آخر تحديث :الخميس 28 مارس 2024 - الساعة:22:24:52
الكرة في ملعب الشقيقة الكبرى
د. عيدروس النقيب

الخميس 11 مارس 2020 - الساعة:15:10:39

أعود وأُأَكد مرةً أخرى أن موقف الأشقاء في المملكة من التطورات الأخيرة في الجنوب (وحتى في الشمال) يثير تساؤلات بقيت وما تزال معلقة، دونما إجابات وقد يطول انتظار إجاباتها إذا ما استمر الموقف الغامض للأشقاء مما يجري من الأحداث التي تلحق الضرر البالغ بالجميع، وبدرجة أولى بالمملكة نفسها.
لا أدري هل سأل الأشقاء، (أصحاب أكبر مركز في العالم لمكافحة الإرهاب)، السلطات الشرعية في اليمن التي ينفقون على بقائها على قيد الحياة مئات المليارات سنويا، هل سألوها: كيف جرت استضافة قائد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لدى السلطات المحلية في محافظة مأرب العاصمة الفعلية للشرعية، وبقائه هناك لعدة سنوات متواصلة آمناً مؤَمناً محمولاً مشمولاً (كما تقول العرب) حتى قضى نحبه بضربة من طائرة أمريكية بدون طيار؟
لا يمكنني التشكيك في جدية الأشقاء في المملكة في محاربة الإرهاب، لكن التساؤل مشروع، وأحد بواعثه، هو: كيف نفهم حرب السعودية على الإرهاب وهي تدعم شرعيات تحتضن الإرهابيين وتأويهم وتتستر عليهم والأكثر من هذا تعينهم في مناصب قيادية رفيعة، وبمكافآت باهظة، وعلى حساب الدعم المقدم من الخزينة السعودية؟، وبعبارة أخرى إن السعودية تنفق أموالاً طائلة لمن يهددون السلم والأمن في أرضها ويكرسون نشاطهم ضد حكومتها.
يمكننا فهم تلك الحالة الحميمية بين بعض شرعيات الشرعية اليمنية وبين جماعات داعش والقاعدة وأنصار الشريعة فجذور هذه العلاقة تضرب عميقا في تاريخ السياسة اليمنية، لكننا لا نستطيع فهم التقاعُس السعودي تجاه هذه العلاقة والسكوت عما تختزنه من ألغام وما تقود إليه من تفجيرات مدمرة لن تكون المملكة في مأمنٍ من تداعياتها.
يقول بعض المشككين في موقف السعودية من الأزمة اليمنية أن سقوط شبوة بيد قبائل بن معيلي وآل طعيمان في أغسطس الماضي قد جاء برضى السعودية ودعمها، ويبالغ بعض المشككين إلى القول أن المملكة ليس من مصلحتها خلق حالة من الاستقرار والتنمية في اليمن، (شمالا وجنوباً) وإلا كيف تنفق مئات المليارات على العمليات الحربية الفاشلة وعلى تجار الحروب المحترفين وتزهد في إقامة محطة كهرباء أو مستشفى أو رصف طريق للربط بين مدينتين أو ثلاث مدن من الأراضي المحررة وهو ما لا يكلف رُبع ما تنفقه في اليوم الواحد على الجبهات التي تتساقط بأيدي الحوثيين يوما بعد يوم؟
نحن ننقل هنا ما يقوله المتسائلون الذين لا نشاطرهم بالضرورة كل ما يقولون لكننا نعجز عن تفسير مواقف الأشقاء الكرماء جداً مع الجميع والأكثر كرماً مع القتلة والمجرمين ومن يتآمرون على المملكة نفسها ومن داخل فنادقها وقصورها.
وبالعودة إلى اتفاق الرياض، أعيد التأكيد بأن هذا الاتفاق لم يلبِّ شيئا من مطالب الجنوبيين، ولا يقدم أقل القليل مما يناضل من أجله الجنوبيون منذ ربع قرنٍ ونيف، لكن تمسكنا به هو التمسك بالحد الأدنى من وسائل نزع فتيل الفتنة التي أشعلها ويعيد محاولة إشعالها المقيمون في العليا والناصرية بمدينة الرياض، لكن إذا ما تحول هذا الاتفاق إلى سبب من أسباب فتنة جديدة تلوح بوادرها في أفق الشرعيات، فإن الجنوبيين سيكونون في حلٍ من أي التزام قطعوه على أنفسهم لأن الآخرين لم يفعلوا شيئا مما تعهدوا به، بل راحوا يعدون العدة ليس فقط لإسقاط الاتفاق فقد أسقطوه يوم رفضوا تنفيذه بل للعودة إلى نقطة ما قبل الاتفاق واستئناف مخطط السيطرة على ما منعهم الاتفاق من السيطرة عليه.
أيها الأشقاء!
أنتم من أعد الاتفاق ورسم المراحل الزمنية لتنفيذ خطواته، وتعلمون أن من يعرقلون تنفيذه يقيمون في دياركم وتستضيفونهم لسنوات قد تطول وتطول، وهم لا يسخرون من الشعب الجنوبي ولا من جماهير الشعب الشمالي التي يزعمون تمثيلها، بل يسخرون منكم وبكم ويتبجحون أن قراركم بأيديهم، وأن لديهم من الأوراق ما يجبركم على الإذعان لمطالبهم.
اتفاق الرياض هو اتفاق من صنعكم ونجاحه هو نجاح لكم وفشله هو فشل لكم فاختاروا النجاح أو الفشل فقد أوقعكم ضيوفكم في أكثر من فشل وهم يحرصون على استمرار هذا الفشل لأنه يمثل الحنفية التي لا ينفكون عن ملء أوعيتهم مما يسيل منها من مكاسب لهم ولشركاتهم ولاستثماراتهم وأولادهم وأحفادهم، أما الحوثي والحوثيين فهم إخوتهم ومن أهل البيت كما قال قائلهم وأمعاء الإنسان تتضارب داخل بطنه لكنها لا تستغني عن بعضها كما قال آخر.
أيها الأشقاء الكرام!
نكرر مرةً أخرى! الكرةُ في ملعبكم وحدكم فلا تفرطوا باتفاق الرياض فلن نجد وإياكم فرصة أخرى للبحث عن اتفاقات بديلة، قد لا يقبل بها الشعب الجنوبي بعد كل التنازلات التي قدمها، ولم تجد من يتفهمها من شركائكم المخادعين.
والله من وراء القصد.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص