آخر تحديث :السبت 27 ابريل 2024 - الساعة:05:36:39
الاعلان الذي حول مشروع الوحدة الي احتلال غاشم
باسم الشعبي

السبت 29 ابريل 2021 - الساعة:00:53:37

يوم 27 ابريل من العام 1994 ميلادية اعلن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الحرب على الجنوب من ميدان السبعين في خطاب متلفز تناقلته وسائل الاعلام العربية والدولية وهو الاعلان الذي فجر الشرارة الاولى لحرب السبعين يوما وحول الوحدة من مشروع وطني الي احتلال غاشم.

27 عاما مرت على ذكرى ذلك الاعلان المشئوم الذي وضع حدا لطموح واحلام اليمنيين في دولة وطنية تتحقق فيها العدالة والمواطنة والمساواة محيلا تلك الاحلام الي كوابيس مرعبة لم تتوقف عند حرب صيف 94 الظالمة فحسب بل قادت البلد الي حروب عديدة وانتفاضات وثورات شعبية وصولا الي حرب العام 2015 التي اجهزت على ما تبقى من دولة واحلام وردية يانعة.

كان ذلك الاعلان سببا في معاناة اليمنين وكانت الحرب القذرة ضد الشريك الجنوبي سببا في تمزيق النسيج الاجتماعي وتحويل الجنوب الي ارض مستباحة للفيد والنهب من قبل شركاء الحرب المنتصرين الذين شرعوا في تقاسم الغنائم منذ اليوم الاول لاجتياح الجنوب وعلى مدى عقدين ونيف.

عكرت الحرب العلاقة بين الجنوب والشمال لاسيما حينما شرع نظام الحرب في الممارسات الانتقامية ضدا على الجنوب وشعبه والتي بداءها بتسريح الاف الجنوبين من اعمالهم عسكرين ومدنيين وخصخصة المصانع والمؤسسات والشركات الوطنية المملوكة للدولة ونهب الاراضي والممتلكات الخاصة والعامة وغيرها من الممارسات التدميرية التي طالت الجنوب وهو الأمر الذي فجر حالة من الغضب في اوساط الناس بدات بانتفاضات وحالات تمرد ومقاومة محدودة الي ان بلغت مداها في 7/7/2007 وهو اليوم الذي اعلن فيه الجنوب ثورته الشعبية السلمية ضد ممارسات نظام صنعاء العنصري والتخريبي الذي حول الجنوب الي ثكنة عسكرية تحكم بالحديد والنار.

-معالجات ناقصة

بعد ان اتسع الخرق على الراقع واتسعت حالة الغضب في الجنوب واصطف الجنوبيون خلف ثورتهم التي مثلت الحامل الطبيعي للقضية الجنوبية وارتفعت وتيرة الاحتجاجات والمسيرات اليومية التي بدات تطالب بالعدالة والمساواة وسرعان ما رفعت المطلب السياسي المنادي باستعادة دولة الجنوب اخذ النظام الحاكم يتحرك لاجراء بعض المعالجات الحقوقية في ملف المبعدين قسريا والاراضي وغيرها لكن هذه المعالجات كانت متاخرة رغم الاموال الطائلة التي ضخت لهذا الغرض والتي فتحت باب فساد جديد للمسؤولين الذين كلفوا بالاشراف على معالجة ملف الجنوب وعندما فشلت المعالجات امام اصرار الشعب على مطالبه السياسية تحركت عملية شراء الولاءات والذمم وشق الثورة الجنوبية واحباطها لكن كل تلك الممارسات فشلت واستمرت الثورة بصوتها وسقفها المرتفعان تتحدى نظام صالح واعوانه وجيشه ومخبريه.

وفي تلك المرحلة من الغليان الثوري في الجنوب وظف صالح الالة العسكرية والامنية لقمع الاحتجاجات السلمية في مختلف المحافظات والمناطق الجنوبية الا ان الثوار استمروا في ثورتهم ولم يثنيهم ذلك القمع الشديد وسقوط الضحايا عن مواصلة الثورة بل بالعكس ازدادت الثورة اتساعا واخذت الفعاليات الاحتجاجية والتظاهرات تنتشر وتتسع على امتداد الجنوب وهو الامر الذي افشل الة القمع وجعلها ترتد على النظام نفسه الذي وجد نفسه محاصرا وسط تاييد شعبي عارم للثورة الجنوبية وضغط اعلامي مستمر ومتنامي وناقد لتصرفات النظام القمعي وهو الامر الذي جعل صالح واعوانه في حالة من التخبط اذ لجأ الي قمع حرية الصحافة ومحاكمة الصحفيين والزج بهم في السجون بسبب تغطياتهم لثورة الحراك السلمي وادل على ذلك ما حدث لصحيفة الايام العدنية التي تعرضت للاعتداء المسلح على مقرها في عدن وايقافها عن الصدور وسجن رئيس تحريرها المناضل الصلب هشام باشراحيل ونجليه في ادارة امن عدن خوفا من انحيازها الكامل للثورة الجنوبية اذ اصبحت الايام معبرا اعلاميا وحقيقيا عن الثورة منذ انطلاقتها الاولى.

لقد كان الحدثان البارزان خلال ال27 عاما الماضية هما الحرب الملعونة التي فجرت حروبا وانتفاضات تالية والثورة الجنوبية الظافرة التي ما تزال مستمرة لتحقيق اهدافها المعلنة دون تردد او تخاتل.

-ماذا بعد؟

الاوضاع التي تعيشها اليمن اليوم مزرية للغاية فالحرب التي انطلقت قبل ست سنوات ما تزال مستمرة والحرب الأم التي اعلنت قبل 27 عاما ما تزال اثارها باقية ولم تعالج والثورة الجنوبية التي انطلقت قبل 14 عاما ما تزال مستمرة لتحقيق اهدافها السياسية والحقوقية والفارق ان المتسبب بكل هذه الحروب والماسي والانتفاضات لم يعد موجودا الآن فقد قضى نحبه قبل سنوات على يد حلفاءه الجدد.

كانت الوحدة مشروعا ملهما تغنى به كل اليمنين وعبره خططوا لطموحاتهم واحلامهم الكبيرة لكن قوى الفيد والنهب في المركز المقدس ومن ساندهم من شمالين وجنوبين اجهزوا على هذا الحلم بعد اربع سنوات من ميلاده وحولوا الوحدة من مشروع حياة الي مشروع موت ومن مشروع عدالة ومساواة الي مشروع اقصاء واستبعاد واستعمار ومن مشروع حرية الي احتلال غاشم.

واذا نظرنا للوضع الحالي اليوم سنجد ان شركاء حرب 94 الذين يسيطرون على نظام الشرعية الميتة مازالوا يمارسون نفس الممارسات ضد الجنوب مع التغيير في الاساليب اما السلوك ما يزال هو نفسه لم يتغير ..سلوك احتلال يحارب الشعب في الخدمات ولقمة العيش انتقاما من تمسكه بثورته واهدافه واملا في كسر ارادته ودفعه للقبول بمشروعه الذي لا يعبر الا عن احتلال ثاني بكل اركانه.

ماذا بعد.. وهل يتعظ اليمنين مما حدث? وهل لديهم الاستعداد لمعالجة اثار كل الحروب المدمرة التي شنت على الجنوب? ام ان التحدي في اخضاع الجنوب مرة اخرى ما يزال قائما.. لقد تغيرت الامور كثيرا لم يعد الجنوب كما كان فهو اليوم يمتلك ادارة سياسية بقيادة المجلس الانتقالي ويمتلك جيش وامن ولدى شعبه الاستعداد للانخراط في مقاومة جديدة لصد اية محاولة لاجتياحه ولديه القدرة على تحرير ما تبقى من اراضيه الواقعة تحت سيطرة حزب الاصلاح او الحوثين.. لقد تغير الحنوب لكن عقليات الفيد والاحتلال لم تتغير لقد اصبح الجنوب بعيد المنال رغم ما يحدث فيه الان من ممارسات مفتعلة وانتقامية الا انه لن يخضع مهما كلف الأمر.

وبعد كل هذه السنوات التي مرت على الجنوبين ايضا اعادة قراءة التاريخ و الواقع قراءة متأنية يقيمون فيها دورهم في الماضي وتجربتهم في الحاضر فلا يمكن ان تعيش عدن والجنوب تحت رحمة قوى الفيد والاستعمار والاحتلال الي ما لانهاية فكل شيء له نهاية حتما.. وما عليكم الا اعداد انفسكم لمرحلة حاسمة وقادمة علي صعيد ادارة الدولة وبناء المؤسسات والتصدي لكل الممارسات التي تهدد الحق العام والخاص وتثير الفوضى على اصعده مختلفة.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص