آخر تحديث :الاثنين 29 ابريل 2024 - الساعة:01:39:20
العملة .. هل اتّسع الخرق على الراتق
عبدالله ناصر العولقي

الاثنين 07 ابريل 2021 - الساعة:19:00:19

كثير من شعوب العالم تتابع يوميا  نشرات الإرصاد الجوي، حيث أن شعوب البلدان الباردة تسعد بتوقعات ارتفاع درجة الحرارة، وشعوب الدول الحارة العكس، فضلا عن ترقبهم لهطول الأمطار الذي ربما يعدل أو يلغي بعض برامج رحلاتهم البرية أو غير ذلك. والملاحظ أن شعبنا لا يعير أي اهتمام لهذه النشرات، فالجو بطبيعته أكثر حرارة في غالبية المناطق خلا المرتفعات منها، ومع ذلك يرغب سكان عدن لو أن الإعلام المحلي يوافيهم بما يلامس حياتهم كنشرة توقعات يومية لانقطاعات التيار الكهربائي، والذي يحدث تغيير على برنامجه بشكل شبه يومي !، وكذلك، ليس الجو الحار هو ما يخنق الشعب وحسب بل حرارة المعارك كالتي تجري اليوم في محافظة مارب والتي ارتفعت درجة حرارتها إلى أعلى مستوى بعد هجمات المليشيا الحوثية على بعض المناطق، كما أن هناك ميزان حرارة آخر قد ارتفعت حرارته بسبب العمليات الارهاببة التي هدفت لزعزعة الأمن في عدن،  والتي زادت حدتها في الشهر الماضي.
كما أن هناك نشرة مهمة تحظى في هذه الأيام باهتمام كبير من سكان المحافظات المحررة، صغيرهم وكبيرهم، وهي نشرة أسعار العملات التي يتصدرها الريال اليمني مقابل الريال السعودي والدولار الامريكي، فالعملة المحلية صارت أكبر هم جاثم على صدور جميع الناس،  وهذه النشرة عجيبة حيث تتعدل أرقامها في اليوم الواحد أكثر من مرة، مما يعني أن الهبوط والصعود السريعان، ليسا إلا لعبة وسخة الكاسب الوحيد فيها مركز الصرافة، وقد تسبب هذا التذبذب للعملة في إغلاق كثير من المحلات التجارية والصيدليات في محافظة عدن.
من الواضح أن السلطة في بلادنا وخلال فترة عبث الحرب المستمرة، فقدت المقدرة على الإمساك بزمام العملة المتهاوية، ولم يكن هذا بجديد، فالمواطن يعرف بعجز حكومة معين عبدالملك وكذلك سابقتها حكومة أحمد بن دغر، ووقوفهما متفرجين للوضع الاقتصادي الذي تهاوى بشكل تدريجي، ومعه فقدت العملة المحلية استقرار قيمتها، وهرولت للدخول في برنامج تخسيس تحكمه قواعد الاقتصاد المنهار والعبث بالمال العام.
لا ريب أن الحرب الدائرة في البلاد، والانقسامات التي افرزتها، كانتا الشماعة التي علقت عليها الحكومة الحالية مسببات التدهور السريع والمريع للعملة، ولكن وفي الحقيقة، ليس كل شيء مصدره المباشرة الحرب، بل ربما الحرب استخدمت أحيانا كجواز مرور سمح بغض الطرف عن كثير من العبث بموارد البلاد، وتوقف بعض القطاعات الاقتصادية ومنها بعض المنشآت الكبيرة والهامة، والذي لعب الخلاف السياسي دور هام في تعطيلها.
لم يستيأس المواطن رغم صعوبة ما يقاسيه، فهو لا يزال يعلق آماله بمعتقد بعيد عن الواقع المعاش اليوم، وهو أن الحكومة وجدت لخدمة مصالح الشعب، لذا فهو يبني آمال بصحوة الحكومة وسعيها في إنعاش العملة الغارقة، ولعل ما يتصوره يكون خيرا من هدم الأماني.
إن صمت السلطة والحكومة إزاء ما يحدث للعملة المحلية، وما يعكسه ذلك على حياة الناس المعيشية، يكشف ما تستبطنه السلطة، بكل تفرعاتها، لشعبها من كراهية، وفقدانها للقيم الإنسانية، فالوضع المعيشي اليوم قاس عند معظم الناس، ولا يجب تجاهله، فالناس كاتمة أوجاعها وغالقة أبوابها لا أحد يعلم بحالها.
وأختم مقالي هذا بسرد ما روى لي أحد الأصدقاء قبل يومين وقد رجحت صحة ما قاله، لقد تحدث عن حدوث حالة إغماء لطالبة في فصل الدراسة الصباحي  في مدرسة بالمنصورة، وحين فاقت بعد إسعافها، تم سؤالها، بهل تعاني من مرض؟، فأجابت بالنفي وقالت بخجل بأنها أخر وجبة طعام تناولتها هي غداء يوم أمس؟؟.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص