- الإرياني يدين اقدام مليشيا الحوثي على تصفية أحد مشايخ مديرية الشعر في إب
- مستوردو السكر يرفعون تظلمًا لوزير الصناعة والتجارة بشأن معايير جديدة لهيئة المواصفات
- الأرصاد يتوقع استمرار الأجواء الباردة في عدة محافظات
- الحركة المدنية تكشف انتهاك الحرم الجامعي لجامعة عدن
- الإنتقالي ينفي علاقته بعريضة مطالب حضرموت ويتوعد بمحاسبة من سمحوا باستغلال صفته وختمه
- أسعار صرف العملات الأجنبية صباح اليوم الأربعاء
- أسعار الذهب اليوم الأربعاء 27-11-2024 في اليمن
- درجات الحرارة المتوقعة اليوم الأربعاء في الجنوب واليمن
- الضالع.. مقتل بائع متجول على يد موظف بمكتب اشغال دمت
- قوات الشرطة العسكرية الجنوبية تضبط عدد من الأسلحة غير المرخصة في مديرية المنصورة
الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
يتداول المغتربون اليمنيون في الصين طرفة تقول أن أحد زملائهم الصينيين قال لهم ذات مرة: أنتم اليمنيين، شعب أفضل مننا، نحن الصينيين، فنحن لدينا 70% أغبياء و30% أذكياء بينما أنتم عندكم 70% أذكياء و30% أغبياء يعني أنتم شعب أكثر ذكاء من الشعب الصيني، وعندما سأله اليمنيون عن سر التفاوت بين مستوى الشعبين وما وصل إليه الشعب الصيني من تطور وازدهار وما يعانيه الشعب اليمني من تخلف وانهيارات متلاحقة قال لهم زميلهم الصيني: السبب في ما عليه الحال في البلدين إن الذين يديرون الأمور في البلدين هم الـ30%؟
يبدو أن المواطن الصيني لا يعرف تفاصيل الأمور أكثر إذ أن المسألة في اليمن ليست فقط في الذكاء والغباء بل في كيفية توظيف الذكاء والغباء، فمن يقودون اليمن هم أذكياء أيضا، لكنهم ليسوا أذكياء في التخطيط والابتكار وفي رسم خطط التنمية واستخدام الاختراعات في التنمية الاقتصادية، ولا في تشييد المشاريع الخدمية والصناعية العملاقة ولا حتى في حماية الأمن ومحاولة تلبية رغبات وطموحات المواطنين، على الأقل من أجل كسب رضاهم، والحيلولة دون ثورتهم على الوضع القائم، . . .كل هذا في نظر من يديرون شئون بلادنا لا علاقة له بالذكاء، بل ليس من المستبعد أن يعتبر مسئولونا من يفكر بهذه الطريقة غبيا وأحمقا، لأن الذكاء في نظر أصحابنا هو كيفية السيطرة على أكبر قدر من الموارد، وفي كيفية تسخير المال العام في البلد لتحقيق مآرب شخصية وفي أحسن الأحوال عائلية و قروية وجهوية، لا بل في استثمار كل شيء في البلاد من أجل تحقيق الربح حتى الحروب والنزاعات والاقتتال والقرصنة وخطف الأجانب وتحويل كل هذا إلى مصدر لتحقيق عوائد مجزية تنمي أموالهم وثرواتهم حتى لو ذهبت البلاد إلى الجحيم.
تذكرت هذا وأنا أتابع كيف يتفاعل الممسكون بصناعة القرار في العاصمة صنعاء مع ردة الفعل الشعبية التي تلت مقتل المقدم سعد بن حبريش مقدم قبائل الحموم الحضرمية، وهذه العملية قد جاءت كالقشة التي قصمت ظهر البعير، ليس لأن الشيخ بن حبريش يتميز في شيء عن بقية المواطنين اليمنيين ضحايا الاستهتار وسياسة القتل التي تتبعها السلطات مع من يخالفها الرأي، ولكن لأن سياسة القتل بهذه الحادثة بلغت مرحلة لم يعد من الممكن تحملها وصار من حق الأهالي الكف عن الاكتفاء ببيانات الإدانة ومناشدة السلطة بالقبض على المجرمين فهذه المطالب هي أكثر ما يسعد السلطة ومرتكبي جرائم القتل، لأنها تبعث الطمأنينة في نفوس هؤلاء المجرمين وتبشرهم أن لا ملاحقة ستتم ولا جناة سيحاسبون ولا ضحايا سينصفون، لذلك اختار أبناء حضرموت خيار "الهبة الشعبية السلمية" التي حددت المطالب سلفا وتصر على بلوغها وإن تطاول بها الزمن.
السلطات اليمنية الحاكمة لا تمتلك أي حساسية سياسية تجاه الأحداث ناهيك عن أنها لا تفكر بتوظيف علمي التنبؤ والمستقبليات ونظرية الاحتمالات في وضع احتمالات المستقبل ورسم الخطط للقيام بما تقتضيه الفرضيات القائمة لما ستأتي به الأحداث، بل إن سلطاتنا (الثلاثين بالمائة) لا تستجيب لأحداث اليوم إلا بعد شهر بعد أن تكون قد طرأت أحداث جديدة وطرحت متطلبات جديدة، أيضا يصعب على السلطات الاستجابة لها إلا بعد شهرين أو ثلاثة إن لم يكن بعد أعوام.
* * * *
يدور اليوم في الأوساط السياسية والإعلامية اليمنية حديث عن عودة تحالف 1994م لمواجهة تطورات الأحداث في الجنوب في ضوء ما سمي بالهبة الشعبية التي دعى لها أبناء حضرموت واستجابت لها كل محافظات الجنوب، . . والحديث عن استعادة تحالف 1994م ليس فقط تسريبا إعلاميا، إذ سبق وإن تقدم حزبا المؤتمر والإصلاح (وهما تحالف 1994م) برؤية موحدة حول القضية الجنوبية وشكل الدولة تلخصت في استبقاء نتائج حرب 1994م واعتبارها واحدة من المقدسات التي يجب عدم المساس بها، حتى وإن ألبسوها لباس (الحفاظ على الوحدة اليمنية)، التي لا تعني لهم سوى الغنائم التي حققوها مذ ذاك وليسوا مستعدين للتنازل عنها مهما بلغت الكلفة والثمن.
ما لم يدركه هؤلاء الحلفاء هو إن عام 2013ــــ 2014م يختلف عن عام 1994م، ليس فقط من حيث الفارق الزمني البالغ عقدين من الزمن ونشوء أجيال جديدة من السياسيين والتغير في طبيعة المشكلات القائمة، والقوى السياسية المنخرطة في الصراع واختلاف الخيارات المطروحة، بل وفي المصالح التي بسببها يقوم الصراع والأطراف المنخرطة فيه واختلاف أدوات الصراع وتنوع العناصر المؤثرة على صناعة المزاج الجماهيري وتغير ميزان القوى على الصعيدين الكمي والنوعي.
يمكن لحلفاء الحرب (حرب 1994م) ومعهم بعض الوجاهات القبلية والدينية أن يسامحوا بعضهم ويعقدوا تحالفا ويتنازلوا لبعضهم البعض عن بعض المصالح وسيعوضوا بعضهم بعضا من المكاسب التي يراهنون على تحقيقها في الجنوب، تماما كما جرى في العام 1994م لكنهم نسوا الكثير من الحقائق الصادمة لهم والتي لا يرغبون حتى في سماعها والتي يبين نسيانهم لها مقولة الـ30% والـ70% الصينية، وأهم هذه الحقائق:
1. أن من يواجههم اليوم ليس علي سالم البيض وعبد الرحمن الجفري وأنصارهما، بل شعب الجنوب بكل قواه وفئاته ومكوناته المجتمعية والسياسية، ومن تبقى من الجنوبيين لا يجرؤ على مصارحتهم فهو إما خوفا من الخسارة أو طمعا في فائدة مؤقتة، أو انتظارا للنتائج التي ستأتي بها الأيام.
2. إنهم لن يجدو مواطنا أو ناشطا سياسيا جنوبيا واحدا يمكن أن يؤيد عدوانهم على حيوات الناس وانتهاك حقوقهم والتعرض لكرامتهم وأدميتهم، إذا ما واصلوا عدوانهم وشنوا حربهم على الجنوب، وإذا ما أصدر هذا أو ذاك بيانا أو كتب مقالة من باب رفع العتب فإنه لن يجرؤ أن يستمر في تبرير القتل والعدوان وسلب الحقوق وانتهاك الأعراض، ويمكن استثناء الأقلية التي لا تمتلك أثرا ولا مكانة في الجنوب وتبحث لها عن موقع لدى اصطفاف الحرب، وستعامل لاحقا كما عومل أولئك الذين اصطفوا إلى جانب العدوان عام 1994م، ثم لم يجدوا ملجأ يأوون إليه بعد أن استغنى عنهم المنتصرون.
3. إن الشعب في الشمال لم يعد مع الحرب والعدوان، وليس مع التجييش والاستباحة التي يتعرض لها الجنوب بعد أن اكتشف أن الدعوة للجهاد من أجل (نصرة المسلمين) و(دحر الكفار) في 1994م لم تكن سوى أكذوبة لتبرير نهب الجنوب وتقاسم ثرواته بين "الأشاوس وحمران العيون"، بينما لم ينل الذين تبرعوا بذهب زوجاتهم، ولا من أرسلوا أبناءهم لحماية (الوحدة ) لم ينالوا إلا سطرين في صحيفة 26 سبتمبر احتوت سيرة حياة أبنائهم (الشهداء) وجنى البغاة المليارات من ثمرات استشهاد هؤلاء الضحايا ومجوهرات المتبرعات.
4. إن المليارات التي بعث بها المرحوم أسامة بن لاذن الذي دعم بها (حرب المسلمين على الكفار) لم تعد حاضرة فأسامه قد توفاه الله والمليارات قد تقاسمها حمران العيون، ولم يعد هناك مغفلا يرمي ملياراته ليتقاسمها مجموعة من اللصوص والمحتالين السياسيين باسم (الدفاع عن الإسلام) أو (حماية الوحدة) بينما يحتاج الإسلام والوحدة من يحميهما منهم.
* * * *
تتوالى التسريبات عن موافقة السلطة في صنعاء على منح حضرموت إقليم مستقل وتجنيد مئات الآلاف من أبناء حضرموت في صفوف الشرطة والجيش، ويتزامن ذلك مع استمرار سياسة القتل في كل مدن الجنوب، من عدن والضالع والحوطة إلى المكلا والشحر والمهرة وكل المساحة الواقعة بين هذه المدن والمواقع، وهو ما يبين أن السلطات اليمنية تتمتع بقدرة فائقة على تضييع الفرص، ففي حين كان يمكن معالجة القضية الجنوبية بالعودة عن سياسات حرب 1994م وإعادة الحقوق المنهوبة لأصحابها وإعادة المبعدين قسرا إلى أعمالهم وكسب ثقة المواطنين الجنوبيين راح الأشاوس يواجهون المواطنين العزل بالرصاص الحي والآر بي جي والدبابة والمدفعية، مما فتح الباب على مصراعيه لمختلف الاحتمالات، لكن المواطنين الجنوبيين تمسكوا بالخيار السلمي ورفضوا الانجرار إلى مربع العنف، باستثناء موظفي الاستخبارات الذين قاموا بأعمال إجرامية باسم الحراك أنكرها الحراك وطالب بالقبض على مرتكبيها لكن السلطة أبت القبض عليهم ومحاسبتهم، ويتكرر الأمر اليوم ، إذ كان بإمكان السلطة القبض على من اغتالوا الشيخ بن حبريش وتقديمهم للقضاء وتعويض الضحايا ورد الاعتبار لهم لكن السلطة فضلت التسويف والمماطلة والرهان على ملل أولياء الدم، لكنها تعود اليوم بعد فوات الأوان لتعلن استعدادها لتلبية الطلبات التي لم تعد مقنعة بعد أن تصاعدت عملية القتل وشملت الأطفال والعزل من السلاح ذكورا وإناثا في أكثر من مدينة جنوبية.
يتساءل المواطنون الجنوبيون: كيف لسلطة تعجز عن إيقاف الحرب في صعدة وتتعامل مع المتقاتلين وكأنهم دولتين شقيقتين ترسل الوفود إليهما وتتوسط بينهما وتقدم الاسترضاءات لهما، لكنها تستشرس مع المواطنين الجنوبيين العزل من السلاح في فعالياتهم السلمية، فتقتل الأطفال وتعتدي على الآمنين وتقطع الاتصالات وتفرض الحصار على القرى والمدن؟ هل على الجنوبيين أن يكونوا جيشا مسلحا حتى تحترمهم السلطة وتستجيب لمطالبهم، أم عليهم أن يسكتوا عما يلحق بهم سياسات النهب والسلب والتهميش والقتل حتى تحبهم السلطة وأجهزتها الإجرامية وتغني لهم أغنية "شاطر. . .شاطر".
إن السلطات اليمنية التي ما انفك نافذوها يتبجحون بالحديث عن الدولة المدنية المنشودة أكدت أنها لا تحترم المدنية ولا السلمية ولا تقدر المدنيين السلميين، بل إنها تستخف بكل مدني وكل أعزل من السلاح بقدر احترامها للقتلة والمستهترين والمتعالين على الدولة نفسها وعلى كل ظاهرة مدنية سلمية وهي بذلك إنما تشجع الناس على استخدام السلاح والانزلاق إلى مربع العنف الذي أوصل البلاد إلى ما هي عليه من تفكك وتخلف وتمزق وقابلية للانهيار.
برقيات:
* أكثر من ثلاثين شهيد وجريح من المدنيين بعض الجرحى في حالة حرجة، تلك هي حصيلة مواجهة السلطة للهبة الشعبية في أول يومين في المحافظات السبع، سلطة تقول كذبا وزورا أنها لا تعتدي على المدنيين، وتغضب لو طالب المواطنون برفع النقاط الأمنية التي لم تتقن إلا القتل ولم تحم أمنا ولا دافعت عن ضحية.
* مأساة رجل الأمن أو الجيش اليمني أنه تربى على الاستعلاء والتلذذ بالأذى واعتبار الاعتداء على المواطنين عمل بطولي في حين يغدو أرنبا مذعورا عندما يتعلق الأمر بمواجهة المجرمين واللصوص والقتلة.
* قال الشاعر العربي أحمد شوقي:
وَمَنْ يَسْتَعِــنْ فِي أَمْـــرِهِ غَيْرَ نَفْسِهِ يَخُنْهُ الصّدِيقُ العَوْنُ فِي المَسْلَكِ الوَعْرِ
وَمَن لَم يُقِمْ سِتراً عَلى عَيْبِ غَيْرِهِ يَعِشْ مُسْـتَباحَ العِرْضِ مُنهَتِكَ السِّــــــتْرِ