آخر تحديث :الاحد 24 نوفمبر 2024 - الساعة:00:58:40
لا تقُل هذا (جنوبي)
عادل العبيدي

الاحد 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

إن ما كان من الثورات الجنوبية والغضب الجنوبي ، والحراك الجنوبي ، الذي صال الساحات وجال، إلا نتيجة للظلم والمظالم ، التي تكاثرت متراكمة في الانحطاط على ظهره ، ونتيجة لمعرفة غلاوة الأوطان ، بعد أن استرخصها الذين لا خير فيهم ، للتبعية والارتهان والاحتلال ، وأنها غير قابلة لذلك ، مهما كانت التبريرات والأعذار ، وأيضا نتيجة للأخطاء التي رافقت الأزمان التي تزامنت بالسكوت عنها ، فكان الوطن بما يحتويه هو الخسران .

صحيح أن ما كان على الجنوب من  احتلال نظام صنعاء ، قد كان عسيرا جدا ، ولطرده ورفع مخلفاته قد قطع الجنوبيون شوطا كبيرا نحو استعادة دولتهم ،وبلغت التضحيات ذروتها ، ولكن لا ننسى أن من الجنوبيين من قد تعلم من نظام صنعاء الأشياء الكثيرة ، من طرقهم وملاويهم التي من خلالها تعلموا الوصول إلى كيفية نهب الأموال العامة ، ومن ثم تسخيرها لمصالحهم الشخصية والأسرية والمناطقية ، وسلكوا مسلكهم ، بل وزادوا عن حدهم ، لتكون مأساة الشعب الذي ناضل وضحى ورفع صوته في وجه الاحتلال والطغيان ، لمثل هؤلاء نقول لهم: قفوا عند حدكم،  أنتم لستم جنوبيين ، وإذا كنتم جنوبيين فعلاً ، كونوا مع شعب الجنوب ، واعرفوا لماذا غضب وثار وضحى ، وواصلوا معه المشوار بشجاعة وصدق ونزاهة وأخوية وحب  حتى استعادة الدولة الجنوبية  ، و أن تكون صفتكم الإيثار .

أحيانا مصالحنا الشخصية الآنية التي نتحصل عليها ،أو التي نرجوها  من بعض الأشخاص ، ممن سهل لهم أن يكونوا في مسؤوليات وأماكن قيادية ،  تجبرنا أن  نغطي عن أفعالهم الخارجة عن مسؤولياتهم  القادحة بها ، بحجة أنهم جنوبيون ،أو نقول للذي يتهمهم وينتقدهم  أنه  مناطقي ويمارس ضدهم التهميش والإقصاء ، وأنه لا يجب أو من المعيب اتهامهم أنهم يفسدون وينهبون، وحجتنا في ذلك أنهم جنوبيون ، رغم أنهم في قمة الفساد والنهب والعبث ، لا ..علينا أن لا نضعف أمام ذلك ، ولا نتعذر (بالجنوبية) لنحمي فساد الغير من أجل استمرار حصولنا على بعض المميزات أو المصالح الشخصية ، والفاسد أو الناهب يجب أن نقول له : أنت فاسد..

ولماذا أصلاً هذا المنطق ؟ وكأن الجنوبيون لا يخطئون ، أو أنهم محميون بمطلب استعادة الدولة ، و مبدأ التصالح والتسامح  ، كيف ذلك ؟ ونحن  ووطننا لم نصل إلى حالنا هذا إلا بسبب أخطاء كانت  من الجنوبيين أنفسهم ، التي قبالها كان  سكوتنا ومدحنا لهم؟! .

فالذين سمحوا لتيار (الشمال الاشتراكي) أن يحشرنا في دوامة نظام الاشتراكية هم جنوبيون ، والذين دعموا وساعدوا (صالح) في اجتياحه الجنوب هم جنوبيون ، والذين حسنوا وعليهم ارتكن نظام (صالح) في الجنوب ، هم جنوبيون ، والذين اليوم  يحاربون مشروع استقلال الجنوب من منابر الشرعية منهم جنوبيون .

صفة (الجنوبية) يجب أن لا نتخذها ستاراً أو حجة ، بها نبرر وقوفنا أو دعمنا لمن منهم نتحصل على مصلحة ذاتية ،وهم فاسدون ، فنحتج ونرد على منتقديهم ونقول : عيب .. هذا جنوبي!...

إلى اليوم وبرغم الأحداث والمتغيرات التي حصلت في الجنوب ، مازال الذين يديرون المحافظات، ومكاتب الوزارات، والمنشآت والهيئات والشركات ،و مختلف الدوائر وضباط السلف ، الكثير منهم إن لن يكونوا جميعهم  ، هم أنفسهم الذين تم تعيينهم في عهد نظام (صالح) أو ممن تربوا على يديه ، ولم يحصل أي تغيير في أماكنهم بكوادر أخرى ، أصلح وأنسب وأحسن وأنزه منهم ، تغيير يواكب الأحداث والمتغيرات ، بل على العكس ، استطاع حزب الإصلاح أن يخترق رئاسة وحكومة ما يسمى بـ"الشرعية" ، واختطافها، ومن ثم الإبقاء على من يريدون في تلك المناصب صغيرها وكبيرها ، وتغيير من يريدون منها بمن ينتقون .

دورنا كجنوبيين يناضلون من أجل استقلال دولتهم وإصلاح حال مجتمعهم ، أن يكون إيجابيا أمام من لم يصلح سلوك عمله ، وبقي على فساده القديم ، وإن كان جنوبيا ، أو منه نتحصل على مصلحة ، ولا نتعذر له، ونبرر  فساده بقولنا  : هذا جنوبي ..

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل