آخر تحديث :الخميس 08 اغسطس 2024 - الساعة:10:56:13
مناشدة لعقلاء مجلس التعاون الخليجي
د. عيدروس النقيب

الخميس 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

لست متيقنا من وصول رسالتي هذه إلى من استهدف مناشدتهم، لكنني سأرسلها عبر هذا الفضاء المترامي الأطراف املا في ان تصل إلى اي ممن قد يلتقطها ليبلغ مضمون إلى أي ممن يعنيهم الامر.
في البدء لا يمكنني الادعاء بأنني امتلك من الحكمة والدهاء ما يملكه من يديرون هذه الدول الشقيقة التي لديها من الخيرات ما يسيل لعاب كل الأعداء والكثير من الاصدقاء كما إن لديها من التحديات والتعقيدات ما نجحت في معالجة الكثير منه ويمكنها معالجة ما تبقى بما تمتلك من الحكمة والبصيرة المشهود لهما.
عندما أسمع الحملات الإعلامية من قبل بعض المواقع والمنابر التي يتطوع بعضها لصناعة أحداث وافتعال أخبار ووقائع وينسبها إلى حكومة المملكة العربية السعودية أو دولة قطر أو دولة الإمارات العربية المتحدة، اتذكر تلك الأيام عندما انبرى كولن باول (وزير خارجية جورج بوش الابن لمن نسيه) بادعاء امتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل لتبرير حرب الغزو الأمريكية الإجرامية التي كانت سببا في إسقاط دولة العراق العظيم وتسليمها لإيران لتغدو أولى العواصم العربية التي تسيطر عليها إيران بمساعدة "عدوها اللدود" (الشيطان الأكبر) الذي لا شك انها تقدم له آيات الشكر والعرفان آناء الليل وأطراف النهار، ومن يومها صرت مؤمنا أنه ما إن تدس الأنف الأمريكية في قضية ظاهرها الحق (حتى وإن كان باطنها حقا مبينا) حتى تكون سببا في حصول الكثير من الوبال على كل الأطراف الداخلة في هذه القضية، أما عندما تتدخل الأصابع الأمريكية والإيرانية معا فإن المشهد يصبح أشبه بصراع اللصوص المحترفين الذين يورطون من يستهدفون سرقتهم في لعبة هزلية ـ تراجيدية يخرج منها اللصوص رابحين في كل شيء ويخسر البسطاء المسروقين كل شيء في هذه اللعبة القذرة.
أنني أؤمن بحتمية التباين والاختلاف داخل المنظومة الواحدة (وأعني هنا منظومة مجلس التعاون الخليجي) والاختلاف ليس معيبا وليس نقيصة بل إنه قد يغدو مصدرا للثراء والتنوع البنائين، لكن ليس بالضرورة ان يؤدي كل اختلاف إلى نزاع فصراع ففتنة فمثل هذا النوع من الاختلاف هو أبعد ما يحتاجه العرب وخصوصا الأشقاء في مجلس التعاون اليوم بعد ما تناوشتنا الفتن وأكلت طاقاتنا النزاعات المحلية والبينية.
لقد ظللت طويلا أغبط المواطنين الخليجيين كلما مررت بأحد المطارات الخليجية حيث توجد بوابة خاصة لمواطني دول مجلس التعاون لتمييزهم عمن سواهم وذكرني هذا بمروري بمطارات دول الاتحاد الأوروبي حيث يعبر مواطنو تلك الدول بلا تأشيرة ولا استمارات ولا حتى سؤال عن الوجهة إذ يكفي فقط إشهار الهوية ليبسم لك شرطي المطار أو مفتش الجمارك لتمر في ثواني صوب مبتغاك.
ليس لدي موقف مسبق تجاه أي من الدول الداخلة في النزاع الخليجي الراهن ومصلحتي الوحيدة تتمثل في أنني أحلم أن يأتي اليوم الذي أتنقل فيه بأمان بين عواصم هذه الدول الشقيقة كمواطن عربي إن لم يكن كمواطن ينتمي إلى دولة عضو في مجلس التعاون، أما حلم دعم القضية الجنوبية والاعتراف بأحقيتها فلدي يقين أن كل الفرقاء سيكتشفون ذات يوم أنه واجب والتزام أخلاقي وسياسي وقومي وإنساني، ولكن نضج ظروف ذلك الأمر مرهون بعوامل داخلية وخارجية بدأت تتبلور على المسار الصحيح، وقد تستغرق زمنا لن يطول بإذن الله.
إنها دعوة الضمير الصادق والمواطن الناصح إلى قادة الدول الشقيقة وكلهم من خيرة العقلاء، لاستخدام الممكنات المتوفرة وهي كثيرة لتطويق النزاع وحله عبر منظومة مجلس التعاون التي لا أشك في قدرتها على ابتكار الوسائل الممكنة لإعادة مياه المجلس إلى مجاريها، أما إن عجزت عن حل هذه القضية فإن مبررات وجودها تتضاءل وتضمحل لأننا نتوقع منها ما هو أكثر من فض اشتباك بين دولتين شقيقتين.
لقد سررت كثيرا لسماع خبر اتحاذ إجراءات ميسرة في التعامل مع المواطنين ذوي الانتماءات المشتركة ولكم تمنيت أن لا تشمل الإجراءات العقابية المواطنين عموما لأن المواطنين لا ذنب لهم في خلافات القادة السياسيين الذين سيتصالحون عاجلا أم آجلا لكن المواطنين الأبرياء يدفعون ثمنا باهظا قد تبقى آثاره مدى حياتهم وحياة ابنائهم.
إنني كمواطن عربي يتألم لما يصيب أهله في أي دولة عربية ناهيك عما يصيب الأمة من تشققات وتشظيات وخسائر وتضحيات بسبب خلافات هي طبييعة وقابلة للعلاج بالوسائل السلمية وأتصور أن لدى منظومة مجلس التعاون الكثير من الوسائل لمعالجة الأزمة الراهنة وردم المسافة بين المواقف المتباينة سواء اتصلت بالعلاقة بين بلدان المجلس أو بالموقف من القضايا المثارة وعلى رأسها قضية مكافحة الإرهاب والتعامل الصارم مع المنظمات والهيئات المتهمة بدعم الإرهاب سواء ماديا أو معنويا، فالإرهاب لا صديق له ولا وطن ولا دين، وبالمقابل فإن هذا الخلاف الطارئ يمكن معالجته من خلال تقديم التنازلات المتبادلة بين أطرافه، وجرد الأطراف المتنازعة لحساب الأرباح والخسائر.
فهل سيجلس الفرقاء على طاولة الحوار؟ ليقيسوا الفوائد والأضرار التي ستجنيها شعوبهم من المكابرة والعناد؟ أو من التنازل والتفاهم وردم المسافات وتقريب الحلول الممكنة التي تجنب دول المجلس ودول المنطقة عموما ويلات هي في غنى عنها اليوم والغد وما بعد الغد.
والله من وراء القصد

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص