آخر تحديث :السبت 14 سبتمبر 2024 - الساعة:10:20:46
السياسة الترامبية .. والصراع في الشرق الأوسط
عبدالعزيز الدويلة

السبت 00 سبتمبر 0000 - الساعة:00:00:00

إذا كانت كل الطرق تؤدي إلى تقسيم سيادة الأراضي السورية كمخطط ترسم له الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني المتعفن ومعهما الوجهان الأكثر عدوانية وكرهاً وهما فرنسا وبريطانيا ، والأكثر حقدا على قومية وعروبة الأمة العربية والإسلامية؛ فإن هناك من يتصدى ويقف بقوة أمام هذه المخططات التي لا تخدم وحدة أمتنا العربية ، وهذه الدول الاستعمارية الجديدة لا يهمها نهضة واستقرار وازدهار وتنمية هذه البلدان العربية، بقدر ما يهمها ثرواته ومواردها الطبيعية والسيطرة عليه كموقع استراتيجي هام.

وكان العراق نموذجاً ؛ حيث تم إسقاط الدولة العراقية بذريعة امتلاكه أسلحة الدمار الشامل ، مع أن هذه الدول الاستعمارية كانت تكذب بشهادة "كولن باول" وزير خارجية أمريكا الأسبق ، والذي قال أنه كان يكذب ، واستمرت كذبة الكيماوي ذريعة لغزو أي دولة تحاول أن تقاوم ولم تستسلم، بينما كان الهدف في كل الأحوال دخول البلد في فوضى عارمة وتناحرات طائفية أو مذهبية أو مناطقية تؤدي في الأخير إلى تقسيم هذا البلد أو ذاك كما يجري الآن في ليبيا.

ونحن اليوم أمام سيناريو مشابه أو شبيه لما  يجري في سوريا ؛ ولكن يبدو وأن روسيا الدولة العظمى قد أدركت وتنبهت لما يحاك لسوريا ، ولذلك سارعت في ترجيح موازين القوى في الميدان لصالح المحافظة على النظام السوري ، وذلك لأنها تمثل العمق الاستراتيجي وجزء من الأمن القومي الروسي ، فسوريا تعتبر خطاً أحمر وبذلك التقت المصالح السياسية والاقتصادية الروسية والايرانية وحزب الله التي تتعارض مع المصالح الاستراتيجية لأمريكا والغرب، الأمر الذي يجعل الصراع في تأجيج مستمر وإلى أن ينتصر أحد الطرفين ، ومن سينتصر سيكون بإمكانه السيطرة على ثروات العالم وسيصبح هو القوى العظمى الوحيدة والمتنفذة في العالم.

ولعل ما حدث من أحداث وضربات عسكرية صاروخية على سوريا كشفت أن أمريكا وحليفاتها غير قادرة على مواجهة حقيقية مع روسيا ؛ لأنها أبلغت روسيا بضربتها قبل يومين للمواقع المستهدفة وبذلك حفظت ماء وجهها نظراً لعدم قدرة أمريكا في تحقيق أهدافها التي أعلنت عنها دون الرجوع إلى مجلس الأمن وبدون تفويض منه ، وكأن أمريكا فوق مجلس الأمن ، وفوق كل هذا فإن مخرجات الضربات على سوريا لم تحقق شيئاً ؛ بل إن نتائج هذه الضربات الصاروخية حملت نتائج سلبية قد تسيء للنظام الأمريكي إذا ما ثبت أن النظام السوري لم يستخدم هذه الأسلحة الكيميائية.

إن كل الأخطاء سببها انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وهو لا يمتلك الحصافة والدبلوماسية والسياسة الحكيمة ، بل إنه متهور ويصف بالوقاحة والسذاجة ، فكل همه عقد الصفقات التجارية وبيع المواقف السياسية لمن يدفع أكثر وبذلك أصبحت الإدارة الأمريكية في وضع لا يحسد عليه.

ولعل من القرارات الانفرادية العبثية والعجيبة والغريبة التي اتخذها ترامب متجاهلاً التاريخ الطويل من المفاوضات بين العدو الصهيوني من جهة والدول العربية والشعب الفلسطيني من جهة أخرى ، وبرعاية دولية ، وهو قرار إعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني ، وهي تمثل حماقة ورؤية سطحية لمعالم الصراع العربي الإسرائيلي ، وربما اتخذ ترامب قراره هذا لاعتقاده بأن العرب في وضع ضعيف بسبب انتشار الصراعات الطائفية والمذهبية والمناطقية في أرجاء الشرق الأوسط ولن تعود له قائمة ، متناسياً بأن القضية الفلسطينية هي من يوحد العرب وسوف تخسر أمريكا خسائر فادحة بسبب موقفها المنحاز للكيان الصهيوني والعنصري الذي يقوم كل يوم بانتهاكات ضد حقوق الشعب الفلسطيني.

أما فيما يتعلق بالوضع في اليمن فإن كل ما يهم ترامب هو عرض الصفقات وبيع الأسلحة وإطالة أمد الحرب لجني المزيد من الأموال متجاهلاً المعاناة الإنسانية للمواطن اليمني ، علماً أن حل أزمة هذا الصراع سهل ويحتاج إلى جدية أكثر من خلال تضييق الخناق على الانقلابيين الحوثيين وإغلاق المنافذ البحرية بهدف منع تهريب الأسلحة ، وكذا لابد من إدارة دولية للموانئ اليمنية عبر الأمم المتحدة ودول التحالف العربي ، وإذا لم يتم ذلك سيستمر الحوثيون الانقلابيون بإطلاق صواريخ بالستية على الأراضي السعودية، وكذا متابعة حوار جدي بين الأطراف المتنازعة بما في ذلك المجلس الانتقالي باعتباره القوة الفاعلة على الأرض من أجل تقرير مصير الجنوب والشمال ووضع في الاعتبار توصيل الإغاثات لكل المستحقين والمستهدفين في اليمن، ولعل هذا ما أكده المبعوث الأممي الجديد جريفيث بأن لا حل للصراع في اليمن إلا بضرورة إشراك الجنوبيين في أي حوار ومفاوضات قادمة.  والأهم من كل ذلك لابد أن تقدّم جميع الأطراف تنازلات أساسية تضمن نهاية هذه الحرب.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص