- وعدهم بتعيينات كسفراء.. العليمي يستعين بخصوم سابقين لرئيس الوزراء للإطاحة به
- تعرف على سعر الصرف وبيع العملات مساء الجمعة بالعاصمة عدن
- بعنوان الحرب العالمية الثالثة .. محاضرة دينية تثير رعب المصلين في تعز
- تقرير خاص : تجــاوزات مـندوبي منظمـة ADRA في قـبيطـة لحـج تضـرب العمـل الإنسـاني بمقتل!.
- شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا
- مأساة إنسانية يعيشها العالقون اليمنيون في غـزة
- اللواء البحسني : ذكرى استقلال الجنوب دافع لتعزيز التلاحم وتحقيق الأهداف
- استطلاع خاص يستعرض آراء نخبة من الباحثين والناشطين حول المخدرات وتداعياتها على الشباب والمجتمعات..
- تقرير لـ"الأمناء" : هل تراجعت الرياض عن تقديم وديعة جديدة للبنك المركزي في عدن أم أن هناك شروطًا وعقبات؟
- تزايد حالة الاستياء الشعبي في مناطق سيطرة جماعة الحوثي
السبت 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
حتى اليوم؛ لم يتمكن الرئيس هادي من تحويل نفسه من رئيس توافقي إلى مشروع وطني؛ رغم أن الوضع كان، ومازال، مهيئاً أمامه كي يتحول إلى بطل وطني. ومع أن وضع البلاد يقتضي منه لعب دور البطولة هذا؛ إلا أنه يفتقر للأدوات والفاعلية السياسية المطلوبة للقيام بذلك. وبسبب افتقاده للمشروع الوطني؛ سيلجأ هادي إلى القوى التقليدية للتحالف معها ضد ما قد تنشأ أمامه من مشاكل وأزمات سياسية.
كان يُمكن أن يدفع هذا الانتقال الرئيس هادي إلى مغادرة خانة إدارة التحالفات بذهنية محكومة بالمراعاة والترضيات، نحو موقع إدارة البلاد تمثيلاً للمصلحة الوطنية، التي تُظهر في حالة فقر مدقع، كما لو أن اليمن لا تحضر في الذهنية العامة لـ "مواطنيها" كوطن، بل كساحة صراع بين مراكز القوى من أجل السيطرة والاستفراد.
ليست اليمن فقط من مازالت رهينة لمراكز النفوذ التقليدية؛ بل الرئيس هادي نفسه مازال واقعاً، بما يشبه الإذعان، تحت هيمنة ونفوذ هذه القوى. ومن ينظر إلى مسيرة الرجل في كرسي الرئاسة لن يراه كرئيس دولة، بل كأداة توازنات لإدارة تحالفات ومصالح وأدوات نفوذ تلك القوى. لهذا استعصى التغيير، ويبدو كما لو أنه بات في حكم المتعذر، على الأقل في المدى الزمني المنظور.
يستعصي فهم حالة المراوحة التي يظهر فيها الرئيس هادي. لعله وضع في مهمة أكبر من طموحاته، وقدراته، أو لعل الحوادث في اليمن "أكبر من الرجال"؛ إن جاز لي إسقاط ما قاله هيكل عن مصر.
...
سيشكل مؤتمر الحوار الوطني حدثاً مفصلياً في تاريخ اليمن؛ ليس لأنه سيفتتح مرحلة للتغيير الملموس، بل بما سيفضي إليه من إعادة صياغة للدستور وللدولة.
الأرجح أننا على وشك الانتقال إلى الفيدرالية؛ إذ يبدو لي أن هذا أمر لا مفر منه، على الأقل لتحقيق الحد الأدنى من مطالب الجنوب الغاضب. المشكلة أن الذهاب إلى الفيدرالية سيتم كمحاولة لامتصاص الغضب الجنوبي، وليس كحاجة سياسية واعية بهدف إحداث التغيير كمدخل لبناء دولة وطنية حديثة.
منذ الآن، علينا أن نعرف أنه بدون إقامة دولة القانون والمواطنة المتساوية، ستنتج محاولة امتصاص الغضب في الجنوب أسبابا جديدة للغضب ستضاعف من مأزق اليمن، كهوية وطنية وكدولة. وهذا سيحدث إذا لم يترافق انتقال البلاد نحو الفيدرالية مع عملية إصلاحية واسعة تبدأ بضرب الفساد، والنهوض بالاقتصاد، وتحجيم مراكز القوى والنفوذ، بما يجعل من هذا الانتقال السياسي المرتقب فرصة حقيقية لقيام نظام وطني جديد، وليس هروباً من المسؤولية عبر توزيعها على الأقاليم والولايات.
لا توجد لديَّ مخاوف من ذهاب البلاد نحو الفيدرالية؛ لكني أدرك أن مشاكل اليمن لا يُمكن أن تُحل بتغيير النظام السياسي للدولة. ستنتقل اليمن إلى الفيدرالية مع النفايات التي تراكمت طوال العقود الماضية، وتحكمت بالوحدة الاندماجية، وبالحياة ككل. وبدلاً من أن يكون الانتقال المرتقب فرصة لليمن، سيكون فرصة أمام تلك القوى والفاسدين لممارسة عمليات نهب جديدة، انطلاقاً من وضع جديد سيكونون جزءاً رئيسياً منه، وربما، وهذا الأرجح، مسؤوليه وقادته! والمعنى أن تغيير المسميات لن يمنع قوى الفساد والنفوذ من الاستمرار في لعب دور المعطل لقيام دولة النظام والقانون.
وبسبب عدم وجود فرز وطني واضح، قد يكون تغيير النظام بمثابة فرصة لمد مراكز النفوذ التقليدية بحيوية جديدة، كما حدث مع ثورة الشباب. ولأن الفئات الاجتماعية، صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير، غير منظمة، وغير فاعلة بما يمكنها من أن تتحول إلى أداة ضغط وطنية؛ سيركب الفاسدون، وناهبو المال العام، الموجة بحثاً عن دور في النظام الفيدرالي الجديد.
لقد فشلت الوحدة الاندماجية؛ لكن مازال بإمكاننا أن ننقذ اليمن، كجغرافيا وهوية وطنية، من الغرق أكثر في حالة الفشل القائمة. وذلك لن يكون إلا بالشروع في إقامة دولة وطنية بدون شروط وخيارات مراكز القوى التقليدية.
كان الرئيس هادي يُمثل فرصة أخيرة لبقاء الوحدة، عبر إحداث تغيير شامل يتم فيه استبعاد مراكز القوى التقليدية؛ غير أن الذهاب إلى مؤتمر الحوار الوطني، ثم الفيدرالية، في ظل بقاء نفوذ وسيطرة مراكز القوى تلك، أمر يجعل من هادي فرصة أخيرة للوحدة؛ لكن بشوطين إضافيين. لو أن الرجل أظهر عزيمة قوية، وعمل على توحيد الجيش، وإقصاء مركزي الصراع فيه، قبل الذهاب إلى مؤتمر الحوار، لكان وضع اليمن مختلفا اليوم، وبالتأكيد وضعه كرئيس للبلاد.
نحن حيال مقامرة مكلفة سيكون ثمنها فادحاً. لم يعد ممكناً بقاء نظام وشكل الدولة القائم؛ بسبب أزمة النظام السياسي القائم. وفي حال فشل الانتقال الجديد المرتقب؛ فمن حق الإخوة في الجنوب البحث عن خلاصهم الخاص بعيداً عن الشمال وموروثاته التقليدية، التي تمانع وتقف حجر عثرة اليوم أمام قيام الدولة في اليمن، وبقائه موحداً. والحقيقة أن الرئيس هادي يقامر بمستقبل اليمن ووحدته من أجل مراكز هذه القوى.
...
لا أحد ينتظر أن تنشأ من مؤتمر الحوار الوطني أداة سحرية لتغيير وضع البلاد. وشخصياً لا أعرف ما سيفضي إليه هذا الحوار، وما هي الضمانات التي ستكفل تنفيذ ما سيخرج به. الأمور غير واضحة؛ شأن طريقة حكم السيد رئيس الجمهورية. ورغم أني أدرك أن اليمن لا تحتاج توصيات صادرة من مؤتمر وطني، قدر حاجتها إلى قيادة وطنية جسورة وغير مترددة؛ إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية مؤتمر الحوار الجاري اليوم، بل يستدعي من القوى الوطنية المشاركة فيه العمل بجد بما يحول دون استفراد القوى التقليدية بالمؤتمر ومخرجاته.
- عن صحيفة "الشارع"