آخر تحديث :الاحد 06 اكتوبر 2024 - الساعة:15:49:08
الاختفاء القسري في اليمن جريمة.. إفلات من العقاب
يوسف الحجري

الاحد 03 اكتوبر 2023 - الساعة:19:02:30


قالت أم رامي المنحدر من محافظة أبين انها فقدت أبنها اثناء عمله في الحديدة، منذ مايقارب الأربع سنوات، مع احداث الحديدة الدامية، اختفى أبنهاء العشريني ولم تلقى له أثر مما سبب له متاعب صحية ونفسيه، انهكتها هي وزوجها (ابو رامي) واشاقائه وتحولت ايامهم الى مآسي حقيقة.

شكت لي يوما عند مروري بجانب منزلها عندما عرفتني أننا صحفي ولدي علاقات بسيطة، أنها على آمل أن يعود أبنها، ودعتني الى مساعدتها، فأشرت لها ببعض الحقوقيين المهتمين ومكتب منظمات دولية وحصوصاً الصليب الأحمر، وأكدت لي انها طرقت كافة الابواب ولم تلقي أي جواب، لا تعلم إذا كان قد اخفي من قبل طرف او قتل وراح ضحية الاحداث التي شهدتها الحديدة خلال السنوات الماضية.

هذه القصة القصيرة التي ضحيتها أم رامي واحدة من عشرات القصص المأساوية، التي لا أحد يقدر تصورها وسردها في بضع كلمات، فهناك أسر شتت شملها وانهكها الفقر والعوز والحاجة الى معيل، مع اختفاء معيلها، وهناك امهات وزوجات حدث لها جلطات وامراض مزمنة مثل الضغط والسكر، نتيجة مضاعفات فقدان أزواجهن وابنائهن.

أم رامي التي خطبت له أبنة عمه قبل اختفائه قالت انهاء تترجى من الله عودته او حصولها على خبر وفاته، او اعطائها جثته لتكرمه بدفن ومراسيم تليق به، غير انها لا تعلم انه حي او ميت، وعاشت أيام سوداء وكان يأتيها بمنامها ويقص على مخيلتها  انه مسجون في الحديدة، مما سببت لها الاحلام والكوابيس مآسي فوق مآسي فقده وحيرة عودته التي تكاد أملها منعدم تماماً.


هناك عشرات الأسر وهناك عشرات الحوادق المؤسفة، تعيشها اليمن كواحدة من البلدان التي تعاني من حوادث الاخفاء القسري، نتيجة لعدم استقرار الاوضاع، ولعل أزمة اليمن واحدة من اقسى الأزمات في ظل أوضاع اقتصادية وسياسية وتناحر سياسي ومذهبي.


وبحسب تقارير حقوقية فان قضايا الاخفاء القسري متصلة بدوافع سياسية واخرى، تقوم بها جهات واشخاص متصلون باطراف النزاع وابشعها ماتقوم بها جماعة انصار الله التي تقوم بحملات واخفاء عشوائي لمجرد اشتباهها باشخاص وخصوا من عوائل خصومها للضغط عليهم، غير انها تنكر وجودهم، وتتملص من الاعتراف بوجودهم لديها، وان اعترفت تتركهم في سجون واوضاع غير انسانية كبيرة.  

إن عمل الاختفاء القسري يحرم الشخص الضحية، من حماية القانون، وينزل به وبأسرته عذاباً شديداً. وهذه الأعمال الغير اخلاقية تنتهك قواعد القانون الدولي التي تكفل، ضمن جملة أمور، حق الشخص في الاعتراف به كشخص في نظر القانون، وحقه في الحرية والأمن، وحقه في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما ينتهك الحق في الحياة أو يشكل تهديدا خطيرا له.

 وترى المنظمات الحقوقية أن الاختفاء القسري يقوض أعمق القيم رسوخاً في أي مجتمع ملتزم باحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأن ممارسة هذه الأفعال علي نحو منتظم يعتبر بمثابة جريمة ضد الإنسانية.


ونحن في اليمن بحاجة إلى ضغوط دولية على اطراف النزاع بالاعتراف بالمخفيين قسراً واعطاء اسرهم حق معرفة اماكن احتجازهم، وان يعاملوا معاملة انسانية ولهم كافة الحقوق والحريات، باعتبارهم غير اسرى حرب، وانما غيبوا نتيجة اشتباه، وان مر أشهر وسنين يطلقوا سراحهم ويعتذروا باستخفاف انهم كانوا مشتبه بهم،  وهذا غير مبرر لاخفائهم وتغييبهم عن اسرهم، وهذه الأعمال الغير اخلاقية هروب واضح من  العقاب، وعدم تحمل المسؤولية، وعلى الجهات المعنية فرض قانون يحمل أي جهه المسؤولية تجاه الاخفتاء القسري.


ختاماً استلهمت كتابة مقالي هذا من خلال متابعتي وقرائتي للتقرير البحثي الذي نشره المركز اليمني للسياسات، للباحثة سارة العريقي، بعنوان( «لو فقط …» مقاومة النساء وأملهن في مواجهة الاختفاء القسري في اليمن)، حيث تناقش هذه الورقة البحثية، إحدى الجرائم التي يتورط فيها كل طرفٍ في النزاع هي الاختفاء القسري للأفراد، ويشمل ذلك الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، أو أي شخص قد يُنظر إليه على أنه معارضٌ سياسي.

آملاً ان يحقق الحراك الصحفي والاهتمام الإعلامي بزيادة الوعي وتسليط الضوء على جرائم الاختفاء القسري، في اليمن، وخروج كل مخفي الى النور ويحقق عيشا كريما بين اهله واحبائه

.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص