آخر تحديث :الثلاثاء 15 اكتوبر 2024 - الساعة:01:03:05
القضية بين الفهم والتطنيش !
ابراهيم ناجي

الاثنين 00 اكتوبر 0000 - الساعة:00:00:00

يعاني المرء من صداع ودوار، فيظن في الغالب أن ذلك هو المرض الذي يعاني منه، لكن في حقيقة الأمر تلك أعراض المرض وليس المرض نفسه، ولهذا فإن حبات الأسبرين كفيلة بأن تهدئ الصداع وتخفف الآلام ولكنها لا تقضي على المرض.

وكذلك الحال فيما يحصل في الجنوب، حيث يرى إخواننا في الشمال من "المنصفين" حالات النهب والسلب للأرض والثروات وانتهاك حقوق المواطنين الجنوبيين، فيظنون ذلك هو المشكلة، وأنه إذا ما ضحّى اليمنيين وثاروا وغيروا النظام الحالي على اعتبار انه "أساس البلوى" أو كما كان يقال قبل الثورة, إذا ضحي الرئيس بمصالح خمسة عشر نافذاً من ضباطه وأنحاز إلى جانب الشعب الجنوبي كان ذلك هو علاج القضية الجنوبية الناجع.وتلك لعمري رؤية سطحية قاصرة، فالنهب والسلب والعبث إنما هي أعراض المشكلة وليس المشكلة,والحقيقة التي تقف اليمن اليوم مجدداً أمامها، هي مشكلة سياسية إستراتيجية نشأت مع نشؤ دولة الوحدة، مضمونها نابعّ عن دمج نظامين سياسيين مختلفين: نظام دولة مدني في الجنوب، ونظام قبلي في الشمال.وقد نشأ الخلاف والصراع بين النظامين على طريقة إدارة البلاد منذ اللحظات الأولى للوحدة، والتي أدت إلى حرب الاجتياح حيث أحرزت فيها القوى التقليدية في الشمال النصر لكنها لم تفلح في القضاء على روح وتقاليد نظام الدولة الضارب بجذوره عميقاً في تربة الجنوب، كونها أشاعت الفساد والنهب والسلب وأثبتت أنها عاجزة عن فرض القانون وإحلال المواطنة المتساوية وتلبية مطالب الأمن والاستقرار والتنمية. ولهذا فقد ظهرت روح نظام الدولة ترفع رأسها من جديد، ممثلة بالقضية الجنوبية التي يكمن فحواها في أن شعب الجنوب يعلن للعالم أجمع أنه غيرقادر على العيش في ظل نظام قبلي متخلف عن حياة وتقاليد العصر، فرض عليه بقوة السلاح في السابع من يوليو 1994م، وأنه يطالب ويكافح لاستعادة نظام دولته المدنية. في هذا الإطار وبهذا العمق ينبغي فهم القضية الجنوبية وليس في أي ثوب آخر.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص