آخر تحديث :الاربعاء 16 اكتوبر 2024 - الساعة:11:39:51
أزمة حكومة !!
عادل المدوري

الاربعاء 00 اكتوبر 0000 - الساعة:00:00:00

يقول الكاتب الفرنسي الشهير فولتير  ( 1694- 1778) وهو أعظم كاتب في أوروبا الحديثة بلا منازع «إن اللصوص نوعان، اللص العادي يسرق منك مالك، حقيبتك، ساعتك، هاتفك، أما اللص السياسي فيسرق منك مستقبلك، أحلامك، عملك، تعليمك، صحتك، قوتك بسمتك» المفارقة العجيبة هي أن اللص العادي هو من يختارك أما اللص السياسي فأنت من يختاره ، والمفارقة الأكبر أن اللص العادي تلاحقه الشرطة ، واللص السياسي تحرسه مواكب من أفراد الشرطة.

اعتاد السياسيون المتعاقبون في الحكومة اليمنية الاحتراف في فنون الفساد والجهر به دون استحياء من مجتمعهم الفقير الذي تجتاحه كل يوم مصيبة من نوع آخر ، المجاعة ، الأوبئة ، الجفاف ، الحروب ، ولم تحدث خلال السنوات الماضية أن شهد العالم قضية فساد مالي بحجم فساد القيادة السياسية للحكومة اليمنية الذين يتنافسوا لكسب الثروة منذ الوهلة الأولى لتوليهم مناصب حكومية رفيعة على حساب الشعب وعيشه، والذين يطالبون أن نمنحهم ثقتنا ليستمروا في الثراء، وما أكثر الفاسدين في الحكومة.

عندما نتحدث عن الفساد الحكومي نقصد بان هناك إساءة استخدام للسلطة العامة (الحكومية) لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية منها المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب. وأيضا النشاطات الإجرامية من قبيل الاغتيالات وإدارة مخططات مشبوهة لزعزعة الأمن والاستقرار (الفوضى الخلاقة) والتلاعب بعيش المواطن والاتجار بالمخدرات وغسل الأموال.

وهنا يبرز تساؤل مهم .. ما الذي يساعد على صعود المتزايد للفاسدين في الحكومة اليمنية؟ هناك عدة عوامل تساعد على سيطرة الفاسدين على مجريات الأمور منها :

 فإلى جانب عدم وجود رقابة وعدم استقرار الوضع السياسي في البلد تشكلت بيئة خصبة بشكل خاص، ساعدت على انتشار الفساد بشكل مخيف  والفقر المدقع كذلك يسهل عملية شراء الذمم ، فالجائع معروض للبيع بثمن بخس دراهم معدودة ، وخير مثال على ذلك البلاد برمتها  في أيدي ثلاث أو أربع شخصيات بارزه يعرفها المواطن جيدا تتحكم بقرارات الحكومة السياسية والاقتصادية وكذلك أسعار النفط والغاز والعملة وحاجات المواطن الأساسية.

 ولان مجتمعنا يعتبر من المجتمعات المنقسمة رأسيا وفقا لروابط واعتبارات مختلفة مثل والمناطقية والحزبية، فان الفرد  لا ينظر إلى المسئول من حيث الانجاز أو الإخفاق بل ينظر على انتمائه المناطقي والحزبي فان كان من منطقته وحزبه اطمئن إليه وان جاع ومات مرضا ، وعلى هذا الأساس ترى اليوم القيادات الفاسدة يتم الدفاع عنهم مع الأسف من قبل المواطن نفسه الذي يغرق في وحل الفساد والفوضى.

لم يعد خبراً ولا سبق صحفي لدينا أن يكشف عن ‘فضيحة’ فساد لحكومة الشرعية ، لأن انتشار الفساد أصبح من المعلوم بالضرورة، وإنما يكون الخبر العثور على وزير بريء لم تتلوث يداه بالحرام. وهل هناك فساد أكثر من أن يوسد الأمر لغير أهله؟ وفي الحقيقة الأمر فإن ‘الفساد’ الذي يكشف عنه وتتناوله الصحف ليس هو الفساد الحقيقي، بل هو ما يحدث على الهامش من نهب غير مصرح به.

وبالمجمل فقد فشلت حكومة الشرعية خلال السنوات الماضية فشلا ذريعا ، حيث أوصلت البلاد إلى هذا الوضع السيئ، ولم تستطع الحكومة إدارة الحرب ضد المليشيات الانقلابية، ولا إدارة السلم والخدمات في المناطق المحررة  إذ تعاملت مع الأزمة اليمنية لتحقيق مصالحها الذاتية التي ظهرت في استشراء الفساد والنهب المخيف لموارد الدولة وللمساعدات المادية والعينية التي يقدمها التحالف العربي فضلا عن الاستئثار وعملية تجريف ، للوظائف الحكومية، من قبل وزراء في الحكومة ومسئولين في قيادة الشرعية، لصالح أنجالهم، وأقربائهم. بصورة مخجلة، تم توزيعها على أقاربهم وزبائنهم، لا تحمل أي معايير تخص الوظيفة العامة . فهل الشعب الجنوبي مستعد للدفاع عن كرامته التي داسها الفاسدون .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص