آخر تحديث :الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - الساعة:01:04:31
أخرجوا المعسكرات من عدن
حسن بن حسينون

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

 

المعسكرات تشكل أكثر من 80 % من مساحة أراضي خور مكسر إضافة إلى مساحة مطار عدن الدولي , وعرضها للاستثمار من قبل الشركات الأجنبية وللرأسمال العربي والمحلي والإقليمي خاصة بعد زيارة المشير الرئيس عبد ربه منصور الأخيرة إلى جمهورية الصين وهذه المساحة هي كل ما تبقى من الأراضي في عدن بعد اجتياح جحافل التتار والمغول القادمة من المرتفعات وقمم جبال اليمن الشمالية التي استباحت وبسطت واستولت على الممتلكات العامة والخاصة وعلى كل شبر من الأراضي في عدن وفي حالة من الهيجان والسباق الماراثوني بحثا عن أي شيء تستطيع أياديهم الآثمة الوصول إليه ونقله على ظهور الحاويات والمركبات الخاصة والحكومية إلى مختلف مناطق ومحافظات شمال اليمن  نتيجة لحرب صيف 94 م وفتاوى علماء الفيد والكسب اللا مشروع التي أباحت كل شيء في الجنوب وتكفير سكانه الرجال والنساء والأطفال .

إن من شاهد ذلك الزحف الماراثوني سيجد نفسه حقيقة أمام وحوش ضارية وأسراب من الجراد البشرية لو كانت تطير لغطت سماء عدن في ذلك اليوم المشئوم من السابع من يوليو عام 1994 م لم يتوقفوا عند حد معين إلا بعد أن وجدوا أنفسهم أمام خليج عدن الأمامي وخلجانها حتى شواطئها شرقا وشمالا وغربا لم تسلم من السطو والبناء العشوائي إضافة إلى حدائق وملاعب الأطفال التي كانت تنتشر في أغلب أحياء عدن وقد واجهت المصير نفسه, واعتبار كل ما تم الاستيلاء عليه بمثابة فيد وغنائم حرب في أعراف وقوانين القبائل المتوحشة حتى ولو كان بعض أفرادها يرتدون البنطلون والكرفتة الأمريكاني والأحذية الإيطالية .

أما لماذا كل هذه المساحة من الأراضي قد تحولت إلى معسكرات أثناء الوجود البريطاني في جنوب الجزيرة العربية؟ فالسبب بالتأكيد يعود إلى انتقال القواعد البريطانية من شرق السويس إلى عدن التي تحولت إلى قاعدة ضخمة للجيوش والأساطيل البرية والجوية وظلت على حالها إلى أن أصبحت إقطاعية خاصة لأمراء الحرب والمتنفذين الفاسدين في حكومة ونظام الجمهورية العربية اليمنية انطلاقا من تلك الكذبة الكبرى التي تقول من أجل الحفاظ على الوحدة ومنع الانفصال التي صدقها العرب والمجتمع الدولي مع الأسف .

ومنذ سنوات طويلة قبل 94م وبعدها طالبنا وطالب كل الخيرين بنقل كل تلك المعسكرات شبه الفارغة من الوحدات العسكرية المختلفة إلى خارج عدن إلا أن كل تلك الدعوات والمطالبات لم تلاقِ آذانا صاغية واكتفى أصحابها بالصمت الرهيب في وقت انشغل الجميع في خلافاتهم وصراعاتهم ودوامات العنف الدامية فيما بينهم على السلطة والنفوذ مع العلم أن تلك الصراعات والحروب الأهلية التي شهدتها عدن طيلة فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي تعود أسبابها إلى وجود تلك المعسكرات الواسعة والضخمة التي أنشأها الإنجليز لخدمة أهدافهم الإمبراطورية ومصالحهم الإستراتيجية في الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط, والتي تحولت بعد العام 1967 م إلى أوكار للاجتماعات والتآمر العسكري القبلي المناطقي المتخلف حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم .

هناك قضية مهمة لم يتطرق لها أحد من قبل, أي منذ 67م وحتى الوقت الحاضر, الخاصة بإحصاء عدد القتلى من الإنجليز عند الاحتلال لعدن وأثناء مرحلة التحرير الوطني  63- 67م لأسباب بالطبع معروفة لدى من تسلموا الحكم بعد الاستقلال, إلا أنهم أحجموا عن ذكرها واكتفوا بالشعارات والأكاذيب والبطولات الخارقة وذلك بهدف خداع وتضليل أبناء من قتلوا في تلك المرحلة ومن هم لازالوا أحياء وكذا تضليل الأجيال التي جاءت من بعدهم .

والحقيقة التي يجب الوقوف أمامها وأمام تلك القضية التي ظلت غائبة وغامضة عن الرأي العام المحلي لعقود طويلة من الزمن وكشف أسرارها ونبدأ هنا بالأيام الأولى عند احتلال الإنجليز لمدينة عدن في 19 يناير 1839م بقيادة الكابتن هنس :

الخسائر في صفوف البريطانيين الغزاة ومن جاء معهم عند احتلال قلعة صيرة والمدينة كان عددهم 15 بين قتيل وجريح.

أما في صفوف المدافعين فعدد القتلى 139 إضافة إلى العشرات من الجرحى 25 منهم جراحهم خطيرة . قام الكابتن هنس بتقديم المواد الغذائية لعائلات القتلى والمصابين ودفع مبالغ مالية لهم عبارة عن تعويضات, إضافة إلى تكليف الطبيب المرافق للحملة بعلاج المصابين كل ذلك حتى يشعروا بالأمن والأمان.

 .Gordon Water Field المؤلف   Sultans of Aden page 77 المرجع :   

وأثناء سنوات التحرير 63- 67م فالخسائر كانت على النحو التالي :

عدد القتلى في صفوف الجنود والضباط الإنجليز 44 فردا أغلبهم في عدن .

 عدد الجرحى في صفوف العسكريين البريطانيين 337 .

عدد القتلى في صفوف البريطانيين المدنيين 9 أفراد .

عدد الجرحى من البريطانيين المدنيين 34 فردا .

عدد المواطنين العرب الذين قتلتهم القوات البريطانية 119 فردا.

عدد الجرحى منهم 123 فردا .

عدد القتلى في المواجهات بين الجبهة القومية وجبهة التحرير في العام 1967 م 250 فردا .

عدد الجرحى في صفوفهم 800 فرد .

THE MEDDLE EAST IN REVOLUTION المرجع :

ذلك ما عثرنا عليه في المراجع المتوفرة. أما خسائر ما بعد 67 م فالأرقام حدث عنها ولا حرج فهي تقشب بالشعور وتشيب بالجنين قبل أن يخرج من بطن أمه . ومن لديه أي معلومات عكس ما ذكرناه فلينورنا وله منا ألف ألف شكر ويا ليت لو كان بالاسم.

وحول ما تقدمت به بعض القيادات التنظيمية في المحافظات من كشوفات تتضمن الآلاف من مناضلي حرب التحرير دون أن يدخلها أو يزورها بريطاني واحد ولم تشهد حربا تحررية, فإن مثل ذلك الادعاء الكاذب لا يمكن القبول به .

قضية أخلاقية  إنسانية ووطنية

سكان عدن الأصليون الذين لا يملكون لا أرض ولا عقارات خارجها تعرضوا لأبشع ألوان الظلم والتهميش على يد الزاحفين على عدن من الجنوب ومن الشمال بعد الاستقلال .

 و بعد العام 1967م لم يجد البعض منهم وفي مقدمتهم الكفاءات العلمية والإدارية من خيار أمامهم سوى الهجرة والاغتراب والبحث عن فرصة عمل, ومن بقي لازال يمارس بحقه القهر والممارسات اللاوطنية واللاأخلاقية, كانت آخرها ما تعرضت له مسيرة أهالي عدن على يد من كان السبب في آلامهم ومعاناتهم في الماضي والحاضر, تلك المسيرة التي أشرف على تسييرها والمطالبة بتحقيق مطالب مشروعة الدكتور الوطني فاروق حمزة الذي تعرض للضرب وتهشيم سيارته.

لقد آن الأوان لإعادة الاعتبار لهؤلاء جميعاً داخل عدن وخارجها وتقديم الاعتذار لهم من الشماليين والجنوبيين على كل ما لحق بهم من مظالم. إني أقولها صراحة بأن لعنة أهالي عدن ولعنات السماوات والأرض ستطولهم وقد طاولتهم بعد العام 1967م وحتى الوقت الحاضر وستطولهم في المستقبل إذا لم يقدموا على ذلك ويتوجهوا إلى الله العلي القدير مطالبين بالرحمة والغفران.

إن أقل ما يمكن تقديمه لأهالي عدن وبصورة آنية في الوقت الحاضر وهذه وجهة  نظر شخصية, هو صرف قطعة ارض لكل أسرة , على أن تخصص مساحة أرض معسكر طارق التي تمتد من محطة العاقل إلى فندق عدن لهذا الغرض وهي المساحة. إضافة إلى بقية المعسكرات الأخرى في خور مكسر المتبقية من أرض في عدن لم يتم البناء عليها. على أن تسلم للجنة يتم انتخابها ويفضل أن يكون في مقدمتهم المناضل والسياسي المخضرم عبدا لله عبدا لمجيد الأصنج والأستاذ الدكتور فاروق حمزة على أن يتم التوجيه من قبل الرئيس عبدربه منصور هادي . وفيما يتعلق الادعاء بان مساحة معسكر طارق قد خصصت لحديقة عامة فهذه كذبة كبرى وخداع وتضليل للناس. فالسطو على أراضي المعسكر من قبل المتنفذين مستمرة وخوفنا أن نشاهد يوماً وقد تم الاستيلاء بالكامل على مساحته.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل