آخر تحديث :الخميس 25 ابريل 2024 - الساعة:05:14:04
صيف عدن ساخن والفأس وقع في الراس
عبدالله ناصر العولقي

الخميس 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

عدن لؤلؤة بحر العرب التي شهدت الكهرباء في عشرينيات القرن الماضي ، وكانت منارة الثقافة والرقي والحضارة في المنطقة ، ولم يعرف أهلها انقطاع التيار الكهربائي لعقود عديدة من سنين القرن الماضي ، اليوم يقضي سكانها اكثر ساعات يومهم دون كهرباء ويخيم الظلام الحالك على مدنها واحياءها لاربع ساعات كاملة ليحولها قرية يهرع بعض اهلها ليلحقوا بركاب المدينة فيشعلوا مولدات الطاقة الكهربائية التي تلوث الجو بغازاتها السامة وتقلق السكينة بصوتها المزعج ، ثم تعود الكهرباء لتنعش الحياة لساعة اوساعتين فقط ويعود الانقطاع ويستمر الحال بهذا التناوب المقيت ليل ونهار وايام وشهور ، انها ماسآة حقيقية وعذاب ألِيم .
لقد صرح الاخ رئيس الحكومة قبل اكثر من شهر بصيف غير ساخن في عدن هذا العام وهو يرمي بذلك الى حل ازمة انقطاعات التيار الكهربائي في عدن ، وجاء بعده تصريح آخر لمدير عام مؤسسة الكهرباء بعدن ينقل بشرى سارة لسكان عدن تسعد قلوبهم وتشفي اوجاعهم من لهيب حر الصيف القاسي حيث سيدشن في شهر مايو تشغيل مولد جديد بقوة ستين ميجا وات ، يا له من حلم وردي سيزيل معانات سكان عدن ، فالكهرباء هي طوق النجاة من حر الصيف ، والنور الذي يبدد الظلام ، ولكن ولسوء الحظ تلك التصريحات مبالغ فيها بل كاذبة وحقيقتها ترويج إعلامي وخداع ، لكون ستين ميجا وات لا تحل ازمة العجز في الطاقة الكهربائية في فصل الصيف ولهيب ناره حيث تتضاعف فيه الاحمال بفارق كبير عن فصل الشتاء - او بداية فصل الربيع في حساب السنة اربعة فصول رغم اننا لا نعرف الا الصيف والشتاء -  نتيجة تشغيل مكيفات تبريد الهواء التي يضاهي استهلاك الواحد منها للطاقة ما يستهلكه اكثر من منزل من مراوح ومصابيح وهم يعلمون تلك الأمور ولكنهم يتصورون ان الآمال والاماني ستخفي الحقيقة المرة والوضع الصعب اللذان ستواجهما عدن بصيفها الحار  فالطاقة المولدة الجديدة ستذهب في تغطية معدل الزيادة في الاحمال الذي سيرتفع مع حلول الصيف وشدة الحر  وستظل الانقطاعات كما كانت في الشتاء حيث بلغت اعلى مستوياتها هذا  العام ، فاي خبر سار اذا استمر انقطاع الكهرباء بالصيف ثلاث ساعات تقابلها ثلاث ساعات تشغيل كما كان الحال في الشتاء ان لم تكن اكثر مع فارق قساوة ساعات الصيف بحرارته الشديدة ! ، وكما نجد ان  مشكلة الكهرباء مركبة وترتبط بعوامل متعددة اهمها الطاقة المولدة الذي تنتجها محطات توليد الكهرباء لدى المؤسسة العامة للكهرباء والتي من الممكن ان تتعرض لاعطال مفأجئة تخفض قدرة الانتاج وايضاً عامل الوقود ونقصانه الذي سيعرقل تشغيل المحطات بطاقتها الكاملة والفساد المستشري في المؤسسة والمحطات التابعة لها ، لذلك احلام الحكومة وتصريحاتهم كلها ستذهب مع الريح وتكون هباءً منثورا ! وخاصة أن بوادر العجز قد بدات تظهر مع دخول الحر التدريجي فزادت ساعات الانقطاع وقلت ساعات التشغيل قبل ان تفتتح المحطة الجديدة ، ويتم تشغيلها .
فالتوقعات المؤكدة هي مواجهة عدن هذا العام صيف ساخن وانقطاعات طويلة ومتكررة والتي ستفرضها سياسة توزيع الاحمال او (تقطيرها) على مختلف مناطق محافظة عدن .
في اعتقادي ان كل ما يصبو اليه  سكان عدن هو بناء محطة  استراتيجية بقوة اربعمئة ميجا وات على الاقل وممكن تكون على مرحلتين بحيث صيف العام القادم تعمل المرحلة الاولى بنصف الطاقة الكلية ، فمثل هذا المنجز  سوف يغطي احتياجات محافظة عدن مع المناطق المجاورة لها وسيكون الحل الجذري لازمة العجز في الطاقة الكهربائية ولسنوات عديدة قادمة ، اما الحلول المؤقتة (الترقيعية) لا تسمن ولا تغني من جوع ، فالصيف حل علينا والاستغاثة الان لن تفيد فيجب على الاخ محافظ محافظة عدن ان يكرس كل جهوده في وضع حل حاسم  ويطالب السعودية ودول الخليج بالمساهمة في بناء محطة استراتيجية في عدن وفي حالة عدم تحملهم كامل التكلفة تبحث الحكومة عن جهات اخرى تشارك في تمويل هذا المشروع الحيوي والهام ، وليس مهم البحث عن مولدات والعيش في أحلام يقظة ، فالفاس قد وقع في الراس ، وكل ما يحتاجه صيفنا هذا هو وضع آلية دقيقة ومضمونة لتزويد المحطات بالوقود وبذل جهود جبارة في محاربة الفساد ، اما الحلم الذي تطمع فيه او تطمح إليه عدن في صيفها هذا والذي سيخفف معاناتها من حرارته  هو رؤية حجر الاساس للمحطة الاستراتيجية والشروع في وضع اللبِنة الاولى لهذا المشروع الذي سيكون الحل الناجع  وسيقضي على العجز في الطاقة الكهربائية بشكل كامل وسيرحم عدن من ازمتها الطويلة والمؤرقة ، وسيسجل هذا المنجز باحرف من نور لمحافظ محافظة عدن والقيادة السياسية .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص