آخر تحديث :الجمعة 22 نوفمبر 2024 - الساعة:23:31:26
حكاية مزرعة صالحة
عبدالرحمن نعمان

السبت 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

صالحة وآمنة تستطيع أن تقول عنهما جارتان وإن كانت صالحة تعيش في قرية تبعد عن قرية آمنة.

آمنة لم يكن هذا اسمها إلا من قريب جدا كان أهل قريتها يسمونها نائمة أما اسمها الحقيقي فقد أسماها أبواها هادئة.

لم يكن اسمها هادئة قد جاء من فراغ لكن أسبوعا منذ ولادتها قد مر دون أن تبكي يوما وهكذا لاحظ أبواها هدوءها فأسمياها (هادئة).

اليوم صار عمر هادئة أكثر من ستين عاما وهو ما يقارب عمر صالحة لا يتجاوز العامين أو الثلاثة بين عمري صالحة وهادئة.

كانت صالحة تملك الكثير من الماشية ما بين قطعان الحمير وقطعان الماعز وقطعان النياق وقطعان البقر حتى الحيوانات أو بعض الحيوانات المفترسة استطاعت التعامل معها واستطاعت أن تخضعها وتحولها إلى حيوانات أليفة لا ضرر ولا خوف منها لقد كسرت كل أنيابها في لحظة ووضع بعضها في أقفاص انفرادية.

قيل إن حيوانات أخرى كانت تمتلك – بالفطرة – ذكاء جعل صالحة تعمل على قتلها أمام أعين بقية الحيوانات المفترسة فهي لم تكن خطورتها في ذكائها وحسب لكن صالحة اكتشفت أنها تملك شجاعة إلى جانب ذكائها وكان ذلك مصدر خوف صالحة الذي دفعها إلى قتلها قبل أن يأتي اليوم الذي تفتك بها تلك الحيوانات التي تمتلك شجاعة وذكاء على عكس بقية الحيوانات المفترسة التي إن ملكت بعضها ذكاء فإنها تفتقر إلى الشجاعة والعكس عند البقية.

فجأة وقد كانت هادئة تساعد صالحة في مملكتها سمعت صالحة صوتا كبيرا كان الصوت صادرا من مزرعة صالحة.. سارعت إلى المزرعة لترى أن جميع من يعيشون في المزرعة أكانت الأليفة منها أو تلك المفترسة والتي صارت بدون أنياب تطلق صوتا واحدا يصم آذان أهل القرية وقبلهم يصم آذان صالحة نفسها.

كانت الأصوات تصدر من مزرعة صالحة ليل نهار ولاحظت صالحة أنها تزداد قوة كلما جاءت صالحة إلى المزرعة وظهرت أمام حيواناتها.. كما لاحظت أن الأصوات تخفت كلما ظهرت هادئة عند زيارتها للمزرعة بغرض مساعدة صالحة كما اعتادت.

ولذلك صارت تعرف هادئة بـ (آمنة) عندما أشار أهل القرية والقرى المجاورة إلى صالحة أن تختفي فترة عن أعين مزرعتها وحيواناتها التي تعيش فيها ويكلف امرأة أخرى أو أسرة أخرى تعتني بالمزرعة والحيوانات التي تعيش فيها.. فما كان منه إلا أن يختار هادئة التي زكى أهل القرية والقرى الأخرى الذين قال أمامهم فعلا هادئة امرأة آمنة وأنا لن أسلمها إلا ليدها.. إنها يد أمنة يمكن الاعتماد عليها كونها قد تعاملت مع حيواناتي وتعرف كيف تتعامل مع هذا النوع وذاك,وفوق هذا وذاك لن تفرط بمزرعتي ولن تنكر ملكيتي لها.. وهكذا صارت مزرعة صالحة تدير شؤونها أمنة وتراقب صالحة من بعيد سير عمل آمنة في مزرعة صالحة حتى تهدأ الحيوانات وتشتاق إلى صالحة مالكة المزرعة فالحيوانات قد تدرك – بالفطرة –أنها بحاجة إلى صالحة أكثر من آمنة.. ولربما أن القدر سيجعل تلك الحيوانات تتحرر من مزرعة صالحة وآمنة فمثلما صرخت في وجه صالحة حتما ستصرخ في يد آمنة وإن صرحت ايضا في وجه آمنة فإنها لا شك ستصرخ في وجهي آمنة وصالحة معاً فالجوع كافر وقد لا ينطبق المثل القائل (جوع كلبك يتبعك) وها هي حيوانات صالحة المفترسة منها والأليفة لم ينفع معها هذا المثل وما رفضها لمالكتها إلا دليل على أنها قد علمت بني البشر أن الجوع لا يجعلك خاضعا تابعا وأن عليك أن تعلم وتتعلم المثل الجديد القائل جوع كلبك يتبعك فليس غيرك يجد الكلب ما يشبع جوعه وأنت اول من يرفضك لأنك سبب جوعه ونسيت في الوقت نفسه تقلم الأظافر.

هامش:

آمنة: أي مطمئنة ومستقرة غير خائفة وآمنة اسم امرأة ايضا.

أمينة: تتمتع بالأمانة واسم امرأة ايضا, نقول يد أو أيد أمينة ولا نقول يد آمنة أو أيد آمنة.. إلا إذا كان المقصود به امرأة.. أما الأولى فإن المقصود بها الأيدي التي تتصف وتتمتع بالأمانة.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل