آخر تحديث :الاربعاء 29 يناير 2025 - الساعة:00:59:40
أقلام مأجورة
ماهر العبادي

الثلاثاء 13 يناير 2020 - الساعة:21:05:50

لا شك أن الكتابة الصحفية مهمة جليلة أثرها، وعظيم قدرها، فهي قناة لا يستهان بها في توجيه الرأي العام، والتأثير على العقول والمفاهيم، وهي سلاح ذو حدين.. الكلمة الطيبة التي ترفع صاحبها وأيضا الكلمة الخبيثة التي توبق كاتبها.

من المفروض أن الصحافة هي التي تنشر الحقيقة ولا يهمها إلا الحقيقة، لكن المشكلة أنه في جنوبنا تعوّدوا على صحافة التطبيل والتزمير للأصنام مما يجعل من النادر أن نجد صحافة شريفه موضوعية، يغلب عليها شغف المهنة؛ لأن بعض الصحفيين في جنوبنا الحبيب يتلقون التعليمات من السادة المسؤولين (أكتُب فيكتُب) وبهذا تصبح هذه المهنة سجينة للوبيات ودكتاتوريات تتضارب فيها مصالح ونفوذ وتحركها أموال قذرة من خلال شراء ذمم هؤلاء الصحفيين، مما يجعلهم مجرد عبيد يكنون كل الولاء للمال ورجالات الشرعية بدلًا من الجنوب و شعبه، تصبح أقلامهم ذات حبر مدادها مسموم من ذهب وكتاباتهم يغلب عليها الهوى شيطاني وجلّ أفكارهم مظلمة ذات محتوى باطل دنيء مما يجعلها جريمة بشعة بدون شك يكون فيها الجاني هو صاحب القلم الانتهازي الذي ظن يوما أنه يستطيع شراء حصانته الصحفية بتمجيد الطغاة وأصحاب النفوذ، هذه السمة البارزة لكبار المسؤولين بالشرعية التي تتيح لهذه الأقلام القذرة شرعنة الفساد والسرقة والعبث بالمال العام!

لا بد أن نؤمن أولا أن الصحافة نضال والكلمة الصادقة فيها هي أمانة، بحيث لا بد للصحفي فيها أن يعمل بضمير وطني خالص بدل اللهث وراء مجد شخصي فوق مصلحة الوطن و صوت الحكمة والعقل، فكلما انحرف الحبر على الورق الصحيح يصبح فاسداً ضاراً غير نافع وتصبح الأقلام مأجورة لرجالات السلطة والشرعية تجعل من الباطل حقاً ومن الحق باطلاً ومن الإنجازات الوهمية مرئية، حيث قيل في هذا الصدد (القلم المأجور لا يصنع فكراً و لا يحمي وطناً يكتب إذا خاف وطمع و يتنكر إذا أمِن وشبع) هنا فقط يكون الصحفي بعين واحدة وهي عين السخط. فإن أكثر القيم أهمية للصحافي هي مسألة النزاهة والاستقلالية عن المصالح التجارية والسياسية والمسؤولية إذ ينبغي ألا يسعى للنفوذ بشتى أنواعه، بحيث يمكنه إبداء آراء محددة، لكن عليه القيام بهذا بشكل منفصل عن العمل الإخباري حتى لا تتزعزع مصداقيته كناقل مستقل للمعلومات.

وما جعلني أكتب هذا المقال هم أولئك النفر مالكو بعض الصحف الصفراء أصحاب الأقلام المأجورة، باعة المبادئ، الذين باعوا أقلامهم بحفنة من عرض رخيص زائل وسطروا من الفجور والضلال والنفاق ما إن مزج بماء البحر لمزجه خبثاً ونتناً وعفناً. قد جندوا أنفسهم لهدم المجتمع وبث بذور الشر والفساد، وتدعيم الدكتاتوريات بدلا عن الحريات.

وظهر في الآونة الأخيرة صحفيو الدفع المسبق الذين أعماهم الدولار وباعوا المبادئ والقيم والأخلاق من أجل حفنة من المال، فيستغلوا صحفهم الصفراء وأقلامهم النتنة في التشهير والانحطاط وبث سموم المناطقية المقيتة بين أبناء الجنوب ويحبذون ويفضلون التشاحن والاختلاف، ويجد أحدهم ضالته في سقطة قلم أو زلة لسان، يترعرع في التراشق الإعلامي وينمو في تربة الانقسام والاختلاف، فهم أصحاب الأقلام المأجورة قد طأطؤوا أقلامهم تطأطؤًا وانساقوا خلف أهوائهم انسياق العبيد وإن أقلامهم لا تحقق مجداً ولا فخراً فتظل تلهث داخل غلافها الأجوف بلا إحساس، فقد تركوا قيادة القلم للدولار والتزلف والتقرب للسلطان والحاكم.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص