آخر تحديث :الجمعة 22 نوفمبر 2024 - الساعة:21:46:06
فعلا هو حراك مسلح
صلاح السقلدي

الجمعة 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

  لأن الكلمة أشد وقعا من الطلقة  والقصيدة اقوى صدىٍ واللافتة أرقى تعبيرا عن الاحتجاج عند من يعي ويفهم هذه الطرق العصرية لنيل الحقوق واستعادتها، وليس عند من يعيش على هامش العصر وخارج سياق التطور ويعتقد ان حق القوة أقوى من قوة الحق، وخلافا لمنطقهم نقول لهم وهم يرمون الثروة الجنوبية  بدائهم وعللهم  وينسلون: نعم هو حراك مسلح، مسلح بوعي لا حدود له ، وعي حقوقي ،وعي سياسي ،وعي ثقافي، وعي وادراك بدقة وحساسية المرحلة التي يمر بها الجنوب المتحل والمنطقة باسرها ، وعي بمدى بخطورة تكالب الخصوم والأعداء حول قضيته، وعي بحجم تشابك المصالح الداخلية والخارجية وتقاطعها.

     - مئات الآلاف من الجنوبيين يحتشدون قبل ايام في حاضرة الجنوب (عدن) والمكلا وعتق وسقطرى وفي كل مدره وحجره دون ان تسجل حالة اختلال أمني واحدة، ولم تراق قطرة دم واحدة، تماما مثلما لم تسجل ولا حالة عبث بالأموال العامة والخاصة.

   ( قتل الخراصون)هذا هو الحراك الجنوبي المسلح، هذا هو الحراك المسلح الذي كانت تمر جموعه -في مسيرة جماهيرية غير مسبوقة في عدن- من جوار نقاط التفتيش العسكرية وهم يلوحون بأيديهم للجنود الذين جلهم أن لم يكن جميعهم من اخوانهم من أبناء المحافظات الشمالية.

    - مرت هذه المشاهد مرور الكرام على إعلام  تقطر وسائله ووسائطه تطرفا وتحريضا ولم يشر اليها إلا باحثا عن فلتة هنا أو زلة هناك عبر اخبار مفبركة تظهر مدى حالة الغيظ والحنق التي  تملكت اصحابها .أغرب ما في الأمر ان وسائل  هذا الإعلام طيلة  الشهور الماضية -فيما عرف بثورة التغيير هناك - كانت تصور كل الصدامات المصحوبة -بمسحات دينية- التي كانت تتعمد ان تقوم بها القبائل التابعة لأحزابها  في صنعاء وعمران وغيرها من محافظات الشمال على انها قمة بالسلمية والتحضر والرقي، وحتى الممتلكات العامة التي كانت عرضة لعبث انصارها ونهابيها كانت في نظر هذا الإعلام آية بالثورية والمدنية وقمة في الحفاظ على الحقوق وغاية بالاعتدال والوسطية. وصدق المثل القائل:( الجمل لا يشوف عوجة رقبته).!!

      - سؤال ينتصب أمام الجميع في صنعاء بحجم جبل نقم: لماذا لم يعمد جموع المحتشدين الجنوبيين يوم الثلاثين من نوفمبر الماضي في عدن وحضرموت الى استفزاز واعتداء على الجنود ولا على الممتلكات العامة والخاصة ولم يتعرض بائع متجول واحد لأي عمل مسيء كما حاولت وسائل الزيف والفتنة الإعلامية البائسة المتطرفة تصويره خلال سنوات مضت ولم تطلق رصاصة واحدة خلال ثلاثة ايام بليالها هي عمر الاحتفالات الجنوبية بيوم الاستقلال ويوم الرفض الشعبي الجنوبي لذلك الحوار المشبوه؟  الجواب ببساطة هو لسببين هما:

     -أولا: اللطف رفيقٌ ملائم للفضيلة كما يقال، فالثورة الجنوبية ونشطائها وجماهيرها وتكويناتها يعرفون جيدا ان أبناء الشمال من مواطنين بسطاء لم يكونوا يوما من الأيام خصما للجنوب ولأبنائه حتى يتم النيل منهم أو مسهم باذئً، حتى وان نجحت شيطنة القوى الدينية المتطرفة والسياسية إلى استدراج خفنة لا تتجاوز اصابع اليد من السذج بالحراك الجنوبي الى خصومة أناس لا يصلحون ان يكونوا لهم خصوما.!   

    - ثانيا: ان الجميع بالجنوب يعرفون ان استتباب الأمن والتصدي للقوى المتطرفة والبلطجية العابثة هو مكسبا لهم لا يضاهيه مكسب، وان الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة هو ايضا مكسبا لهم لأنها ملكاً لهم وليست ملكاً لأحد من قوى النهب والفيد حتى وان سطت هذه القوى على الكثير من الممتلكات والثروات خلال السنين الخوالي،وان أي تدمير أو اضرارا بها هو خسارة عليها، وبالتالي فان بقاء هذه الممتلكات بعيدا عن العبث والتدمير هو مكسبا للجميع ودليل وعي راقي يقدم القضية الجنوبية بأوضح صورها ،ناهيك عن تفويت الفرصة على من يتقنص الأخطاء والزلات ليشهّـر ويشنّـع بسلمية الثورة السلمية ويجعل من ذلك كلمة حق يريد بها باطل.

      - في الجنوب كان الناس ولايزالون يتوقعون ان يتم الإشارة والإشادة من قبل القوى المدنية والثورية والوطنية الخيّـرة في صنعاء بهذا السلوك الراقي الذي ابداه الجنوبيون خلال ثلاثة أيام من الاحتفالات، ليس لأن الجنوبيين بحاجة لمثل هكذا اشادة فهم في غنى عنها لأن الواقع خير شاهد ،ولكن هذه الاشادة ان كانت حصلت تعد انصافا للحقيقة وتكسب اصحابها احتراما اكثر مثلما ستكون ادانة لتلك القوى المتطرفة التي دأبت على دمغ الجنوب بمثل هكذا تهم خطيرة هو منها براء فضلا على ما يجلب هذا التحريض من غرس الرهبة والتهيب لدى عامة الناس الشماليين وتصويرهم بانه طريدة توشك ان تقع بين المخالب، مما ولّد ذلك بالفعل لديهم حالة من التخوف والشعور بانهم داخل دائرة القنص.

   - لا يعني ذلك ان الثورة الجنوبية خالية من أدران العصر وامراضه، فهذه الثورة تضم في صفوفها معظم فئات الشعب الجنوبي وتتفاوت فيها درجات الوعي بين أفرادها وجماعتها مما يعني ان فيها الغث والسمين والصالح والطالح والواعي والأحمق بعد عقدين من ثقافة التجهيل المتعمد، ولكن تظل الغلبة دوما  للعقلاء والأخيار. (تعرف الشجرة من ثمارها) . ولهذا من المؤكد ان القوى المتطرفة في صنعاء ظلت تبتهل الى الله  قبل 30 نوفمبر ان يقوم حفنة من المتحمسين بتلك المسيرات المليونية الضخمة بعدن بإثارة اية مشاكل أو تجاوزات لتجد في ذلك ضالتها في اثارة الفتن و تنشيط الشيطنة الإعلامية المعهودة.!

  حكمة:( ليس للأكذوبة أرجل لكن للفضيلة أجنحة)

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل