آخر تحديث :الاربعاء 27 نوفمبر 2024 - الساعة:00:30:02
هزة ثقافية في مدينة الثقافة
بسمة عبدالفتاح

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

تعز، تلك المدينة التي تغفو فوق رصيد ثقافي منذ الأجداد ، ولا أحد يستطيع أن ينكر هذا الرصيد الذي أسّسه حب العلم والانفتاح على الآخر ، والتعايش معه في عقر داره ، فتجد أبناء هذه المحافظة يعيشون في كل المحافظات اليمنية كأبنائها ، وهذا يحدث لكل من يعيش في تعز أيضاً .
هذه المدينة الثقافية التي تعودت أن تنتظر معرض الكتاب الذي تقيمه مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة في كل عام وبالرغم من الجهد الكبير الذي تبذله هذه المؤسسة غير الحكومية التي تقدم كل ما يمكنها من فعاليات ومهرجان ثقافي تختمه بمعرض الكتاب وحفل توزيع جائزة السعيد إلا أن هناك ما يستدعي قوله من وجهة نظري .
وسأوجزه في أمرين ، الأول أننا نجد في المعرض مكتبات أثرية وأخرى حديثة فتتزاحم أمامنا كُتب البخاري ومسلم وعبد الناصر والقذافي وموشي ديّان ومنال العالم وجويل لتعليم المكياج وقواعد الحب وقواعد السعادة وأظرف نكتة وأساليب التدريب....لكننا لانجد الكتاب الأكاديمي والمكتبات الأكاديمية التي ينتظرها الباحث بفارغ الصبر ، فيصاب بخيبة أمل كبيرة وهو يخرج من معرض الكتاب من دون أي كتاب تخصصي بينما المعرض مزدحم بالزائرين والمشترين للعناويين الاستهلاكية ..وهذا يعود في تقديري لانعدام القوة الشرائية ، هذه القوة التي تناسب الثقل المادي للمكتبات الأكاديمية ، وعدم تفاعل الجامعات الحكومية والخاصة معها في رفد المكتبة الجامعية بالكتاب الأكاديمي ، ومحدودية الدخل للطالب الأكاديمي فلا تعود مرة أخرى إلى تعز ، وإما لعدم دعوتها من قِبَل مؤسسة السعيد نفسها .
الأمر الثاني : وهو أمرٌ أثار إعجابي ، وهو جرأة القائمين على المؤسسة في قبول مكتبات لم يتعود عليها القارئ وهي المعنية بالفكر الشيعي ، هذه المكتبات التي دخلت تعز ، بالرغم من رفض فكرها أو موافقته حضرت في المعرض ، لتثبت أن تعز بالفعل عاصمة الثقافة والتعايش وتقبل الآخر ، ولكن ما حدث من قبل البعض من إثارة للفوضى واحتجاج وعرقلة لعملية سير المعرض بسبب وجود هذه المكتبات جعل القائمين على المؤسسة يغلقون هذه المكتبات ،مع أنه كان يمكن للطرف الرافض للفكر الشيعي أن يأخذ كل ماعند هذه المكتبات التي يراها تتجرأ على الصحابة أو على أي ثوابت من وجهة نظرهم أن يفعلوا كما فعل الرافضون لكتاب (الشعر الجاهلي) لمؤلفه طه حسين عندما نفى وجود الشعر الجاهلي ..إذ قاموا بإثراء المكتبة الجاهلية في التأليف لإثبات عكس ما قاله في كتابه ، لدرجة أنه أعاد نشر كتابه بمسمى الأدب الجاهلي ...هكذا يواجه الفكر ، وليس بالضجيج والفرقعات التي تولّد رد فعل مضاد ...وأن يحدث ماحدث في أي مكان آخر في اليمن قد نتقبّله ...لكن أن يحدث في عاصمة الثقافة وفي تظاهرة ثقافية فهذا ما هو غير مقبول من وجهة نظري ...وكيف سيتعامل كل من يرفض فكر الآخر إن تقرر فتح مسارح ودور للسينما في عاصمة الثقافة .؟..هل سيُكفر القائمون عليها ويهددون بفصل رؤوسهم عن أجسادهم كما هُدد أحمد العرامي وفُصل من عمله في جامعة البيضاء ؟
لماذا لا ندع الآخر يقرأ ، فيقبل أو يرفض بعقله و بقناعاته ...وليس بالوصاية ...شكراً لمؤسسة السعيد التي عرّت تفاصيل الواقع ، فما يحدث من تمثيل صوري في الحوار الوطني في تقبل الآخر ، فضحه الواقع المعاش بأبشع صورة في معرض تعز الدولي العاشر للكتاب وتقنية المعلومات ، وشكّل من وجهة نظري هزّة ثقافية في مدينة الثقافة عكست إقصاء الآخر ورفضه .
ملاحظة: لمن يخلطون أوراق النقد الموضوعي بالتُّهم والتصنيف الحزبي أقول لهم : لست متحزّبة ولا أنتمي لأي حركة ، ولا أرغب في ذلك أبداً لا حاضراً ولا مستقبلاً ، كون كل الأحزاب والحركات لا ترتقي من وجهة نظري لتقديم مشاريع تنموية تنافسية للارتقاء بالوطن بقدر ماتقدم نفسها عبر المحاصصات والمكايدات والتنافس على الدعم الأجنبي والجلوس على الكراسي الدوّارة.   

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل