آخر تحديث :السبت 14 سبتمبر 2024 - الساعة:10:51:27
هيبة صاحبة الجلالة
عادل المدوري

السبت 00 سبتمبر 0000 - الساعة:00:00:00

بعد سنوات من سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على الاخبار وما رافقت تلك السيطرة من فوضى في الاعلام المتدفق بغزارة والمعلومات الوافرة والعاجلة وفيها نسبة عالية من الشائعات والاخبار المفبركة والمضللة والمدسوسة ومجهولة المصدر، ما دفع منظمة مراسلون بلا حدود لإطلاق قبل اشهر مبادرة الصحافة الموثوقة بالتعاون مع وكالة الصحافة الفرنسية واتحاد الاذاعات الأوروبية وشبكة المحررين العالمية وتشير الاحصائيات الى ان عدد المؤسسات التي التحقت بالمبادرة قد تجاوز 200 مؤسسة اعلامية عالمية، والأعداد في تزايد وقد تنظم مؤسسات اعلامية من الشرق الأوسط.

قد نلاحظ ان منشوراً في (الواتس اب) أو اي وسيلة اخرى من وسائل التواصل الاجتماعي، فقير في المعلومة ركيك في اللغة والمحتوى ويحمل الفاظاً قريبه الى الالفاظ السوقية، ينتشر بسرعة البرق بين مرتادي منصات التواصل الاجتماعي، على عكس المواد الاعلامية والصحفية الدسمة سواء كانت أخبار أو تحليلات وتحقيقات صحفية وكذلك مقالات اراء سياسية رصينة المنشورة بصحف مرموقة ومؤسسات اعلامية محترمة وموثوقة، قد لا تلقى نفس الرواج في سوق التواصل الاجتماعي.

وهناك دراسة تؤكد ان الاخبار الزائفة اكثر انتشاراً من الاخبار الجادة، وهذه رغبة غريزية لدى الانسان الذي يفضل كل شيء جديد وغريب ومثير وهذا ما يدفع الناس للوقوع في الاخبار المزيفة، وهذه مؤشرات ليست حميدة، حيث يكون المجتمع عرضة للتدخلات الخارجية وفريسة للأعداء، وعلى سبيل المثال ما حصل في الولايات المتحدة الامريكية في القضية المعروفة اعلامياً بالتدخل الروسي في الإنتخابات الأمريكية، والتأثير على مزاج الناخبين قبيل الانتخابات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فيس بوك، وما اعقبه من اطلاق أغرب عملية تحقيق في تاريخ الولايات المتحدة والتي ماتزال منظورة امام العدالة الامريكية حتى اليوم.

شيء طبيعي ان تحدث وسائل التواصل الاجتماعي كل هذه الفوضى الاعلامية، لأنها لا تحكمها مسئولية اخلاقية ولا ضوابط قانونية وتصدر من اناس قد تعرفهم وقد يكونوا مجهولين أو بأسماء مستعارة، على عكس اصول العمل الاعلامي لصاحبة الجلالة التي تحتاج الى معرفة من يملك الصحيفة ويديرها وضوابطها التحريرية وحق الرد والتعقيب فيها والى تاريخها الحافل بالعطاء، من خلال عملية مهنية وشفافية وخط تحريري نظيف لسنوات طويله داخل غرف الاخبار وهيئات التحرير لإنتاج المادة الصحفية بعد التأكد من صحة الاخبار وتدقيقها وتمحيصها والتثبت من مصداقية المادة قبل اعتمادها ومن ثم نشرها في الصحيفة وبالتالي استطاعت هذه المؤسسات من كسب ثقة القراء وبناء جمهور واعي ومثقف.

ختاماُ يقال ان لكل زمان آية، وآية هذا الزمان هي الصحافة، ولأنني انتمي الى بلاط صاحبة الجلالة، لا اعتقد ان المواقع الالكترونية بما تحمله من فوضى غير مسئولة وفبركة، ستحل محل الصحف الورقية موثوقة المصدر، بل يسودني الاعتقاد ان المؤسسات الاعلامية ستمضي في شقيها الورقي والالكتروني ويبقيان طوال جيلنا هذا متلازمان على اقل الاحتمالات، لان الصحافة الورقية موروث اجتماعي حضاري وثقافي وسلعة ادبية غالية ونفيسة، لها اصحابها وليس من السهل أن تختفي بشكل فجائي.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص