آخر تحديث :الاحد 24 نوفمبر 2024 - الساعة:00:58:40
الشهيد حريز الحالمي .. القائد الذي تحكم بالسلاح ولم يتحكم السلاح به !!!
د. عبده يحيى الدباني

الاحد 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

جبل القضاة ...ذلك الجبل العزيز الشاهق في حالمين الذي يتبع إداريا مديرية الشعيب .جبل القضاة ذلك كان عرينا عريقا للثوار والمناضلين الفدائيين في تاريخ الجنوب المعاصر ولايزال كذلك ويمثل بيت آل مسعود ومن حوله عمق ذلك الدور المشهود بدءا بالشيخ المناضل مطلق صالح بن مسعود وامتدادا في أولاده وأولاد اعمامهم مثل الشيخ المناضل عبدالله مطلق صالح بن مسعود أطال الله عمره وعافاه وأخويه الشهيدين حيدرة مطلق ومحمد مطلق رحمهما الله وعلي صالح بن مسعود والشيخ أحمد علي أبي القائد عادل الحالمي وصولاً إلى الجيل الثالث والرابع من الأسره مثل شهيدنا -موضوع هذا المقال- حريز علي صالح والقائد الفذ عادل أحمد علي المعروف بعادل الحالمي وأخيه المحامي والناشط الحقوقي والسياسي عارف الحالمي والناشط السياسي المهندس جمال حيدرة مطلق والعقيد محمود محمد مطلق والاخوين خالد مطلق وعادل مطلق . هؤلاء هم رموز الأسره المناضلة فقط وغيرهم كثيرون لا يقلون أهمية ودورا عمن ذكرناهم إذ لا أستطيع في هذا المقام العجول أن أعطي هذه الأسرة بعض حقهم .
لقد بلغ عدد شهدائها منذ الستينات حتى الآن ما يقرب من ثمانية شهداء كان آخرهم الشهيد حريز الحالمي رحمهم الله جميعاً بعض هؤلاء الشهداء كانوا شبابا من الجيل الرابع والخامس.
الشهيد حريز الحالمي كان مناضلا ثوريا
حراكيا قبل ان يمتشق السلاح ويذود عن أرض الجنوب وشعبها ذلك الغزو المسعور
المتخلف. 
لقد كان مناضلا جاهزا بل مخضرما ولم تصنعه الحرب الأخيرة او يظهر موقفه السلاح ولم يكن من تلك الجماعات المسلحة التي صنعتها ظروف الحرب على ما لها من إيجابيات وأدوار، أقصد تلك الجماعات المسلحة التي شكلت بوجه عام المقاومة الجنوبية.
حريز الحالمي كان نوعا مختلفا لم يكن صامتا وقت النضال السلمي
ولم يصمت او يتردد او يتلكا حين دقت طبول الحرب ونادى مناديها
كان مشروع شهيد في كل المراحل
وكان رجل الفداء على كل حال تاريخي
لأنه كان يعرف ماذا يريد وماذا يريد الجنوب وشعبه?
تعددت الوسائل والقضية واحدة والحق واحد والهدف واحد.
عدد ممن كانوا رفاقا لشهيدنا حريز
في المعركة الأخيرة تفرقت بهم الولاءات والسبل في ظروف ما بعد الحرب مع انهم قاتلوا قتال الأبطال لكن القنال يبقى وسيلة مهما يكن ووسيلة عن وسيلة تختلف لأن الغايات ايضا مختلفة فبعضها قريب وخاص ووقتي وبعضها عميق بعمق الوطن ونبيل بنبل المبادئ والقضايا العظيمة.
أين أنت أيها الشهيد البطل ابو الشهيد البطل فقد ترك البعض القضية وتمسك بالسلاح .
لم يتعلموا مثلك او منك أن السلاح وسيلة نحن نتحكم بها ونصوبها في الانجاه الصحيح لا هي التي تتحكم بنا او تعطينا قيمتنا ومكانتنا او تضفي علينا شعورا كاذبا بالقوة والاستقواء على طريقة المثل:
( من وجد العافية دق بها صدره )
لقد قاتل الشباب في عدن كل مجموعة
بسلاح واحد فانتصروا .
استطاعت الإرادة ان توجد أسلحتها وتدافع عن شرفها وقضيتها.
لقد انتصر الجنوبيون حتى في ثورتهم
السلمية وحطموا حاجز الخوف إلى الأبد
ولم يبالوا بمئات الألوية التي كان نظام
الاحتلال يزرعها في كل بقعة من أرض الجنوب الطاهرة.
تذكروا معي فقط ملحمة المنصة في ردفان في 13/ أكتوبر 2007م
حين كانت الجماهير تتدفق تريد دخول المنصة لتحتفل بذكرى الثورة بينما القوة العسكرية تتمركز في الساحة وفي المنصة وتحيط بهما.
لقد أبت تلك القوة المغرورة إلا أن تمنع الناس من دخول الساحة والمنصة.
كانت معركة كسر عظم بين صدور عارية
وقوة غاشمة مجنونة.
تقدمت الجماهير وجها لوجه مع الموت
فانطلقت الرصاص بكثافة تسبح حتى تنطفي في أجساد المجاميع المتقدمة.
جماهير تتقدم ورصاص يطلق بقوة ودماء
تتدفق حارة وأصوات تكبير عالية حتى خجلت الأسلحة من نفسها وسخرت من أصحابها وولت هاربة مذعورة.
هنالك خسئت القوة وخسرت وسقط هبل عفاش وداسته الجماهير تحت أقدامها 
وغسلت بدمائها الطاهرة عار الذل والاحتلال إلى الأبد في مشهد تاريخي اسطوري قل ما حدث مثله في التاريخ الإنساني كله.
شهيدنا حريز كان من ذلك النوع الفدائي.. من تلك الطينة نفسها.
لقد علمت جيدا ابا عمار أن المبادئ والأهداف والقضايا العظيمة
ليست موجودة في مجزينات الذخيرة ولا في الجعب ومخازن الأسلحة ومصانع البارود ولكنها تتوهج في الضمائر والقلوب والعقول ، أما الذين انتقلت عقولهم من رؤوسهم إلى صناديق الذخيرة
وبطون البنادق فأولئك لا خير فيهم
لا لأنفسهم ولا لمجتمعهم ولا لأوطانهم 
بل صاروا ويالا على كل ذلك.
وفي صباحات ما بعد الحرب بشهور
كنت أخرج بسيارتي ذاهبا إلى مقر عملي
في كلية التربية عدن وفي كل مرة تقريبا
أرى الشهيد حريز في (جولة كالتكس) يدور فيها وحولها كالنسر يحرسها باستماتة في أيام كان الإرهاب يحتل المنصورة نفسها وينشر الموت في كل أرجاء عدن. 
نتبادل التحية بصمت ونظرات معبرة فاتوقع ألا أراه غدا يعانق الجولة بكل حب ورجولة فتلك عنق الزجاجة التي حرزها حريز ورفاقه ليالي وأياما في تلك الظروف العصيبة.
أبا عمار الشهيد ... إننا نعترف بأننا قصرنا معك حيا وميتا كما قصر معك
كثيرون ولكنك خلقت لتعطي وتضحي من غير ان تنتظر جزاء ولا شكورا وكذلك
هم الأبطال التاريخيون لقد كنت من أولئك
الذين يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع فجزاؤك عند خالقك الكريم الذي اودع فيك تلك الروح العالية والهمة الأسطورية إنه تعالى لا يضيع أجر العاملين.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل