آخر تحديث :الثلاثاء 07 مايو 2024 - الساعة:01:19:13
شباب الجنوب في مهب الريح .. والثورة القادمة !
د. عبده يحيى الدباني

الثلاثاء 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

شباب الجنوب هم ثروته وثورته وصمام أمانها ، عانوا ما عانوا من اجتياح نظام الشمال للجنوب واحتلاله وتصدروا الثورة الجنوبية التي انطلقت في 2007 م  ، فقد سبقوا ثورة الشباب العربية بسنوات واستمروا في ثورتهم التحررية بعد أن خبت تلك الثورات عربيا وحرفتها عن المسار قوى دولية وأحزاب أصولية وفي السنوات الأخيرة منذ ماقبل الحرب في 2015 م  ظهرت بؤر استقطاب لشباب الجنوب بهدف إجهاض ثورتهم التحررية وتفريق جمعهم والزج بهم في أمور جانبية والهائهم عن قضيتهم الرئيسية وهي قضية تحرير الجنوب واستعادة دولته المستقلة .

بعض هذه البؤر تبدو وكأنها تحقق للشباب هدفهم وهدف وطنهم ولكنها في الحقيقة غير مأمونة الجوانب والعواقب ومن أبرز هذه البؤر الخطرة على شبابنا ما يأتي :  

المشاركة في القتال في الجبهات المشتعلة في الشمال : فهذه المشاركة قد عصفت بكثير من شبابنا بل وقياداتنا العسكرية المجربة ونحن من حيث المبدأ لسنا ضد أي مشاركة جنوبية في تحرير الشمال من النظام الحوثي الكهنوتي ضمن التحالف العربي لمقاومة المشروع الفارسي ولكن كان يجب أن تكون تلك المشاركة الجنوبية الشجاعة منظمة ومضمونة العواقب والنتائج السياسية لما فيه مصلحة الجنوب وقضيته العادلة وتحت إشراف المجلس الانتقالي الجنوبي على أن يجري تدريب المشاركين قبل الزج بهم في المعارك المهلكة ، أما أن يقوم التحالف نفسه عبر وكلاء باستقطاب شباب الجنوب للمشاركة في هذه الحرب بطرق فردية غير تقليدية وإغراء الشباب بالريال السعودي فهذه مسألة خطيرة وغير أخلاقية مستغلين أوضاع الناس المعيشية المنهارة في الجنوب والزج بهم في المعارك من غير تدريب ولا تأهيل ، لقد أضحت هذه المشاركة لجة عميقة تبتلع مئات الشباب الجنوبيين ولها ما بعدها من المخاطر .
هذه المشاركة الجنوبية في تحرير الشمال بكل روافدها الصحيحة وغير الصحيحة تأتي في ظل تقاعس ملايين الشماليين من تحرير أرضهم والتخلص من كابوس النظام الأسري المتغطرس وفي ظل تربص قوات شمالية كبيرة في مأرب لاقتحام الجنوب وإرسال عسكريين إلى مناطق الجنوب تحت ذريعة النزوح ، فهذا كله على طريقة نحن نحررهم اليوم لكي يحتلونا غدا .

 

ويعد الاستقطاب النشط لشباب الجنوب من قبل القوى المتطرفة مثل داعش والقاعدة بكل ألوانها العالمية والإقليمية والمحلية بؤرة أخرى ومستنقعا كارثيا فهو تدمير لهؤلاء الشباب المستقطبين أنفسهم وتدمير لغيرهم  من أبناء الشعب لأن هؤلاء يتحولون إلى متفجرات تمشي على الأرض أو إلى مجرمين يرزحون وراء القضبان ، هذه القوى الخبيثة تستغل فراغ الشباب وفقرهم المدقع ومشاكلهم العائلية والاجتماعية وعاطفتهم الدينية وضعف حصانتهم وثقافتهم وتعليمهم وإهمال الدولة والمنظمات والأسر لهم وغير ذلك من المداخل التي لا تختلف عن مداخل الشيطان حين يتلبس بالإنسان . كما تنطوي هذه الآفة على ظاهرة أخرى هي ظاهرة الاغتيالات التي ما برحت تحصد أرواح الجنوبيين وفي مقدمة هؤلاء أئمة المساجد الفضلاء بهدف إثارة الفتنة وإحباط الناس وتفجير الجنوب وهذه أعمال استخبارية خسيسة كما أشار زميلي د صالح الدويل  والله المستعان .

 

ومن هذه الدوافع التي تلقي بشبابنا إلى المهلكة بحكم الفقر هو انهيار العملة الوطنية وارتفاع تكاليف المعيشة ووقف التوظيف وانعدام الأعمال وغلاء المهور فيضطر كثير من الشباب إلى المشاركة في المعارك في جبهات الشمال أو في الحدود السعودية لتوفير لقمة العيش ويقع بعضهم ضحية لقوى التطرف المتربصة كما ذكرنا آنفا
هذا الفقر والافقار وانهيار العملة هنالك أصابع تحركه لتركيع الشعب واستسلامه وشغله في لقمة عيشه أو الموت جوعا .

?  يزعم التحالف العربي أننا في مواجهة مشتركة ضد المشروع الفارسي وبأن مصيرنا واحد ولكن دول الخليج  لم تفتح ابوابها للعمالة اليمنية بشكل عام فكيف نكون رفاق سلاح وقضية ومصير ولا نكون شركاء في الخبز والعمل فالأمن الغذائي يأتي في مقدمة شروط الحياة .  فبينما الحرب مستمرة نجد أن الشقيقة الكبرى تقذف من منافذها بمئات العائدين إلى بلادهم المنكوبة عودة نهائية ممهورة بالختم الأحمر أي بلون الدم الذي يراق في اليمن من أجل الأمن القومي للمملكة ، كما تمارس على من تبقى هناك أشد ألوان المضايقات بل  وتفرض عليهم الجزاءات والضرائب والرسوم الباهضة .  
لقد وجد الشباب الجنوبيون خاصة بعد حرب احتلال 1994 م  متنفسا لهم في أرض الشقيقة السعودية فهاجر الكثيرون في ظل استبعاد الجنوبيين من المؤسسات العسكرية وكثير من المؤسسات المدنية فحلوا مشاكلهم ومشاكل أهلهم وساعدوا في بناء مناطقهم ودعم قضيتهم، لكنما عودتهم الآن في ظل هذه الظروف تشكل ضربة قاصمة لشعبنا .

 

وليست ظاهرة المخدرات ترويجا وتعاطيا وتجارة بأقل خطورة عما ذكرنا آنفا فهي مشكل مؤرقة سببت مشاكل عديدة وعصفت بكثير من الشباب ودمرت حياتهم وحياة أسرهم فصارت داء  عضالا في المجتمع .  هذه الآفة ليست تقليدية ولا اعتيادية ولكنها مخططة ومنظمة ولها أبعاد سياسية واجتماعية خطيرة .

??  ان شعب الجنوب شريك مخلص ووفي وصبور ويقدر حق الشراكة وواجبها ولكنه لن يستسلم لهذه الضغوط التي جاوزت حدودها ولن يرضخ أو يذل أو يموت جوعا على مقربة من المترفين والفاسدين والمتآمرين عليه الذين يعملون على هلاك أبنائه بكل السبل ف(  ساعته الداخلية )  تعمل ولن يطول الوقت لكي ينفجر الشعب  في ثورة عارمة ... هي ثورة خبز ، وثورة كرامة ، ... ثورة تنتصر لكل التضحيات التي قدمها شعبنا بدون نتائج  وبدون تقدير من الشركاء في التحالف وفي ما يسمى بالشرعية ...
ثورة ...تضع الأمور في نصابها الحقيقي المشروع ... ثورة ستفاجئ الذين لم يقدروا ولم يفهموا ولم يعرفوا هذا الشعب الحي الصبور المكافح ، بل لجوا في تركيعه وخداعه وتهميشه واستغلال شبابه وتجويعه واستفزازه ومحاولة اذلاله وكسر عظمه . لقد كتبنا في عام 2006 م واشرنا إلى أن شعب الجنوب قادم على ثورة بيضاء عارمة وكان رأس النظام في صنعاء يردد أن لا وجود لهذه الثورة إلا في رؤوسنا ، وفي 2007 م انطلق الحراك السلمي الجنوبي ثورة بيضاء ناصعة البياض. وهانحن نحذر المتمادين في الظلم من ثورة شعب الجنوب القادمة .  لسنا متنبئين ولا فلكيين ولا ضاربي كف ولكننا نعرف طبيعة شعبنا ونتابع باهتمام عقارب ساعته الداخلية التي لا يراها المتهاونون به .

انا لا أكره الناس .....
ولا أسطو على أحد
ولكني اذا ما جعت
ااكل لحم مغتصبي
فحذار  حذار ..
من جوعي ومن غضبي
(درويش)

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص