آخر تحديث :الثلاثاء 15 اكتوبر 2024 - الساعة:02:29:45
انتخابات أم ثورة ناعمة ؟!
محمد علي محسن

الثلاثاء 00 اكتوبر 0000 - الساعة:00:00:00

حركة " الجمهورية الى الأمام " في فرنسا ، بفوزها الكاسح في انتخابات الرئاسة والبرلمان ، تكون قد أنهت الثنائية القطبية السائدة بين " الجمهوريين والاشتراكيين " ومنذ نصف قرن " .
فبعد فوز إيمانويل ماكرون ، المرشح المغمور الذي تجاهلته كل التوقعات والاستطلاعات ؛ هاهي حركته تحصد الغالبية المطلقة في انتخابات البرلمان الاحد ١٨ يونيو وبواقع ٣٥٠ مقعدا من أصل ٥٧٧ مقعدا .
نعم ، ما حدث في فرنسا كان غريبا ومفاجئا ، لكنه يمثل ثورة هادئة ناعمة أعرب من خلالها الفرنسيين عن رغبتهم في التغيير وان اختلفت طريقة تعبيرهم الديمقراطية السلمية عما هي سائدة عربيا .
هي إذاً ثورة ؛ فالناخب الفرنسي - الناخب او المقاطع - أعلن رفضه التام لوجوه سياسية شاخت وهرمت ولاحزاب عتيقة استنزفت كل ما لديها في معارك تقليدية للوصول الى قصر الاليزيه والى البرلمان والى البلديات .
وللتذكير فالرئيس الشاب " ماكرون " اعلن ابان حملته الانتخابية اعتذاره للشعب الجزائري ، مؤكدا بأهمية طوي صفحة الماضي الاستعماري لبلاده ، ما اثار عليه حملة شعواء من خصومه المنافسين ومن وسائل أعلام وسياسيين تقليديين رأوا في شجاعة وجرأة المرشح الشاب إهانة لما يعدونه تاريخا مجيدا زاخرا بالتضحيات والبطولات .
الحزبان الرئيسان " الجمهوري والاشتراكي " منيا بهزيمة ساحقة وماحقة وغير معتادة لهما ، فالجمهوري حصل على ١٢٨ مقعدا ، بينما الاشتراكي بالكاد حصد ٢٩ مقعدا .
ما دفع بسكرتير اول الحزب الاشتراكي الى الاستقالة والحديث عن يسار يتوجب تغيير أفكاره وبنيته تنظيمه .
وما جرى في فرنسا لا يمكن فصله عما يحدث في دول أوروبية ديمقراطية وفي الولايات المتحدة ، فيكفي الإشارة هنا الى ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب كان وصوله الى البيت البيضاوي واحدة من هذه الانتفاضات الشعبية الصادمة وغير المتوقعة .
والحال ذاته بالنسبة لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي وكذا ارتفاع نسبة الأصوات المؤيدة لأحزاب اليمين الراديكالية ، كظاهرة برزت بقوة خلال السنوات القليلة المنصرمة .
ما يفتح دول أوروبية عدة على حقبة تاريخية ضائقة بالتسامح والتعدد باعتبارهما رمزا حضاريا وقيميا ويمثلان نتاج قرون من التعايش الانساني .
السؤال الملح الان : هل يفهم ويستوعب العرب بأنهم جزءا من منظومة عولمية يعاد بنائها وتشكيلها وان اختلفت الأدوات ما بين السلمية في الدول الديمقراطية والعنيفة في الدول الاستبدادية .
واذا كان اكبر حزبين في فرنسا لم يستوعبا حقيقة ان المواطن الفرنسي البسيط ضاق ذرعا بالقيادات الديناصورية وشعاراتها الأيديولوجية ، مفسحا المجال للشباب كيما يقومون بعملية التغيير ؛ فإنني أرجو ان يكون منتهى الدم والخراب تغيير شامل يشفع للمواطن العربي تضحياته المكلفة للغاية .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص