آخر تحديث :الاربعاء 26 يونيو 2024 - الساعة:16:07:01
دعوها فإنها منتنة
م . جمال الردفاني

الاربعاء 00 يونيو 0000 - الساعة:00:00:00

تنازع بعض الصحابة - رِضوان الله عليهم - في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فنادى الأنصاري " يا للأنصار.." ، ونادى المهاجري " يا للمهاجرين.." ، فسمع بذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فغضب من ذلك وقال : " أبِدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟! ، دعوها فإنها منتنة.."

رسالة محمدية لا تحمل لنا غير الخير،  وهل أتى الرسول الكريم بغير الخير لأمته ونهى عن الشر ، فالغضب الذي ظهر على وجه الحبيب المصطفى لم يكن إلا لعلمه بحجم الدمار الذي تحدثه مثل هذه الدعوات للعصبية والقبلية والمناطقية ، ولهذا قال الحبيب "دعوها فإنها منتنة" وسماها "دعوى جاهلية" .

المناطقية والعصبية والقبلية كلها دعاوى لا يكمن فيها خير، بل هي دعوى لاستجلاب الشر ، وقد عانينا في الجنوب بسبب ذلك كثيراً ، أفلا نتعظ ؟!

يجب أن يعلم الجميع أن التسامح والتصالح ليس مجرد شعارات زائفة ، بل هو منهج سليم وخطوة إيجابية شكلت أرضية صلبة وقف عليها حراكنا المبارك منذُ انطلاقته عقب إعلان التسامح والتصالح ، وبفضل هذا النهج امتدت الثورة الجنوبية وتوسعت حتى صارت اليوم رقماً يصعب تجاوزه في جميع الحسابات وأصبح قوة على الأرض لا يمكن تجاهلها .

 

التصالح والتسامح هي سنة جنوبية حسنة ينبغي لصانعوها أن يفخروا أنهم أعادوا سنة محمدية ، وكلنا يعلم جيداً أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما هاجر الى المدينة داعياً الى الله سبحانه وتعالى ، فكانت أول خطوة قام بها عند وصوله للمدينة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ، ومن هذا النهج استلهم الجنوبيون دعوتهم للتصالح والتسامح الذي شكل ركيزة أساسية في انطلاق الحراك الجنوبي وأرضية صلبة وقف عليها الحراك وحقق العديد من النجاحات.

المشاهد اليوم والمتابع للدعوات المناطقية المريضة والعصبية التي تحاول استجرار الماضي بويلاته وآلامه وتحاول أن تعمق الجراح بين أبناء الجنوب والتي بدأت تتزايد بشكل كبير ومخيف وعلى إثر ذلك سمعنا عددا من قيادات ورموز الثورة يهرعون للتمسك بالوحدة خوفاً من أي صراع جنوبي قد يحدث نتيجة لذلك.

الهروب ليس حلاً ، والارتماء في حضن المحتل مجدداً لن يكون حلاً ، لكن هذه جميعها ستكون إرهاصات قد نكتوي بنيرانها لاحقاً مالم نتنبه.

الجنوب قادم .. وجنوب اليوم لن يكون كجنوب الأمس.. والمناطقية ومحاولة زرعها هي محاولات عبثية من قوى الاحتلال وأذنابه ، وتجد للأسف بعض الأنفس المريضة تقوم بالترويج لها وهذا خطأ فادح ينبغي التنبه له ، ويفترض بنا عدم إعطاء هذا الأمر أي أهمية وعدم النظر الى أي منشورات قد تحاول إذكاء ذلك ، فنحن يجب أن نترفع عن سفاسف الأمور وأن نكبر بحجم الوطن وتضحيات الأبطال.

 

يجب علينا التنبه لمثل هذه الدعوات ونبذها وعدم الانجرار لمثل هذه الأعمال التي تهدد وحدة النسيج الجنوبي وستضرب ثورتنا في مقتل مالم نتنبه.

يجب أن يكون التسامح والتصالح نهجا لنا جميعاً ويجب أن نفي بالقسم الذي رددناه جميعاً وبصوت واحد خلف أحد أهم وأبرز رموز الثورة الجنوبية ومفكريها الأستاذ أحمد بن فريد.

الجنوب سيعود والقادم أفضل بتكاتف الشرفاء والمخلصين والعقلاء بعيداً عن ويلات الماضي وإرهاصات الحاضر.

 

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل