آخر تحديث :الخميس 25 ابريل 2024 - الساعة:14:26:24
خدعوها بقولهم حسناء
جلال عبده محسن

الخميس 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

هناك مثل شعبي يقول:" إذا لاقيت أحسن منك يا بنت عمي وإلا رجعت لك". ومع إن هذا المثل يحمل في طياته صفة الانتهازية والأنانية من قبل طرف على حساب طرف أخر، إلا انه على الأقل يعطي لذلك الطرف ضمان للعودة والرجوع إليه في حال عدم تحقيق الشرط الذي قطعه على نفسه في وجود الأحسن. وهو المثل الذي كان حاضرا وبقوة بين الدولتين الألمانيتين قبل التوقيع على وحدتهما، حيث سبقتها دراسات وتصورات واشتراطات، بل ضمانات لازمة وضرورية لقيامها والحفاظ على استمراريتها ونحو تحقيق أهدافها ومضامينها الحقيقية، وهو ما يجعلها اليوم مثار إعجاب العالم بأكمله، بعكس الوحدة اليمنية والتي تم القبول بها "كخام رام" .

ومع إن الشرط في الجزء الأول من المثل الشعبي والمتعلق بوجود الأحسن كان حاضرا في كل مرحلة من مراحل مسيرة العمل الوحدوي قبل الوحدة، بل هو روح الوحدة ذاتها ومضمونها الوطني والمقصد الحقيقي والأساس يفترض ان تكون عليها والتي من شأنها أن يحيا الإنسان في ظلها ينعم بالحرية والأمن والأمان والعيش الكريم والمساواة في المواطنة وبعدالة النظام والقانون وتحقيق الازدهار للشعب اليمني بأسره عما كانت عليه الأمور في السابق، إلا إن الجزء الأخر من المثل وهو شرط العودة في حال تعذر الوصول إلى الهدف كان غائبا، ولو كان حاضرا بالفعل وبضمانة "وإلا رجعت لك"، لكان الأمر قد اختلف في حينه ومنذ اللحظات الأولى التي اكتشفت فيها نظرية المؤامرة على الوحدة والانقلاب عليها، ولما سمح للمتقولين عليها بأن يحملوها أكثر من طاقتها عن كونها قدر ومصير لهذا الشعب ويلبسوها ثوب القداسة مع إنها مشروع سياسي يمكن التراجع عنه إذا اخفق في تحقيق الأهداف الحقيقية التي قام من اجلها ذلك المشروع وفقا لأمال وتطلعات الإنسان نفسه .

ولو كان الشرط حاضرا لما قامت تلك الحرب الظالمة في 1994م على شعب الجنوب بشعارها الهمجي والبليد "الوحدة أو الموت".

ولو كان الشرط حاضرا لما استقوى ذلك الطرف على الطرف ألأخر ولما غدر به وإخرجه من المعادلة السياسية، بينما هو شريك أصيل في الاتفاق على تلك الوحدة .

ولو كان الشرط حاضرا لما نهبت الثروات والمقدرات ولما استبيحت الدماء وأزهقت الأرواح وهتكت الأعراض وأهدرت الكرامة ولما تلاشت الأماني والآمال ولما خاب الرجاء .

ومع ذلك وعلى الرغم من كل تلك السنوات "العجاف" التي ضاعت هدرا من عمر المواطن ومستقبل البلاد بتكلفتها الباهظة وبأسم الوحدة "المغدورة" إلا إن الواقع يخبرنا ومن منظور اليوم بأنه لم نعد  بحاجة لذلك الشرط، فالأمور تسير من تلقاء نفسها لحسم القضية على الأرض .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص