آخر تحديث :الاربعاء 07 اغسطس 2024 - الساعة:20:04:49
الوطن الذي ننشده
سامح فؤاد

الاربعاء 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

الوطن الذي ننشده هو الوطن الذي يتسع للجميع ويقبل بالجميع، والذي يكون الكل فيه مطالبا في الاشتراك ببنائه، بمعنى أخر إن جميع أفراده على عاتقهم تقع مسؤولية علاج سلبيات الماضي وتجاوز محنه.

لقد حان الوقت لكي يصبح وطننا هو غايتنا فنسمو به عن جميع اتجاهاتنا وأفكارنا المناطقية الحزبية والشخصية.

فلم يعد هذا الوطن يتحمل مزيدا من الانقسامات او الصراعات بقدر ما يحتاج إلى يد واحدة تبني، لقد مللنا الأنظمة الشمولية.. سئمنا حكم الحزب الواحد وضجرنا من سلطة الفرد المطلقة، لذا فإن الوطن الذي ننشده هو الوطن الديمقراطي الذي يحترم فيه كل رأي ويكرم عنده كل فرد، وأظن أنه آن الآوان لكي نسمع صوت كل مواطن وحان الوقت لكي تتسع صدورنا للغير.

إن مشكلات الوطن منذ الأزل كانت في معظمها نتيجة رفض الفئات الحاكمة للآراء أو النظريات التي لا تتماشى مع آليتها ونهجها في الحكم.

لقد أدى صراع النظريات وتناحر التيارات السياسية والفكرية والمناطقية إلى ويلات عصفت بالبلد وكادت أن تفتك به وراح ضحية ذلك العديد من الكوادر والعقليات الوطنية الرائدة التي كان يرجى منها صنع المعجزات وتحقيق المنجزات.

لذا وجب علينا تجاوز هذه المصالح الضيقة والعلو عن تلك الأهواء السيئة.. إن الوطن الذي ننشده لا تصبح السلطة فيه محتكرة من فصيل معين أو حزب محدد أو اتجاه واحد بل تجتمع فيه جميع الفصائل والأحزاب والاتجاهات فلا وقت للتمزق والتناحر ولا وقت للمكايدات السياسية والمزايدات السلطوية ولا وقت لوضع الشروط أو توجيه الاتهامات، لسنا في ميادين قتال ولسنا أعداء.. علينا أن نتجه كلنا معا لساحات البناء، بناء الوطن الذي ننشده.

الوطن الذي ننشده تكون أولوياته هي الشعب والرقي به ورفع مستواه المعيشي وتحقيق مصالحه، يكون المواطن هو أغلى عناصره وأهمها فهذا المواطن يستحق – فعلا - أن نصنع لأجله الكثير.

لقد أثبتت الفترات والأحداث الماضية أن المعاناة السابقة في ظل الأنظمة الحاكمة الرديئة لم تستطع ان تهدم الجوهر الأصيل الموجود داخل إنسان هذا الوطن أو أن تجفف فيه منابع الخير أو تسرق منه روح الإبداع، أو تنزع من جنباته الأمل، فما أن وجد هذا الإنسان الفرصة السانحة حتى رأيناه ينتفض ويثور ويصنع معجزات ، ظننا في يوم من الأيام أنه لا يستطيع صنعها.

الوطن الذي ننشده يكون التعليم والصحة أهم بنود ميزانيتهما، فلا يعقل أن يكدس الطلاب في الصفوف وأن نترك مهمة بناء المدارس والمرافق التعليمية للجمعيات الخيرية وصناع المعروف ولا نوجد لها بنود إنفاق محترمة في ميزانياتنا العامة.

ثم هل نستطيع أن نعلق الآمال العريضة في بناء الوطن على أجيال هي أصلا لا تتجاوز المراحل الدراسية إلا بالغش والرشوة.

أما في الجانب الصحي فمن المؤسف حقا أن أكثر المواطنين المغادرين للوطن إنما يسافرون من أجل العلاج لأن المستشفيات الحكومية غير قادرة على أن توفر لهم أدنى متطلبات السلامة الصحية.

الوطن الذي ننشده لا نرى جنوده في الشوارع والطرقات فمكانهم عند الحدود وليس في قلب المدن.

في وطننا المنشود يكون الجندي والشرطي أداة لحماية الأرض والشعب والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وليس وسيلة لاستفزاز المواطنين واستغلالهم والاعتداء عليهم..

اخيرا في الوطن الذي ننشده ، فإننا ننشد الماء النقي والكهرباء التي لا تنقطع والشوارع النظيفة والبيوت الأمنة والشباب العامل والمواطن الصالح والقيادة الواعية والحاكم العادل.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص