آخر تحديث :الاربعاء 27 نوفمبر 2024 - الساعة:00:30:02
يحيى وبلاشفة موسكو أشرف من الحوثي وزبالطة طهران
نجيب يابلي

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

ما أحوج المرء (وهذا معمول به في المجتمعات السوية) إلى قراءة التاريخ أو إعادة قراءة التاريخ ليكتشف نقاط القوة والضعف وبحث أسبابها، وأنا أراجع التاريخ في منعطفات العمر وجدت أن الإمام يحيى بن حميد الدين أشرف كثيرًا من الحكام أو ممن يزعمون تسيدهم على المجتمع طائفيا أو مذهبيًا، فقد كان رحمه الله زيديًا وهو أقرب إلى أهل السنة من المذاهب الأخرى التي يقف وراءها المجوس.

هذا الرجل يكاد يكون نادرًا من حيث التفريط بالسيادة الوطنية ووقوفًا أمام ما كتبه فان در مولى، قنصل عام إندونيسيا في جدة، وكانت إندونيسيا مستعمرة دولية، أنه تلقى دعوة من أصدقائه من آل الكاف بتريم عام 1931م ، وفي طريقه من جدة نزل ضيفًا على الإمام يحيى في صنعاء وعند مغادرته زار الإمام يحيى وشكره على كرم الضيافة وحسن الوفادة، وسأله الإمام: أي خدمات أخرى يا أصدقائنا الهولنديين؟ ، رد عليه مولى: نحن نعرف على جلالتكم المساعدة في الصحة أو التنقيب أو .. فرد عليه الإمام: سبقكم الأمريكان ، رد مولى: كيف؟.. قال الإمام: عرضوا عليّ مليوني دولار 2,000,000 دولار إن اطلع الخير من التنقيب تناصفنا فيه وإذا لم يطلع فالمليونين لي.. قال مولى: لاشك أن جلالتكم وافقتم على ذلك؟ رد الإمام: رفضت العرض.. قال مولى: كيف بررتم جلالتكم هذا الرفض؟.. قال الإمام: سيعطوني مليونين من الدولارات وإذا أردت إخراجهم فكم مليونا من الدولارات يلزمني؟ قال مولى: أدركت على الفور بأنني غبي وأن هذا الرجل ذكي.

يعلم القاصي والداني أن في تلك الفترة كانت قيمة المنزل بعدن 50 روبية؛ أي أن المليونين من الدولارات كان بإمكان يحيى أن يشتري بها القاهرة وبيروت ولكنها السيادة الوطنية حالت دون ذلك، والحوثي اليوم باعها للمجوس (أي السيادة) بثمن بخس.

يحسب للقائد يحيى توقيعه على اتفاق صلح دعان مع الوالي العثماني أحمد عزت باشا يوم 9 أكتوبر 1911م، ووقّع مع السعودية "معاهدة الطائف" يوم 19 مايو 1934م، وكان رحمه الله قد وقّع في صنعاء معاهدة صداقة وتعاون مع بلاشفة الاتحاد السوفيتي USSR يوم 1 نوفمبر 1928م، لأن علاقاته بالإنجليز كانت سيئة وبموجب المعاهدة قام الاتحاد السوفيتي بتصدير الجاز والسكر والدقيق والكبريت والصابون والإسمنت إلى اليمن.

كانت علاقات بلاده - يرحمه الله - متوازنة مع الجميع، وحكم شعبه بدون تمييز، هذا من حاشد أو ذاك من بكيل أو أن هذا من الحديدة وذاك من تعز؛ لأنه كان مهاباً من الجميع وكان سيفه يطال أكبر رقبة في البلاد.

أما الحوثي فلا يمكن وضعه في ميزان المفاضلة مع الإمام يحيى لا من قريب ولا من بعيد؛ لأن الحوثي شأنه كشأن حسن نصر الله عامل بالأجر اليومي Daily Wager  عن نظام المجوس أو قل أنهما في أحسن الأحوال عاملون لدى نظام الملالي.

الحوثي يقبض من إيران حفنة دولارات لا تساوي حبة خردل مقابل ما عرضه الأمريكان على الإمام يحيى الذي أقام علاقات متوازنة مع الجميع: أمريكان وبريطانيون وألمان وإيطاليون وسوفييت وعرب وكان هو صاحب القرار.

شتان بين يحيى والحوثي وشتان بين البلاشفة.. بلاشفة موسكو والزبالطة.. زبالطة طهران.. الله يا زمان.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل