آخر تحديث :الاربعاء 27 نوفمبر 2024 - الساعة:00:30:02
معضلة التحالف العربي
د. عيدروس النقيب

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

لندع ابتهاج قناة الجزيرة وبناتها بخبر تعرض 8 جنود سعوديين للقتل في مواجهة مع الحوثيين وتحويلها إلى عنوان للتحليل والتفسير واستضافة عشرات "المحللين" وبائعي التصريحات على مدى ساعات متواصلة، وتقديم الحدث على إنه نقطة الانتصار الحاسمة للمشروع الحوثي وهزيمة منكرة للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، لندع كل هذا جانباً ولنتساءل مع الجزيرة، هل انتكس مشروع التحالف العربي في اليمن؟ وهل حسم الحوثيون الأمر لصالحهم؟ ولماذا توقفت قوات الشرعية والتحالف العربي عند حدود الدولتين اليمنيتين، وعند فرضة نهم وعلى مداخل مدينة الحديدة؟

ليست مشكلة التحالف العربي مع الحوثيين وحدهم، فهؤلاء يعتمدون حرب العصابات، وفي حرب كهذه يصعب وضع المقارنة بين نقاط قوة وضعف الطرفين، والحوثيون يبتهجون بفقاعات صغيرة مثل الهجوم بطائرة مسيرة أو صاروخ باليستي على مدينة آمنة ويعتبرون ذلك انتصاراً ساحقاً لهم ولمموليهم، غير آبهين بالضحايا من المدنيين ولا بمعاناة الشعب اليمني الناتجة عن تصرفاتهم الحمقاء ورهانهم على المشروع الإيراني الذي لا يمثلون فيه سوى بيدق صغير في لعبة شطرنج معقدة وشائكة.

مشكلة التحالف العربي ليست مع هؤلاء  بل مع حلفائه اليمنيين الذين يتصدرون المشهد سياسياً لكنهم يحولون الحرب إلى مشروع استثماري طويل المدى، حصد فيه بعضهم عشرات الملايين إن لم يكن المليارات، من دعم التحالف ومصروفاته على المعركة وبتطلعون إلى المزيد من كرم الأشقاء.

لست أدري أن كان الأشقاء في التحالف يدركون أم لا يدركون أن من يتحالفون معهم لا يهمهم هزيمة المشروع الحوثي ولا انتصار الشرعية ولا تعزيز مكاسب التحالف العربي، بل إن ما يهم هؤلاء هو تحقيق انتصارات ومكاسب في جبهة أخرى، لا صلة لها بالحرب، وهي الجبهة الأيديولوجية التي لا علاقة للتحالف بها، بل إنها تأتي في مواجهة التحالف العربي نفسه أما خلفياتها الفكرية والسياسية فتقع في عواصم أخرى ليس بينها الرياض وأبو ظبي والقاهرة ولا حتى الخرطوم بعد سقوط البشير.

 *         *      *

في حوار بيني وبين صديق لي من مناوئي الإمارات قال لي إن من حرر الجنوب هو التحالف العربي وليس الجنوبيين، قلت له لنفترض صحة ذلك، ونحن لا ننكر دور التحالف العربي في دعم المقاومة الجنوبية ومساندتها في دحر التحالف الانقلابي، لكن هذا التحالف هو نفسه الذي يدعم المقاومة في محافظات الشمال؟

قال لي صديقي بل بالعكس نحن لم يسمح لنا التحالف بالاستمرار في تحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين وأمرنا بالتوقف عند فرضة نهم.

قلت له مع إنني لا أصدق أن التحالف العربي يقبل بالخسارة وتبديد الطاقات وإطالة أمد الحرب بلا فائدة، لكنني سأفترض صحة ذلك، فهل لي أن أسأل السؤال التالي؟

قال ما هو السؤال؟

قلت له يقول الإعلام الشرعي أن الحوثيين لا يمثلون إلا أقل من 5% من السكان، وإن البقية ليسوا مع الحوثيين، ولنفترض أن من بين الـ 95% من السكان 70% يواجهون الحوثيين ويرفضونهم، ولنفترض أن نصف هؤلاء أي(35%) من السكان يجيدون استخدام السلاح ويمتلكون القدرة على مواجهة الحوثييين، فإين هؤلاء؟ ولماذا لا يتصدون للـ 5% الباقية مع الحوثيين على افتراض أن الخمسة بالمائة جميعهم يقاتلون الشرعية والتحالف؟؟

نظر صديقي إلى ساعته واعتذر عن مواصلة النقاش فقد كان يرتبط بموعد، وانصرف ولم نكمل الحوار حتى اللحظة.

معضلة التحالف العربي تمكن في أنه يراهن على حلفاء هم في الأصل لا يرون فيه (أي في التحالف) سوى خزينة مكتظة بالريالات ولا شيء غير ذلك فلا هم قاموا بالدور الذين يراهن التحالف عليهم للقيام به، ويبدد الطاقات والإمكانيات ويواجه ضغوط وافتراءات الدعاة والأدعياء، ولا هم انسحبوا من المعركة ليدعو غيرهم ليقوم بما فشلوا (أو تعمدوا الفشل) في القيام به .

أما معركتهم مع الحوثيين فكلما طال أمدها كلما تنامت الأرباح التي يحققونها، ولو تضاءلت تلك الأرباح أو توقفت لاتجهوا إلى صنعاء للاعتذار للحوثي، وقد فعلها بعضهم.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل