آخر تحديث :الخميس 08 اغسطس 2024 - الساعة:15:59:25
الموظف المدني ومرارة العيش
عادل العبيدي

الخميس 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

إذا استمر التجاهل المستمر عن فئة الموظفين المدنيين المستمرين في أعمالهم والمتقاعدين المدنيين والعسكريين، وخاصة أصحاب الرواتب المتدنية جداً ،  وإذا  لم ينظر إلى حالهم الوظيفي ، و إلى ظروف معيشتهم الصعبة التي يتكبدون معاناتها ، فإننا نوشك على العيش مستقبلا  في مجتمع قد  تجبره ظروفه المادية  أن يكون بلا ضوابط إنسانية أخلاقية اجتماعية دينية ، إلا من رحم ربي ، و التي هي إضافة إلى جانب معاناتهم النفسية  التي أصابتهم وتراكمت عليهم  بسبب الحرب التي طال أمدها ، وبسبب التآمرات و الأعمال الإجرامية التي استهدفت المواطن العادي بدرجة أساسية.

الموظف المدني وخاصة  المعلمين ومن يشتغلون في وظائف عادية لمكاتب بعض الوزارات التي لا تورد إيرادات ، يعيشون اليوم حياة الهلكة و الإهمال المتعمد وعدم النظر في حالهم ، ولا يعطى لهم قدرٌ من الأهمية لوظائفهم وواجباتهم ، وكأن أعمالهم لا فائدة منها وغير داخلة في توعية المجتمع و إصلاح حاله ، وتعليم أجياله ، فتجدهم منبوذين مسيبين من قِبَل  ما يسمى بحكومة الشرعية ومن دول التحالف العربي،  متروكين لوحدهم  يصارعون الأوضاع والمتغيرات الجديدة التي أفرزتها مرحلة الحرب والتي إلى اليوم مازالت في تصاعد مستمر ، كخلق الأزمات وانعدام الخدمات وارتفاع الأسعار ، التي أنهكت الشعب وعلى مقاومة تلك الظروف  ضعفت قواه ، وتحديدا  الموظف المدني العادي  ، الذي مازال يتقاضى ذلك الراتب البسيط الذي كان يستلمه قبل حرب 2015م ، ورغم أن أسعار المواد الغذائية والخدمات والمشتقات النفطية قد ارتفعت إلى  الأضعاف على ما كانت عليه قبل الحرب ، ومع هذا لم يلتفت إلى الموظف المدني العادي  وإعانته على مواجهة تلك الظروف ، لا في تحسين رواتبهم وزيادة أجورها،  ولا حتى يذكرونهم بأي  مكرمات ، وكأن هذه الشريحة من المجتمع لا كرامة لها ولا أهمية ولا يعيلون أسراً ! .

حفظ كرامة الشعوب وأخلاقها وأجيالها يكون بالحفاظ على كرامة "المعلم" التي تكون بتهيئة جوّ مناسب له في جميع مقومات حياته حتى يؤدي دوره الوطني والتربوي والتعليمي على أكمل وجه ، وليس بالانتقاص من حقوقه ، وفي عدم الاهتمام به وتركه مشرد الذهن ، يعاني الغرق في حياة لا يستطيع فيها أن يوفي لنفسه ولا  لأسرته أدنى متطلباتهم الأساسية ، تتخطفه أيادي الدائنين من كل اتجاه.

من يصدق أن المعلمين وغيرهم من الموظفين المدنيين الذي توظفوا في العام 2011م إلى يومنا هذا مازالوا يستلمون راتب وقدره 33ألف ريال فقط؟!  ، أين سيكون موضع هذا المبلغ الزهيد مقارنة بحال أسعار اليوم ؟! ، بل حتى المعلمين  القدامى الذين كنا نتباهى أنهم يستلمون رواتب لابأس بها نوعا ما ، اليوم قد الراتب  الأساسي للعسكري المستجد ، الذي لم يخدم بعد يستلم أفضل منه! ، هذا إلى جانب ما سيكون للعسكري المستجد من علاوات وحوافز ومكافآت و إكراميات وألف سعودي لبعض الألوية والنخب ، ونحن نشيد بهذا الاستحقاق للعسكري و لا نحسدهم عليه ، ولكن أيضا يجب من الدولة أن تكون هناك مراعاة للمعلمين والموظفين البسطاء والمتقاعدين العسكريين والمدنيين ، أسوة بزملائهم العسكريين، فهم إخوان في جهاز إداري واحد للدولة،  أكان عسكريا أو مدنيا ، وجميعهم يعانون الظروف نفسها .

لا يعلم بأحوال الناس إلا الله ، وكم هي كثيرة تلك الأسر التي معيلهم رحل عن الحياة ولا يكون لهم إلا مرتب تقاعدي زهيد يستلمونه من البريد ، أو الأسر التي يكون  جميع أفرادها من الإناث، ومعيلهم أنثى موظف في جهة مدنية براتب بسيط ، ليس لهم حيلة أخرى لتحسين مصدر دخلهم .

وضع غير مقبول ، هذا الذي يعيشه الموظف المدني  العادي ، وخاصة في المناطق الجنوبية المحررة ، التي فيها وبحكم وضعها السياسي والعسكري في فرض السيطرة تتنافس تلك القوى المتصارعة في بناء جيوشها الخاصة و إعطائها كل الدعم والاهتمام،  على حساب تعاسة الموظف المدني الذي لا يدري إلى من يرفع شكواه ، مهمشا بين حكومة الشرعية والانتقالي الجنوبي ودول التحالف العربي .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص