آخر تحديث :الخميس 09 مايو 2024 - الساعة:00:15:01
وداعا عيشة يوسف صاحبة موسوعة الاوائل
نجيب يابلي

الخميس 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

اهتمت الصحف المحلية الصادرة في عدن بخر نقل الوالدة عيشة يوسف الى مستشفى الجمهورية التعليمي ومن ثم انتقالها الى جوار ربها يوم الاثنين الموافق 28 اكتوبر 2013م، وللأمانة التاريخية اقول ان سكان عدن تفاعلوا مع خبر نقلها إلى المستشفى وزارها العديد من السكان وخاصة من أهل كريتر العريقة.

من لا يعرف عيشة يوسف أو سمع عنها فهو ليس ضليعا بمعرفة عدن ورموزها لأن هذه المرأة دخلت التاريخ من اوسع ابوابه بأعتبارهم أول من حارس مهنة سياقة السيارات من النساء على مستوى الجزيرة والخليج منذ منتصف خمسينات القرن الماضي وتخصصت في نقل النساء بسيارة اجرة (فولفو في البداية وبعد ذلك اوبل)، والسيارتان اشترتهما من حر مالها ونسجت علاقات طيبة اساسها الحب والأحترام والثقة وكانت جاهزة لنقل النساء من بيوتهن الى حفلات الزواج او مآتم الموتى لتقديم واجب العزاء ، كما كانت تقل الطالبات الى مدارسهن وكانت تنزل من سيارتها لشراء بعض الاغراض لربات البيوت المنتظرات لها في سيارتها، كما كانت تنزل من سيارتها لتؤمن دخول الطالبات اللاتي معها الى المدرسة وكانت عيشة امرأة شجاعة بعشرة رجال.

انجزت عيشة السياقة في ظل النظام والقانون فقد استخرجت ترخيص سياقتها في الخمسينات من القرن الماضي وتعاملت بمنتهى الالمام والاحترام لنظام المرور بعدن واستوعبت ادبيات مرور عدن وبحسب كتيب (نظام المرور لعدن) وكما ورد في الغلاف (قام بنشره مدير الامن العام بتفويض من حكومة عدن بموجب المادة رقم 55 من قوانين المرور)، وفي ويخاطبون السواقين في صدور الكتيب ان عليهم مراعاة وجود عميان واطفال قصر ومرض وهؤلاء بحاجة الى رعايته وتفهمه لاغراض خروجهم من البيت ويقدمون الارشادات للسواقين في كيفية التعامل مع سياراتهم وطرقاتهم بالكلمة والصورة ويقدمون الارشادات لاصحاب العربات في كيفية التعامل مع عرباتهم وسيرهم في الطرقات ثم يخاطبون المارة في كيفية التعامل مع قواعد المرور ويعرفون كل اشارة من اشارات المرور.

تعاملت عيشة يوسف مع النظام والقانون في فترة ما بعد الاستقلال استوعبت كل قواعد القانون والاخلاق من لحظة خروجها من بيتها في منطقة القطيع حتى عودتها اليه وكانت معروفة لدى اصحاب السيارات وربات البيوت ورواد المطاعم والمقاهي ورواد وادارات النوادي الرياضية وطالبات ومدرسات وادارات مدارس البنات في كريتر خاصة وكلنا عرفنا عيشة يوسف السائقة والمعتدة والواثقة  بنفسها وهي تتحدث الى الرجال او المسؤولين او الجيران وحتى الذين لا تعرفهم بوضوح وبساطة واحترام ولا تخشى في ذلك لومة لائم ولا تحسب حسابا لمن لا يريد ان يفهم او ان يحترم الاخرين ولذلك كانت تحظى باحترام الرجال والنساء والصغار والكبار واحست بذلك عندما جار عليها الزمن واقعدها ولم يتركها جيرانها لحظة واحدة ولبوا لها كل حاجاتها وهي من شيم اهل عدن الكرام الذين كان يشدهم دخان المطبخ في كل بيت من بيوت الجيران فاذا لم يصعد الدخان لفت احد الجيران نظر اخوانه الاخرين، يا اخواني.. الا تلاحظون ان مطبخ فلان خلا من الدخان فيطرقون بابه ويقفون امام الحقيقة ان زوجة او ربة البيت مريضة فتسارع الجيران بتقديم الطعام وغسل الاواني وتتقاسم النسوة التزاماتها حتى تتعافى.. هذه هي عدن اما المظاهر التي نراها هذه الايام ما هي الا مؤشرات انحطاط لا علاقة لعدن المسكينة بها.

اما النظام والقانون والادبيات المرورية بعد استقلال الجنوب فقد حفظتها عيشة يوسف عن ظهر قلب وهذا (دليل مستخدمي الطريق)، الصادر عن دائرة المرور المركزية بوزارة داخلية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بمناسبة اسبوع المرور التاسع 2/8يناير 1986م اكده الاخ العزيز النقيب محمد شاهر يفوز .

هذه هي عيشة يوسف هذه هي عدن.. هذا هو النظام والقانون فآه ثم آه يا عيشة يوسف.. وآه ثم آه يا عدن.. وآه ثم آه يا دولة النظام والقانون.. وسحقا ثم سحقا للعابثين باستقرار وأمن البلاد والعباد..

رحم الله الوالدة عيشة يوسف واسكنها فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون وبارك الله بأهل عدن الطيبين عامة واهل القطيع خاصة الذين لم يتركوا عيشة يوسف لوحدها بل رعوها حتى واروها الثرى ولا غرابة في ذلك.. لانها عدن الاصيلة التي اسند لها الحبيب المصطفى دورا يتمثل في جغرافيتها التي سيحتشر منها الناس في ذلك اليوم.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص