آخر تحديث :الخميس 28 نوفمبر 2024 - الساعة:01:01:13
مخاضات القضية الجنوبية "قبل وبعد مؤتمر الحوار الوطني"
د. عبدالرزاق مسعد

الخميس 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

 

خلال شهري مارس وابريل الحالي سمعنا وقرانا خلالهما تصريحات تلفزيونية بعدد من القيادات والنخب السياسية والعسكرية "الإجلاء" وآخر تلك الأحاديث الاعتذار الواسع للأخ اللواء علي محسن الأحمر أحد أبرز القيادات المؤثرة في السياسة وأحد أقوياء المنظومة العسكرية الشمالية التي شاركت في حرب الاكتساح العسكري والقبلي وبدعم ومشاركة قوية لحزب الإصلاح الإسلامي وقوى دينية متطرفة ووسطية والأهم في الاعتذار أنه استبطن صاحبه الحق بالحفاظ على الوحدة لأنها وحدة دينية( ونعتقد أعتقادجازم بأن ألوحدة في الدين والاخوة الايمانية كانت ماسعى اليه الجنوبين منذأول يوم للتوقيع على الوحدة ومع ذلك لم يشفع لهم ذلك ولم تشفع لهم القربى والعروبة وقيم الانسانية وحتى في ظل الاخوة الجليلة المطلوبة لايتخلى الناس عن حقوقهم ومايملكونه وستظل الاخوة الايمانية أضعف ماتكون عليه حتى بين أخوين متوارثين أذاأستضعف أحدهم الاخروأستباح دمه وحقه وكل مكونات بقائه والقانون ألديني وألأيماني والألاهي يحتمان أنصاف المظلوم وأعادة حقوقه كاملة والحياة هي من تثبت ولوعلى المدى ألطويل او القصيرعن صدق التغلب على الشوائب المريعة والمخجلة التي أضرة بكل القيم ألدينية والايمانية العظيمة. )

ولم يقدم القائد العسكري المتنفذ القابض بقوة على مفاصل الحياة العسكرية والأمنية والقبلية والتجارية لأنظمة صنعاء حتى تعينه مستشاراً للأخ عبدربه منصور رئيس الجمهورية وسيظل ذلك حسب تأكيده في تصريحه ولكن اعتذاره مهما استبطنه في جوهر نفسه الباطنية ومضمون هذا الاستبطان موجود في تكملة اعتذاره إلا انه يمثل حالة إنسانية  ايجابية مقبولة وسيلاحظ المطلع لتصريحات الأخ اللواء في وقت سابق بأن الاعتذار  هذا للجنوبيين جاء مواصلة لاعتذار سابق للحوثيين من قبله ومن شيخ مشائخ حاشد الشيخ صادق الأحمر على الحروب الأربع الضاربة التي شنها النظام السابق وابرز قادة النظام الحالي ومشائخه ورموزه على منطقة صعده  وأهلها وشعبها وألحقت دماراً مريعاً وبشعاً بالأرض والإنسان لا زالت آثاره مستمرة على سكان مدن وقرى صعده والتي تحتاج إلى أكثر من عقدين أوأكثر لإعادة بنائها وبناء الإنسان هناك واليوم يعتذر اللواء علي محسن لأهل صعده والحوثيين مضيفاً على مضض الجنوبيون وما لحق بهم من قتل ودمار شامل في حرب شاملة وكانت الأبشع على الإطلاق في التاريخ القديم والوسيط والحديث اليمني والعربي وجاء هذا الاعتذار نتيجة فعلية للزخم الشعبي السلمي التحرري الجنوبي في مليونيات متتالية بدأت بمتوالية حسابية رأسية تراكمية حتى أصبحت ملايينية وآخرها مليونية التحدي والإصرار على تحرير الوطن واستقلاله وإعادة دولته وأرضه المسلوبين إلى شريان الحياة الموؤدة قسراً والمضرجة بدماء الشهداء من أبناء الشعب الجنوبي المستمر اهراقه منذُ حرب العبودية الوحشية المنطلقة نيرانها الملتهبة التي تجاوزت واقع تحمل الجنوبيين كبشر وناس وكمسلمين لها في عام 1994م وما تلاها من إجراءات وحروب قمعية استثنائية رأيناها وعشناها في كل مدينة من مدن الجنوب وآخرها ما شهدته مدينة سيئون في حضرموت بالأمس..الخ

إن المليونية الأخيرة التي شهدتها ساحة خور مكسر وساحات حضرموت أكدت مثل مليونيات 2012م وفبراير ومارس 2013م بأن مطلب الشعب في الجنوب هو حريته واستقلاله وفك ارتباطه بالشمال وبالوحدة وأن هذا المطلب نهائي لا رجعة فيه.. والأهم من كل ذلك هو أن الإعلام الخارجي والدولي المرئي والسمعي والمكتوب ومواقف دول وشخصيات دولية كبيرة في الساحة العالمية العربية والإسلامية والإنسانية في تزايد مضطرد اليوم.. وهو ما يؤذن بتغيرات جذرية عربية وعالمية ايجابية لصالح أبناء الجنوب وحقهم في التحرر والاستقلال الوطني الثاني..

وسيلاحظ القارئ والمطلع على حديث اللواء الأحمر بأنه مثله مثل القيادات السياسية والتقليدية المؤثرة في القرار الشمالي السياسي لم يقدم أبداً أي مقترحات حقيقية ملموسة عن مستقبل الوحدة بين الشمال والجنوب وكأن شيئاً لم يحدث وخلال تسعة عشر عاماً ودخول الحرب مأساتها العام العشرون لم يعبر أحداً عن ندم أو حلول موضوعية تلبي حق الجنوبيون على الأقل في تقرير مصيرهم بأنفسهم ثمناً للدماء والدمار الذي لحق بهم خلال تلك الفترة.. ولا زالت بعض قياداتهم ونخبهم السياسية والقبلية والعسكرية والتجارية .. وخصوصاً حزب الإصلاح المستولي على السلطة التنفيذية الفعلية بالرغم من تصريح يتيم وأدوه في المهد للأخ القدير عبدالوهاب الانسي ولا زالت تلك القيادات ومعها قيادات حزب المؤتمر المتمتع بنصف الحكم والمنافع المادية والسياسية تصريحاتها عن مستقبل الوحدة وعن مطالب الجنوبيين تتسم بالضبابية والتسويف والمراوغة والعشوائية ولا تتضمن أي مضامين جوهرية أخلاقية وديمقراطية حتى المرجعية العظيمة للإسلام وقرآنه الكريم وسنة رسوله الواضحة وضوح الشمس والنهار التي يدعون تمثلها لا يقرونها لا من قريب ولا من بعيد.. وكل ذلك تم ويتم في ظل انعقاد مستمر منذُ الثامن عشر من مارس في صنعاء، لما يسمى " بالحوار الوطني" والذي تحول فيه الجنوبيين القليلين العدد والذين لا يمثلون الشعب في الجنوب" تحولوا إلى شهود بين الشماليين وشهود على الخطب العصماء التي تلقى يومياً في المؤتمر دون التقرب نحو القضية الجنوبية إن هذا المؤتمر المستمر انعقاده جاء تتويجاً لمفردات المبادرة الخليجية الصادرة والموقع عليها في نوفمبر من عام 2011م وبالرغم من وجود فكرة الحوار في سطور المبادرة حول القضية الجنوبية وقضية صعده استطاع الشماليون تحويل الحوار إلى حوار شمالي شمالي وكان الأجدر من الوهلة الأولى جعل المرجعية الأممية لمجلس الأمن الدولي الصادرة بقراري المجلس خلال حرب 1994م رقمي( 924-931) أساس منبع الحوار وهو جلوس الجنوب أو ممثلي الجنوب على طاولة الحوار مع الشمال أو ممثلي الشمال.. لكون هناك طرفين لا ثالث لهما خاضا حرباً الطرف المعتدي والطرف المعتدى عليه ولا أعتقد أطلاقاً مهما بلغت التحريفات والتصريحات بأن القرارين لم يعنيا إلا شيء واحد جوهري وهو محادثات على طاولة واحدة لممثلين من الجنوب والشمال لتحديد مستقبل مصير علاقاتهما ووحدتهما.. فلا يجوز في الفقه الدبلماسي ولا في ميثاق الأمم المتحدة ولا حتى في الفقه الديني ولا حتى في الفقه العرفي ولا حتى في فقه العادات والتقاليد الاجتماعية والإنسانية أن يتحاور الشماليون نيابة عن الجنوبيون أو  العكس ..

لقد كان شعار المؤتمر المسمى (بمؤتمر الحوار الوطني) وعلى لسان الرئيس عبدربه منصور وعلى لسان رئيس اللجنة الفنية للحوار بأنه سيكون حواراً بلا سقوف لمناقشة أهم قضيتين هما القضية الجنوبية وقضية صعده وفي بداية الأمر لعبة تصريحات عبدربه منصور المشار إليها وتصريحه الصريح الفصيح لأول مرة منذُ أكثر من ثمانية عشر عاماً عن البشاعة والآلام المريعة والدمار التي ولدتها حروب الشمال على الجنوب منذُ 1994م وهو فكر بصوت عالي ونطق بصوت عالي لأول مرة وسمعهُ الشماليون قبل الجنوبيون وسمعهُ العالم كله وهو اعتراف صريح بأهوال الحروب على الجنوب وما لحق بشعبه من دمار وقتل رهيبين ..وتركت تلك التصريحات اثر عاطفياً لدى الجنوبيون.. وبالتزامن مع تلك التصريحات للرئيس هادي صرح وأعترف الشيخ صادق الأحمر بأنه شارك في نهب الجنوب ومنزل  الرئيس علي سالم البيض دون إبداء أي لحظة أسف لذلك وكأن ما قام به من نهب أنما هو مصرح به له ولأقرانه وهو ما جعل تلك العواطف  تتلاشى بعد ذلك وتحولت شعارات الرئيس وبعض السياسيين إلى سراب بعد أن تغيرات نبرتهم من لا حدود للحوار ولا سقوف إلى حدود وسقوف وتصريحات جبرية وقدرية الوحدة والتهديدات بالقوة والقتل عبر حروبهم القادمة حفاظاً على الوحدة وهو ما شاركهم فيها قيادات شمالية من جبابرة الزمان في حزب الإصلاح وحزب المؤتمر الشعبي العام حتى أن نصر طه مصطفى مدير مكتب عبدربه منصور قال بالنص لا يوجد من يناقش الفدرالية أو الحكم الواسع الصلاحيات وإنما توجد مناقشة في المؤتمر حول تعديل وتصحيح المركزية. وهو يعتقد بأن هؤلاء فرسان الحروب والقتل الشماليين هم وحدهم من يقرر مصير الجنوب.. وهؤلاء من الإصلاحيين والمؤتمريين ومشائخ القبائل اثبتوا لليمنيين الشماليون والجنوبين وللعالم بأجمعه بأنهم متخلفون عن العالم بما يزيد عن ألف عام وبأنهم خارج الثقافة الدبلوماسية الدولية وخارج الشرعية الدولية والإنسانية والإسلامية وبأنهم لا زالوا مفتونين بل ويعيشون في زمن الاستبداد وعالم القرون البدائية والوسطى وعالم الغزوات حتى بعد اعتراف أقطاب الشمال بأنهم حولوا الوحدة التي تمت في 22 مايو بين الشمال والجنوب إلى استعمار للجنوب وبأنهم نهبوه وقتلوا أهله ودمروا حياته ومدنه وقراه! الخ.

وعبر بعض الجنوبيين من قيادات حزب المؤتمر الشعبي ومن قيادات حزب الإصلاح وآخرين ومستنسخين رسمياً فرادا وجماعات وذهب البعض ليقرر باسم شعب الجنوب كان يؤكد أنه مع كيان أتحادي جنوبي شمالي ولم يحدد أي نوع من الكيانات الاتحادية هل هو الكونفدرالية أماذا؟ ولعل أهم تصريح وأقرب إلى الواقعية هو حديث للأستاذ الجليل والشخصية الوطنية القديرة د. صالح علي باصره عضو لجنة الحوار المشكلة من رئيس الجمهورية بعد أحداث القتل والقمع في 21/فبراير الدموية ضد المليونية الجنوبية ألمسماه بمليونية إعادة الكرامة وخلالها  ووسط وبعد نهاية شهر مارس قتل أكثر من خمسة وثلاثين من الثوار المشاركين في الفعاليات والتي استمرت حتى أوائل وبعد منتصف شهر مارس وجرح خلالها العشرات وأعتقل المئات من قادة وأعضاء الحراك الجنوبي السلمي)) في تلك المقابلة في ردهِ على أن الأغلبية الجنوبية تريد الوحدة ومع الإصلاح وُضع مقدم البرنامج واحد المحاورين في حرج لا يحسدون عليه قال إذا كان الأمر كذلك فعلينا تخيير الشعب في الجنوب لتحقيق مصيره وبأشرافٍ دولي وهنا ستنتصر(( أبواق النظام وآلته الإعلامية الضاربة)) أم ستنتصر الملايين الشعبية الجنوبية التي تخرج تباعاً منذُ أكثر من ستة أعوام بالرغم من التردد الذي أصابه عن ذلك فيما بعد ..!

أما الأستاذ القدير علي عشال القيادي في الإصلاح فهو مع استفتاء حدوده،، (أ) حكم واسع الصلاحيات (ب) أو عدة أقاليم أو (ج) الفدرالية)) ولكنه خرج عن إرادة قيادة الإصلاح التي لا زالت تعتبر الجنوب فرعاً للشمال..وكأن الملايين التي تخرج في الجنوب وتطالب بفك الارتباط وهي صاحبة الحق في الأول والأخير كأنها لا شيئ بالرغم من شهود العالم كله على تلك المليونيات وآخرها مليونية 19 عاماً من الحرب وهذه ليست أفكار العزيز علي عشال بل وينظم إليه المعمري وقيادات إصلاحية وتمثل جوهر الاستبداد والأنانية المفرطة التي تفضل المصالح الذاتية على شعب بأكمله وهي مأساة حقيقية في ضعف الارتقاء السياسي والفكري والأخلاقي المتطور للإنسانية والإسلام والعروبة ليس هذا فحسب فلو أنهم استوعبوا حقوق شعب الجنوب الوطنية وهم أفراد منه فقط لحسموا أمرهم مع إرادة شعبهم وأهلهم ولردوا اختيار مصير ذلك الشعب إلى نفسه ليقرر باستفتاء شعبي تشرف عليه الأمم المتحدة بقيادة مجلس الأمن الدولي وبمشاركة قوى الجوار العربية الشقيقة والإسلامية.. أن تلك التصريحات شاء هؤلاء أم أبوا قد وصلت إلى الشعب والعالم كله وعُلِم كما أن هؤلاء أنانيون عاشقون لأنفسهم ولمنافعهم ولأرائهم ولنزعاتهم وما أذا حكموا غداً شعب الجنوب أو شعب الشمال أو كليهما ما الذي سيقدمونه من أسلوب للحياة وبأي سياسة سيحكمون هل ستكون تبعية أم نفعية مدمرة أو ماذا؟ يعلم الله وحده ماذا سيكون جوهر حكمهم..! وأما أبناء الشعب هناك وهنا فإنهم على يقين من نزعتهم الاستبدادية والنفعية في سلوكهم اليوم أو غداً وهؤلاء بحاجة إلى أن اليوم لاستيعاب كل العوامل المحيطة بالقضية الجنوبية الداخلية والخارجية والتطورات الإنسانية المتسارعة حتى لا يصبحوا يغردون وحيدين في فراغ الزمان والمكان الشعبي والسياسي والاجتماعي.. إن الله سبحانه وتعالى قد وهب هؤلاء ووهب الإنسان مواهب ضمن عملية ارتقاء وتدرج كبيرة حتى يستطيع أن يفرق بين الحلال والحرام بين الحق والباطل وبين مضامين المفاهيم والأفعال الكثيرة جداً والاستفادة القصوى من ايجابيات الحياة ودروسها وعبرها..

وأنه لمن المفيد أن يستوعب الجميع وهؤلاء التطورات السياسية والدبلوماسية للبشرية عموماً وللعالم العربي والإنساني والإسلامي.. واللذين أسسوا معاً منذُ أكثر من ستون عاماً متعاضدين.. أسسوا المنظمة الدولية الأممية متمثلة بالأمم المتحدة ومنظماتها الإقليمية ومجلسها الأمني  المبني على ميثاق الأمم المتحدة دستور الإنسانية وما رافق ذلك من تطورات إنسانية شهدتها شعوب الكرة الأرضية بتجاربها الايجابية والسلبية حتى اليوم وبدرجة رئيسية حقوق الشعوب والأمم الإنسانية الشاملة في اختيار طريقها بنفسها..!

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل