آخر تحديث :الاحد 01 ديسمبر 2024 - الساعة:00:20:20
المقاومة المسلحة مطلب شمالي
منصور صالح

السبت 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

أعجب لمنطق البعض وهو يتحدث بفرح عن المقاومة المسلحة وكأنه إنما يتحدث عن الخروج في نزهة سياحية مع أطفاله إلى سوق عدن مول في ليلة شتوية مقمرة من ليالي عدن بالغة السحر.

ربما يبرر هؤلاء حماسهم بان الشارع الجنوبي أصبح يعيش حالة غليان بلغت مدى بعيدا تعززها حالة الإحباط من تجاهل العالم لقضيته مع فقدان الأمل في إمكانية تفهم المجتمع الدولي لمعاناته على الأقل في الفترة القريبة القادمة .

لكن ومع كل ذلك فأن ما لا يدركه هؤلاء إن مجرد التفكير في اللجوء إلى العنف والاستعداء المطلق لكل ما هو شمالي حتى الجهات والأسماء يحمل إشارة إلى عدم القدرة على ابتكار طرق نضالية أكثر تأثيرا وقوة والانتقال إلى أساليب أرقى في العمل السياسي والجماهيري كفيلة بلفت اهتمام العالم إلى القضية العادلة لهذا الشعب .

إن من الخطأ إن يعتقد البعض بصوابية العنف كبديل لخيار النضال السلمي مهما تبدت المبررات منطقية باعتبار إن لمنهج العنف ضريبة باهظة ينبغي إن تدفع دماء وأرواحا ومعاناة وسجونا لان العنف سيقابل بعنف مضاد أشد بطشا من خصم متهور ومتفوق عددا وعتادا، ناهيك عن إن تبني هذا الخيار سيسدي للخصم خدمة جليلة وسيبرر للقتلة الذين يقتلون شبابنا اليوم في ساحات وميادين النضال السلمي بل ويقتلون حتى النساء في مخادعهن ظلما ودون مبرر لان يقتلوا غدا ويحصدوا أرواح الجميع ويهدون المساكن على رؤوس المساكين من المطحونين والمقهورين تحت مبرر إخماد تمرد مسلح ولو كانوا الضحايا يتأبطون كراريس الجامعة وليس الكلاشنكوف.

أن شحن الناس بثقافة الدم والبارود التي يمارسها البعض دليل عدم استيعاب للواقع وتعقيداته ولنتائج هذا العنف التي تعني المزيد من الشهداء والضحايا والمزيد من المآسي والآلام التي لا يقوى على احتمالها أناس مطحونون أصلا بمعاناتهم وفقرهم وهمومهم اليومية وبواقعهم المر المفروض عليهم منذ نحو 18 عاما.

ان التفكير بخيار المقاومة وهي هنا تختلف عن مبدأ الدفاع المشروع عن النفس يتفق ويلتقي مع غاية ومصلحة الخصم الذي بذل جهدا خرافيا خلال السنوات الماضية لجر الحراك إلى هذا المربع وهو يظن اليوم انه قد استنفد كل الطرق في محاولاته القضاء على الحراك ولذلك يسعى وكمحاولة أخيرة إلى جره إلى حرب واسعة بدأ التحضير لها فعلا في أبين وسيئون و ردفان والضالع من خلال إعادة الانتشار الكثيف على مداخل ومخارج المدن والمرتفعات المطلة عليها.

ولو قرأنا جيدا في مرامي ومقاصد هذه الحالة لو وجدنا إن صنعاء وصلت إلى مأزق حقيقي فيما يتعلق بالوصول إلى حل لمشكلاتها المعقدة مع تزايد الهوة والفوارق بين الفرقاء وهي لذلك ستلجأ لشن حرب جديدة على الجنوب بهدف تعزيز وحدتها الداخلية أولا وإعادة إخضاع الجنوب ثانيا وهي لأجل المضي في مخططها هذا تبحث عن مبرر يتيح لها البدء بشن حرب شاملة جديدة والحديث عن الكفاح المسلح هو العذر الأنسب والفرصة الذهبية وشبيه بذريعة داريا دولت التي لن يضيعها أمراء الحرب في صنعاء.

إذا كانت كل الشرائع والقوانين والأخلاق تكفل للناس حق الدفاع عن أنفسهم فأنه هنا ينبغي التفريق بين مصطلحي الدفاع عن النفس والكفاح المسلح قولا وفعلا وفي الخطاب العام وفي هذا يجب إن ينسجم خطاب الحراك ويتماهى مع تأريخه الذي يشهد له بالسلمية وتحمله الأذى ورفض الانجرار للعنف وان يعزز قادة الحراك وإعلامه في صفوف الجماهير ثقافة السلمية مع عدم إضاعة حقها بالدفاع عن النفس وليس كما يدعو البعض إلى إن تكون هي المبادرة بالعنف .

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص