- الأرصاد يتوقع استمرار الأجواء الباردة في عدة محافظات
- الحركة المدنية تكشف انتهاك الحرم الجامعي لجامعة عدن
- الإنتقالي ينفي علاقته بعريضة مطالب حضرموت ويتوعد بمحاسبة من سمحوا باستغلال صفته وختمه
- أسعار صرف العملات الأجنبية صباح اليوم الأربعاء
- أسعار الذهب اليوم الأربعاء 27-11-2024 في اليمن
- درجات الحرارة المتوقعة اليوم الأربعاء في الجنوب واليمن
- الضالع.. مقتل بائع متجول على يد موظف بمكتب اشغال دمت
- قوات الشرطة العسكرية الجنوبية تضبط عدد من الأسلحة غير المرخصة في مديرية المنصورة
- خبير اقتصادي يصف الحكومة بالفاشلة ويحذر من أزمة اقتصادية عميقة تهدد بوقف الدورة الاقتصادية تمامًا
- تحقيق يكشف تفاصيل جهاز "الأمن الوقائي" وأبرز قيادته وتركيبته وطبيعة تنظيمه
الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
تحول وجود اليمنيين في المملكة السعودية الشقيقة إلى مشكلة حقيقية قد لا يكون السبب الرئيسي فيها هو وجود مخالفين لنظام الكفالة المعمول به في السعودية والذي يواجه انتقادات حادة من قبل المنظمات الحقوقية الدولية، بقدرما تكمن وراء هذه المشكلة أسباب عديدة بعضها يعود إلى السلطات السعودية وأنظمتها وبعضها يعود إلى المغتربين اليمنيين أنفسهم وبعضها يعود إلى السلطات اليمنية وتعاملها مع أبنائها ومواطني بلدها.
من المؤسف أن النظرة السائدة في الثقافة السعودية وفي الإعلام السعودي وفي الوعي اليومي للمواطن السعودي تتلخص في أن الأجنبي هو عبارة عن طماع جاء ليقاسم السعوديين ما هم فيه من نعيم، وليشكل عبئا عليهم ينبغي التخلص منه بأي وسيلة من الوسائل (ومن شك في ذلك ليتابع برنامج الثامنة لداوود الشريان على قناة الـ mbc عن العمالة الأجنبية)، وينسى هؤلاء أن النهضة التي شهدتها السعودية في العقود الأخيرة قد جاءت على أيدي القوى العاملة الوافدة والتي تحملت مشاق لا يستطيع المواطن السعودي أن يتحمل نصفها أو حتى ربعها في أعمال البناء وشق الطرقات وفي أعمال التجارة والأعمال الذهنية من المحاسبة إلى الهندسة إلى أعمال الخدمات المختلفة التي رافقت مرحلة الطفرة في الخمسة العقود الأخيرة من عمر المملكة، وهو أمر ينطبق على معظم الدول الخليجية على تفاوت في المستويات والاتساع.
لفترة طويلة ظل نظام الكفيل في المملكة وفي بقية الدول الخليجية شكليا ويتمثل في أن يتحمل الكفيل المسئولية عن مخالفات المكفول وإحضاره عند الطلب، وكان بإمكان أي مغترب معروف أن يكفل مغتربا آخر (وهذه الحالة ما تزال موجودة في بعض الدول الخليجية) ويقال أن اليمنيين في المملكة كانوا معفيين من الكفالة حتى العام 1990م ومع ذلك لم تسجل أي جرائم أو مخالفات مشهودة من قبل أولائك غير المكفولين ما عدا ما يمكن اعتباره المتوسط العادي الذي يحصل اليوم أكثر منه في ظل النظام الجديد.
في العام 1990 صار على كل يمني أن يحضر كفيلا سعوديا وإلا سيرحل ويتذكر الجميع مئات الآلاف الذين جرى ترحيلهم عقابا لهم على حماقة سياسية ارتكبها حكام بلادهم عند تأييدهم للغزو العراقي للكويت وإصرارهم على أن صدام حسين هو الضحية والكويت هي المعتدي، ومذ ذاك صار نظام الكفيل ساطورا مسلطا على رقاب كل العمالة الأجنبية واليمنيين جزءا منهم.
على إن هناك جملة من المستجدات التي ضاعفت من حجم المشكلة وحولتها إلى كارثة بالنسبة لليمنيين يدفعون ثمنها دون سواهم (إلا أقل القليل) وهذه المستجدات تتمثل في:
1. الاتجار بالتأشيرة: فاليمنيون هم الجنسية الوحيدة التي لا تأتي عبر مكاتب الاستقدام بل عبر تعاقد فردي بين العامل والكفيل من خلال عدة سماسرة تصل معها قيمة التأشيرة إلى أكثر من 14000 ريال سعودي يدفعها الوافد تتوزع على عدة حلقات أهمها الكفيل الذي استخرج الفيزة وباعها للوافد.2
2. . لكن المشكلة لا تتوقف هنا فبمجرد وصول الوافد إلى المملكة لا يستطيع العثور على الكفيل فهو مجرد كفيل وهمي، ليس لديه مرفق عمل لتشغيل الوافدين وإنما هو مجرد تاجر تأشيرات يحتال على النظام السعودي أو يتفق مع السلطات على ما يعمله ويكون الضحية هو الوافد، وقد يحتاج القادم إلى عدة أشهر لمقابلة الكفيل الذي قد يسجل له الإقامة ثم يمنحه حق نقل الكفالة إلى أي كفيل جديد وهذا لايمكن العثور عليه بسهولة في ظل التشديد الراهن، علما بأن كل ورقة يوقعها الكفيل تكلف آلاف الريالات السعودية بدءا بتسجيل الإقامة ونقل الكفالة والفحص الطبي وانتهاءً بتأشيرة الخروج والعودة أو التجديد أو الحصول على رخصة سواقة أو أي معاملة أخرى وهذه الآلاف ليست ما تأخذه السلطات كرسوم معاملات وتأمين صحي وما شابهها بل مكافآت الكفيل فقط تأخذ من وافدين قد لا يعملون أو قد يعملون بشكل غير منتظم وتلك هي الشريحة التي يقال أنها مخالفة لنظام الكفيل إذ يضطر أغلبهم إلى العمل عند معاريف أو أصدقاء أو يقعون ضحايا ابتزاز أرباب العمل من غير الكفلاء نظرا لعدم القدرة على نقل الكفالة.
لم تقم السلطات السعودية بمعاقبة أي من تجار التأشيرات الذين نهبوا ملايين الريالات السعودية من الوافدين وعرضوهم لشتى أنواع الابتزاز والضرر والتنكيل بل إن العقاب يتخذ ضد الضحية وهو العامل الوافد الذي باع بعض أملاكه وعانى الأمرين من أجل الوصول إلى مملكة النعيم الموهوم.
من المؤلم إنه لا توجد في المملكة سلطات قضائية وقانونية تحمي الضحية فيما لو تعرض للإجحاف والظلم فبإمكان أي جندي أو مدير معمل أو شرطي في نقطة تفتيش ( من الجوازات أو شرطة المرور أو النجدة أو عسكر الهيئة) أن يأخذك من وسط الطريق ويتخذ بحقك قرار الترحيل وليس لك حق التظلم أمام أي جهة قضائية أو عدلية، ويلجأ بعض الضحايا إلى الرشوة وتقديم الهدايا لهؤلاء وهو ما يوسع دائرة الظلم لأن الإجراء في هذه الحالة لا يكون بحق المخالف بل بحق من لا يدفع.
من حقنا على الأشقاء في السعودية أن نعاتبهم على هذا التعامل المجحف في حق عمالة ساهمت في إرساء النهضة السعودية وقدمت الخدمات التي يعجز السعوديون عن القيام بها بأنفسهم، لكن الحق الأكبر لا يقع على السعودية ففي الأخير إن النظام السعودي مسئول عن بلده وأهلها أحرار فيما يقرون بشأن بلادهم، بل إن الحق يقع على الحكومات اليمنية المتعاقبة التي فتحت أبواب الفساد على مصاريعها وأطلقت العنان للفاسدين ليعبثو بخيرات البلد ومواردها ويستولون على المليارات من العائدات (وليتهم يستثمرونها في البلد ليصنعوا فرص عمل ويخلقوا بعض الاكتفاء من المنتجات المحلية) بل إنهم يهربون تلك المليارات إلى البنوك الأجنبية وبذلك يكون الضرر بحق اليمن واليمنيين مضاعف بنهب ثروات وموارد البلد وحرمان هذا البلد من عائدات استثمار هذه الثروات المنهوبة في داخله، وهو ما يضطر المواطن اليمني إلى البحث عن فرص العيش بعيدا عن وطنه متجرعا مرارة الإغتراب والإهانة والامتهان والتهديد وتحمل المر هربا من الأمر عملا بالمثل القائل (ما الذي صبرك على المر قال الذي أمر منه).
وأخيرا فإن المفارقة العجيبة أن الإجراءات الأخيرة التي تتخذها المملكة بحق العمالة اليمنية تأتي في ظل عملية تسوية سياسية تقوم على مبادرة تزعمتها المملكة قدمت من خلالها ضمانات بعدم محاسبة لصوص الثروة والسلطة وحماينهم منالمساءلة على كل جرائمهكم، وتمكينهم من كل ما نهبوا، ويتذكر الجميع التعهدات التي قدمها ألأشقاء الخليجيون لتسهيل تنفيذ التسوية السياسية فهل تراجع السعوديون عن وعودهم أم أن على المواطن اليمني أن يدفع فاتورة خلاف حكامه مع المحيط الأقليمي كلما فكر طرف من هذه الأطراف في ابتزاز الآخر أو التحامل عليه؟
برقيات:
* في الغرب الأوروبي والأمريكي حيث الحكام (لا يعرفون الله ولا رسوله) وليس لديهم صناديق الزكاة، كل من يدخل البلد (بصورة قانونية أو غير قانونية) يصبح جزءا من سكانها ولا يجوز تعريضه للإهانة أو انتهاك أي من حقوقه أما إذا سجل اسمه لدى دوائر الهجرة فإنه يتمتع بحقوق قانونية توفرها له السلطات بينها حق العلاج وحق الحماية وحق الأمن وحق تعليم أبنائه وحق التأهيل المهني.
* أما في بلدان الإسلام والمسلمين التي يقول حكامها أنهم يخافون الله ويتبعون سنة رسوله القائل بأن "المسلمون سواسية كأسنان المشط" فإنهم يتعاملون مع إخوتهم في الدين واللغة والتاريخ بأقل مما يتعامل به الأوروبيون مع كلابهم.
* قال الشاعر العباسي عبد الله بن المبارك
يا جاعلَ الــــــعلمِ لهُ بازياً يَصِيــدُ أمـوَالَ المَساكِيــنِ
احتــــلتَ للدنــــــــيَا ولذاتهَا بحــيلــة ٍ تَذهَبُ بالديــــنِ
وَصِرتَ مَجنُونـاً بِهَـا بَعدَمَـا كُـــنتَ دَوَاءً لِلمَجانِيـــــنِ