آخر تحديث :الجمعة 29 مارس 2024 - الساعة:15:26:47
لن يصلح الديكور ما أفسد الدهرُ
عبدالقادر القاضي

الجمعة 04 مارس 2020 - الساعة:20:12:24

مشكلتكم التي تحاولون أن تتهربوا منها مطأطئين الرؤوس كضباع جبانة تمشي متوجسة خِيفة وهي تمر أمام ثبات الأسود وأجيالها وسط عرينها.

مشكلتكم تلك التي تتوجسون منها لن تكون معنا نحن بشخوصنا وذاتنا، فأنتم زائلون لا خلود لكم ولا مجد صنعتموه سيذكر لننافسكم عليه، نحن لسنا مشكلة لأحد هو في الأصل ليس كفئًا أو نداً لنا.

مشكلتكم الأبدية ستكون مع كتب التاريخ التي ستظل تلعنكم من الغلاف إلى الغلاف ومن المقدمة إلى الفهرس لتتوارث الأجيال وتتناقل تلك اللعنات جيلاً بعد جيل حتى يكاد بعضهم ينبشون قبوركم بما أورثته لهم وخطته أياديكم ليتبولوا فوق رؤوس لم تفكر سوى بنفسها وبأولادها وتاجرت بمعاناة الناس وآلامها وحولت الكلمة إلى تجارة وحرضت ضد شعب بأقلامها وآرائها.

مشكلتكم مع تاريخكم أنتم ومع خواتيم أعمالكم التي خطتها أفعالكم وكتبتها أقلامكم ورسمتها خطواتكم ونضحت بها مزابلكم، وزبالاتكم مقالاتكم.

كل ذلك لا يمكن محوه من ذاكرة الشعب ولا يمكن لأحد أياً كان أن يمسحه من فصول التاريخ وصفحاته.

التاريخ هو المشكلة الكبرى لكم ولسنا نحن مشكلتكم ونأبى ونربأ بأنفسنا أن تتلوث بقذارة وحلكم.

 مشكلتكم مع تاريخ لا يرتشي ولا يُهدد ولا يُضغط عليه لكي يغير شهادته وأقواله فيكم.

صحيح أن كل شيء يمكن إصلاحه وترميمه إن هو انكسر لكن رغم كسره ظل متماسكاً إصلاح ذلك ممكناً طالما أصل الشيء ظل صلباً متماسكاً.

لكن حينما تسقط القيمة وتقٌزم القامة وتضيع الِقيم فتبيع دماء الشهداء ومعاناة الفقراء على رصيف الأحزاب وتتاجر بها على أبواب أهل العطايا والمكارم، فذلك مالا يمكن إصلاحه مطلقاً وعبثاً تحاول إصلاحه، فهناك أشياء إن هي سقطت تناثرت كذرات الغبار وبلور الزجاج لا يتبقى منها بعد سقوطها سوى ما يستحق أن يُكنس ويرُمى في مزابل التاريخ.

ولن يصلح العطار ما أفسد الدهرُ

 

فالأسد أسد وإن كلت مخالبه

والكلب كلب وإن طوق بالذهب

والحر حر وإن جار الزمان به

والعبد عبد وإن علت به الرتب

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص