آخر تحديث :الخميس 28 نوفمبر 2024 - الساعة:01:01:13
ظاهرة من ظواهر العبودية ..فكل نظام استبدادي رجال دين ومنظرين..!
د. عبدالرزاق مسعد

الخميس 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

كظاهرة موغلة في القدم أتسم زمانها وأسلوب حياة مئات الشعوب والأمم بسمة العبودية في سلوك بعض النخب السياسية والثقافية وفي أسلوب رجال دين.. فكل مجتمع ونظام سياسي مستبد له مساندوه من رجال ومن أنصاف المتعلمين بل ومن المثقفين والفلاسفة والشعراء والأدباء والفنانين بمختلف أنواعهم.. والأكثر من هؤلاء أنصاف وأرباع وأثمان المتعلمين ويكون تأثير هؤلاء على ضحاياهم من الأغلبية من الناس الحاملين للوعي العادي وهم كثيرون جداً وتتعمد الدول وللحكومات المستبدة إلى المحافظة على مستوى تدني وعي وتعليم هؤلاء الذين يمتلكون أغلبية شعبية ،حسب الزمان والمكان، وهؤلاء بفعل تأثير النخب ورجال الدين عليهم أو تأثير حاكم أو شيخ قبيلة متجبرة أو قائد عسكري أو إمبراطورا أو ملكاً،يرون فيهم  انعكاس لأرواحهم المستبدة من جانب ومن جانب آخر يضعون نصب أعينهم المصلحة المطلقة والعطايا والنحل المادية في مقدمة همهم، ومنهم من يبحثون عن المجد وبأي ثمن ولو كان ثمن ذلك شرف الأوطان والشعوب والأمم والدين ومن هؤلاء في زمان ومكان ملموسين من التاريخ والتطور المحدود لا يرى في المستبدين الحكام وغيرهم إلا خياراً وحيداً، وصارماً بقوة فعل العادة الموروثة من أعماق القدم العبودية وجيناتها ومن واقع ظهورها وتفشيها ومثل ذلك يحصل مثلاً في الوطن العربي قبل ثورات الربيع العربي واليمن، قبل وبعد هذه الثورات،وهؤلاء يعتبرون أنفسهم بالمدافعين عن الوطن والشعب " والوحدة" مثلما يحصل عند الطائفة اليمنية الشمالية من المثقفين وعلماء الدين وبعض السياسين دون أن يوسموا أنفسهم بالعبيد وهم دافعوا عن المستبد والدكتاتور العائلي ويدافعون عن الدكتاتورية الجماعية التي أنتجتها الثورة، بطريقة عمياء دون تميز بين الحق والباطل أو الحلال والحرام ويستبيحون دماء أخوانهم في الله والدين في الجنوب وينهبون حقهم وأرضهم ويفتون على قتلهم وتدمير أرضهم وبناهم التحتية تحت مسماً ومفهوماً بان الجنوبيين شيوعيين ويدعمهم ووفتاويهم كل النخب الشمالية طوعاً أو بالقوة.. أنها مأساة رهيبة لا يمكن لها أن تمر دون عقاب الهي سنراه قريباً أو بعيداً بإذن الله تعالى.. إن معرفة هؤلاء محدودة من الناحية العلمية والمعرفية والدينية.. وحتى وإن كانت عبقريتهم عبقرية هجل " جورج فيلهلم فريدرش" ( 1770-1831) وهو أحد الفلاسفة الكلاسكين الألمان بالرغم من المقولات والقوانين والمفاهيم الفلسفية التي أبدعها وعزز بها الفلسفة العالمية إلا أنه وصل في الأخير إلى إعلان أن الملكية البروسية هي قمة التطور الاجتماعي وربطها بالدين وبالمذهب الكاثلوكي المسيحي.. لكن أنصاره قاموا ولا زالوا يقومون بتطوير وتجديد نظرياته حتى اليوم. لقد كان متعصباً للشعب البروسي وجاء من بعدة هتلرمقدمانظريتة عن تطور حياة الشعوب الألمانية وبأفضليتها على كل شعوب المعمورة والتي أعتبرها أجناس دونية مقارنة بالشعوب الألمانية الأفضل والأعلى على كل البشرية وكان يمكن لهؤلاء المنظرين أن يقودوا إلى زوال البشرية لو أن الحرب العالمية الثانية أستخدمة فيها عدد من الدول السلاح الذري بطريقة موسعة! ولكن فيما يتعلق بهيجل فإن العالم اليوم لا يستطيع أن يحكم عليه إلا على أساس واقع الملكيات المطلقة التي كانت ظاهرة في تاريخ أوروبا الوسيط لا غير..ولكن ما الذي تحكم عليه البشرية اليوم على أولئك الذين يفتون على شعب مسلم بأنه شيوعي ويزعمون استباحة حقه وأرضه وقتل سكانه في أوائل الألفية الثالثة وفي القرن الواحد والعشرين، ويستخدمهم الحكام كسلع تباع وتشترى وهم دوماً تحت الطلب، والمهم جمع المال والثروة.. الخ
هؤلاء كانوا من مثقفين ورجال دين ورجال إعلام كانوا مطلوبين دوماً للطغم الحاكمة المستبدة وكظاهرة مستمرة كان هؤلاء في الخلافة الأموية والخلافة العباسية بعض منهم رجال دين وبعض منهم أمراء وولاة مثلوا خاصرة الخلافة الإسلامية وسعوا لإشعال الفتن ونشروا الفساد ووضعوا له الأحاديث والتبريرات للحكام من الأدنى إلى الأعلى ثم أ ستمر ذلك بعد قيام الإمبراطورية العثمانية التركية، حيث عمم هؤلاء ومن يساندونهم من المتعلمين ومن علماء الدين إلى أن يعم الفساد كل البلاد التي حكمتها الإمبراطورية العثمانية .. فكان السلطان التركي في العاصمة الإسلامية يمتلك الأراضي، الواسعة وأغنى وأجمل الأراضي في العالم العربي والإسلامي ومن أجل ذلك كان يوجد وزير مرتبط بالسلطات فقط ويسمى (بالدفتردار) ويدير ويستثمر كل الأراضي في الوطن العربي والإسلامي باعتبارها أراضي السلطان ويوزع الأراضي السلطان وحده لقادته والعسكريين من مدبري ومديري الحروب ويحصل المفتيين الدينينين والباشاوات المحليين على بعض من ذلك.. وهؤلاء مقابل ذلك كانوا يسحقون الشعوب الإسلامية وينهبونها.. عبر الجباية المطلقة والإتاوات والسحت والإفقار وجمع الثروات التي شارك فيها الأئمة والباشاوات وعملاء ورجال دين ومثقفين ساهموا في ذلك حتى وصلوا حد قتل من يقاوم أولئك الحكام والولاة والعساكر..
لقد استمرت وسائل انتشار الفساد بكل فروعها من النهب المنظم للشعوب والرعية وقطاعة الطريق وإثارة الفتن على وقع التفريق بين سنه وشيعة ومذاهب مختلفة منذُ معركة الجمل التي صنعها أولئك المدمرون للإسلام والحياة ولا زالت أثارها مدمرة وفي مقدمة ذلك المفتين باسم الدين وناعقين باسم العروبة والولاء لآ البيت لقد كان ولا زال من العلماء ورجال دين ومثقفين وأدباء وشعراء تحت الطلب متواجدين في كل حين وكل دهر عاشته وتعيشه الأمة العربية والإسلامية واليمن وقادته وبعض من مثقفيه ورجال دينه..
إن الفتاوى المستمرة في الإصدار واللعب بالدين الإسلامي لفت انتباه العالم الإسلامي والإنساني كله وتجنيد ذلك ضد أبناء الجنوب بالأمس في حربهم وعدوانهم الظالمة الغاشمة في 1994م واستمرارها اليوم على شعب الجنوب وحراكه الوطني السلمي الثائر لعودة الحق إلى أهله وهذه الفتاوى مدعومة بطريقة عنصرية من عدد من المثقفين السياسيين ورجال دين وآخرها فتوى الشيخ محمد الإمام من معبر وذلك النشاط المسرحي للفنان القرني الذي تحمس لقتال الجنوبيين أذا حاولوا الانفصال وقرأنا لشعراء يساوون بين الضحية وهو الجنوب والجلاد وهو الشمال الذي اشترك بكل فئاته في ممارسة القتل والظلم والعدوان الشامل على الجنوب لمدة نحو 19 عاماً  وهذا هو الفرق بين مشاكل الشمال التي هي مشاكل داخل الشمال وحده.
أما العدوان على الجنوب فقد كان عدواناً واجتياحا ساهم فيه تقريباً كل أبناء الشمال طوعاً أو قسراً بل أن مناصرتهم لنظام الاستبداد الجماعي اليوم وللاستبداد الفردي والقبلي بالأمس أنما هو علامة صريحة واضحة للتاريخ فلا صوت شمالي وقف مع الجنوب فيما عاناه من ظلم فاضح إلا أولئك اللذين رحم ربي منهم وأشرنا لهم في مقالة سابقة .. هكذا اليوم نرى في كتاب ((أدب الطلب  الزاهد والشيخ الموقر في حياته ومماته " محمد بن علي الشوكاني" المتوفى 1250هـ خلاصة علمية لماهية أغلب علماء الدين الزيدية والسنية الذين عاشوا في شمال اليمن وأي موروث لا زال أمثال هؤلاء العلماء يتمثلونه اليوم.
العلامة محمد بن علي الشوكاني المولود 1173هـ في هجرة (شوكان) من ناحية خولان القريبة من صنعاء وقد توفي في صنعاء 1250هـ (وكان له صراعاً كبيراً مع أكثر الفقهاء في عصره وينكر على بعض المتكسبين بالفقه لأجل الدراسة والأغراض الدنيوية لا حباً في العلم لذاته كان يجتهد في أول طلبة ويكد في التحصيل حتى إذا حصل على وظيفة أو منصب ضرب بالدفاتر وجه الحائط وألقاها خلف الستور لعدم الباعث فيه من جهة نفسه والمنشط على العلم والمرغب فيه فهذا مثله كمن يتعلم مهنة ويتدرب فيها حتى يدركها ثم يذهب إلى دكان فيعتاش بتلك المهنة فلا يعدُ هذا من أهل العلم في قليل ولا كثير) وقد تعرض الشوكاني لإرهاب نفسي نتيجة لمذهبه الصريح بالأخذ بالحرية الفكرية وعدم الانصياع لمنافع الدنيا والدولة والحكام وقف ضد المفتيين الذين يبيعون أمور الدين إرضاءً للحكام وللولاة والحصول على ملذات الدنيا وقال من جملة الأسباب التي يتسبب عنها ترك الأنصاف ويصدر عنها البعد عن الحق وكتم الحجة وعدم ما أوجبه الله من البيان حب الشرف (الجاه)  والمال اللذين هما اعداء على الإنسان من ذئبين ضاريين كما وصف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذا هو السبب الذي حرف به أهل الكتاب كتب الله المنزلة على رسوله وكتموا ما جاءهم فيها من البيان والهدى كما وقع من أحبار اليهود، وقد اخبرنا الله في كتابه العزيز واخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثابت عنه بالصحيح، وبهذا السبب بقيى من بقيى على الكفر من العرب وغيرهم بعد قيام الحجة عليهم وظهور الحق لهم وبه نافق من نافق ووقع في الإسلام من أهل العلم لذلك السبب عجائب مودعة بطون كتب التاريخ وكم من عالم قد مال إلى هوى ملك من الملوك فوافقه على ما يريد وحسن له  ما يخالف الشرع وتظهر له بما يتفق لديه من المذاهب بل قد وضع بعض المحدثين للملوك أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وقع وهب بن وهب . (البختري)  مع الرشيد ووقع من آخر في حديث لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل فزاد في الحديث والجناح ووضع جماعة مناقب للقوم واخرون مثالب لاخرين لا حامل لهم على ذلك إلا حب الدنيا والطمع في الحطام، والتقرب من أهل الرئاسة بما يتفق لديهم ويروج عليهم.)
2- وفيما ينطبق على فتاوى حرب 1994م لبعض العلماء بالأمس واليوم وبعد مرور 18 عاماً من الحرب فلا زال الكثير من العلماء اليمنيين الشماليين الإجلاء يفتون بتكفير و بقتل الجنوبيين لضرب ثورتهم السلمية دون رادع أو ندم أو رجوع وذلك مرده إلى حقيقة ما تواءم مع ما قاله الشيخ الشوكاني الموقر قبل أكثر من مئة عام (( مرد ذلك إلى جرأة وعناد ومكر وخداع هؤلاء الأئمة على الشعب والعوام ،على أقل تقدير بالالتزام بالاعتراف بخطأ فتواهم (( التي أدانها علماء الإسلام في مكه المكرمة والأزهر الشريف في مصر)) تجنباً والتزاماً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مواجهة هذه النفعية والذي حلف فقال (( والله لأحلف على شيء فأرى غيره خيراً منه إلا اتيت الذي هو خير وأكفرُ عن يمني))

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل