آخر تحديث :الخميس 08 اغسطس 2024 - الساعة:02:57:29
طوف وشوف.. غرائب وعجائب الكوكب اليمني !
علي عمر الهيج

الخميس 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

تكاد تكون كل السنوات اليمنية عجاف وقاسية لم تثمر إلا بصراعات وحروب ، فلم يسترِح الموطن لحظة ، ولم تغمض له عين إلا وأصوات المدافع تهز الأرض هزاً عنيفاً .

ينهض المواطن من نومه ويتساءل: ما الذي يحدث؟!  فتأتيه الإجابة الجاهزة والمطبوخة منذ ألف عام وهي: ( لا يوجد شيء فقط الوطنيون والمخلصون في الدولة يحاربون الفاسدين والخونة وكل ذلك من أجل تطبيق الأنظمة والقوانين وخدمة الوطن وتحقيق الاستقرار والرخاء .. ).

تقرع طبول الحرب ، فتهب عواصف وانتكاسات معيشية وحرائق لا تلسع إلا المواطن البسيط.. ثم تستمر الحرب.. جماعه تعلن للناس أنها هي الوطنية والتي تطبق القوانين والعدالة.. ثم تعلن الجماعة السياسية الأخرى بأنها هي الأكثر عدلا وإنصافا وهي التي ترعى المواطن وتحرص على استقراره ..

تنتهي التصريحات.. ثم تشتد الحرب وتمتلئ ساحة الأرض بالمجنزرات والآليات العسكرية فتدك المدن ويشرد الناس وتتضاعف الويلات فوق هذا المواطن.

تبث قنوات تابعة لمن يطلقون على أنفسهم الوطنيين رقم واحد ، وتعلن للناس أن الفئة الأخرى قد غدرت بالوطن ودمرت السلم والأمان.. ثم تبث القناة الأخرى التابعة لمن يطلقون على أنفسهم أنهم حماة الوطن والوحدة والأرض وتعلن للناس أنهم هم الأكثر عدلا وولاءً للوطن والناس .

وتستمر الحروب ويختفي الرغيف والدواء والظلام يلفّ المدن والقرى وأناس يسيرون في كل حارة وشارع يحملون نعش أقاربهم نحو المقابر..

تتفحم الحياة ، ويتسع الخراب ، ثم تقوم كل قناة ببث أناشيد أيوب طارش والمرشدي وهي تتغنى باسم الشعب والوطن ومصالح الناس.. ثم تستمر نار الحرب فتفاجئ أن المجتمع الدولي قد لانت مشاعره وتحطمت قلوبه حزنا من هذه المآسي ثم يصدر مجلس الأمن قراراً من أجل حل النزاعات وإيقاف الحروب ورعاية المواطن.. فتبث القنوات ذلك الخطاب الذي أوجزوه في الشكل التالي:

( على جميع الأطراف ضبط النفس والتمسك بالحكمة والعقلانية والجلوس على طاولة الحوار والبدء برسم برامج وخطط تخدم المواطن وذلك بإشراك كل المكونات والأحزاب دون استثناء).

ينتهي ذلك الخطاب البديع الهائل الذي يوصي بضرورة حل عاجل في وقف الحروب والتفاوض لبناء البلد والاهتمام بالمواطن..

ثم يتم تجهيز الطائرات وحجز الفنادق وبدلات السفر فيصعد المتناحرون إلى الطائرة ويلتقون ويتصافحون ويتسامرون.. كل ذلك يحدث والأرض تنزف بالدماء والناس بالشوارع والطرقات متعبين منهكين مدقدقين من هذه الجماعات التي أوصلت الأمور إلى وضع غير مقبول مطلقا حيث لا يتم مراعاة أبسط الحقوق وكرامة المعيشة ..

هناك في مؤتمر الابتهاجات والاحتفالات يتسامر السياسيون ويذهبون سوياً إلى قاعات الأفراح ويحتفلون بالخطابات وفي نهاية حفلات التشاور يبث لنا الإعلام أن اللقاء لم ينجح ولم يتفقوا على أي شيء لمصلحة المواطن ! ..

هناك في الأرض تلتهب النيران والناس على بارقة أمل منتظرين صمت المدافع وتوقف المعارك.. ثم تتجهز طائرات السفر للوفود المتناحرة ويؤجل اللقاء إلى العام القادم حيث سيتم الترتيب أن يجتمعوا في تلك العاصمة الأوربية على ضفاف الأنهار والمدن الجميلة ..

تستمر المدافع تطلق صولجاناتها وتتأزم المعيشة ويختفي الوقود وغاز الطبخ وتمتلئ المستشفيات بالجرحى ثم تأتي أعياد الوطن سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ويناير وفبراير فتحتفل النخب السياسية بأعياد الوطن وتتجهز الوفود للسفر بين أصقاع العالم للاحتفال بأعياد الوطن..

يعود العم محمد من المسجد وهو قد تجاوز السبعين من العمر فيفاجأ بان منزله قد تهدم بفعل قذيفة صاروخية ويجد زوجته وعائلته جثثاً مفحمة..

ألقى العم محمد نظره على التلفاز فوجد المذيع يتحدث عن ترتيبات العام القادم للوفود من أجل التشاور لحل أزمة اليمن! ..

يكمل المذيع كلامه فتبث القناة بعدها أنشودة "رددي أيها الدنيا نشيدي .. " وترفرف عاليا أعلام الوطن في كافة قنوات الوفود ..

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص