من 185 ، أما الأستاذ عبده حسين أحمد فقد كتب ومات اشجع رجل وأطيب انسان ص125 ومما ورد في المرثية النثرية كان زعيمنا الراحل عمر الجاوي مثالا حيا للصدق والشجاعة والتضحية والمواجهة.. وكانت افكاره تتساقط ثمارا ناضجة بالخبرة والحنكة والتجربة والمعرفة والموقف الشجاع، وكان الجاوي يتحدث بنبرة عالية ويكتب بصوت مرتفع".

أما الشيخ محسن محمد أبوبكر بن فريد فقد كتب عن معرفته بالفقيد الكبير وكانت بدايتها قبل الوحدة عندما قرأ كتاباته في مجلة "الحكمة" تم تحدث عن تجربة الجاوي الجذيرة بالاحترام من خلال مواقفه المبدئية خلال المرحلة الانتقالية للوحدة المزعومة وخلال الحرب الظالمة تم توطدت معرفته به في ديسمبر 1995م، في لندن خلال جلسات ومداولات مؤتمر جامعة لندن حول المشكلة اليمنية ثم الوداع الاخير للعزيز عمر في اكتوبر 1997م، وهو في طريقه إلى دمشق ومنها إلى الوطن ليقضي ما تبقى له من أيام بين أهله ومحبيه ويذكر الشيخ محسن ذلك الفجر الضبابي وهو برفقة الحبيب عبدالرحمن بن علي الجفري يتوجهان إلى مستشفى كرومويل في وسط لندن ، حيث كان الجاوي مرقدا ليصحب إلى المطار.

وهذا د.محمد عبدالملك المتوكل يكتب "لا أتصور معارضة بدونك يا عمر" (ص136) وفي صفحة مقابلة برزت لمسة حب فلسطين عنوانها "الأمل آخر ما يموت"، لصديق عمره ابوبكر السقاف، اما المفكر اليمني ابراهيم بن علي الوزير فقد كتب "الجاوي" رجل المواقف والصدق والشجاعة (ص141 اما السيد عبدالرحمن الجفري فقد كتب "زميلا وأخا وصديقا"، وقال في سياق مرثيته :"وعزاؤنا انه ترك مدرسة واسلوبا متميزا في النضال السياسي السلمي وترك زملاء وتلاميذ على نفس نهج هذه المدرسة.."(ص149) .

أما المحب الكبير للجاوي الدكتور هشام السقاف فقد كتب "مات الأمير الشعبي غير المتوج..عمر الجاوي"، وجاء في المقدمة (مات ابن الوهط)، لانها حملت دلالات دفنه في ثرى محبوبته ومسقط راسه الوهط واعتبرها هشام كرة مرتدة عندما استعملها الراحل الكبير في رثاء راحل كبير آخر وهو علي عبدالرزاق باذيب المتوفى في 20 يناير، 1991م فكتب الجاوي (مات ابن شعب العيدروس)، الشيء الجميل في مرثية السقاف انه كتب اسقاطا على واقع اليوم :"مات ابن الجاوي الأمير الشعبي غير المتوج الذي نقل السياسة من دهاليز في العلالي مظلمة مليئة بالأسرار والمؤامرات والالغاز ويكتنفها الغموض والأكراه ورائحة العسس إلى منتدى شعبي يرصد حركة المجتمع ويجعل الناس ادوات الفعل والمشاركة وصنع الأحداث غير مبال بضريبة الانجياز إلى الشارع الشعبي (ص222).

المناضل الوطني الكبير عبدالله الاصنج كتب "عمر الجاوي اسم خالد في ذكراه الوطني" (ص224) ووقفت امام مشهد مؤثر انتزاع دمعات من عيني ذلك انه اتصل بالفقيد الكبير وهو في مستشفى الأسد بدمشق وحمل في اتصاله تمنياته القلبية له بالشفاء العاجل وكان صوته متهدجا فرد الجاوي بصوت خافت "شكرا يا عبدالله.. تحياتي لك ولكل الاحباب والاصدقاء".

فارس آخر وهو عبدالوهاب جحاف فقد كتب "شيخ المناضلين" (ص 225) تحدث فيه عن مناقب الفقيد ومحطات تعرفه عليه في صنعاء وموسكو واختتم مرثيته "هذا هو شيخ المناضلين عمر.. رمز الزهد والتقشف ورجل الحوار".

رحم الله فقيدنا الغالي عمر بن عبدالله الجاوي واسكنه فسيح جناته ونسأله تعالى ان يكثر لنا امثال هذا العلم الكبير حتى نصل إلى بر الامان ونتجاوز واقع الحثالات والمتاجرين بالسياسة والدين من المنافقين والمارقين.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص