آخر تحديث :الجمعة 22 نوفمبر 2024 - الساعة:23:31:26
عطفاً على تصريحات بن بريك..فك ارتباط المكلا عن عدن
صلاح السقلدي

السبت 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

ما أعلنه محافظ محافظة حضرموت اللواء \ أحمد سعيد بن بريك يوم السبت أمام الجلسة الافتتاحية لمؤتمر حضرموت الجامع من خطوات يزمع تنفيذها لإعلان حضرموت اقليم مستقل ضمن الستة الاقاليم اليمنية على طريق تنفيذ مخرجات حوار صنعاء, وما يقوم به من خطوات أخرى بهذا الاتجاه  لتحقيق إعلان اقليم حضرموت هي ذات الخطوات التي يقوم بها باقي المحافظين بالمحافظات الجنوبية  الأخرى كلٌ بموقعه سواء أكانوا محافظين أو وزراء أو غير ذلك من المناصب, وإن كان بعضهم يقوم بذلك عن دراية وقناعة ولم ينقصه إلا الشجاعة التي تحلّى بها بن بريك, والبعض يقوم بها عن غباء أو تغابي أو خشية من الصدام بالجماهير التي عاهدها على رفض  تلك المخرجات والمُضي معها قُـدما نحو استعادة دولة الجنوب أو مشروع دولة من اقليمين بحدود 1990م كحد أدنى وفاءً لدماء الشهداء.

من جملة الخطوات التي قال بن بريك أنه يعتزم تنفيذها بالأيام القادمة نورد ما يلي- وإن لم يكن حرفياً-:

   -سنعلن خلال أيام عن اقليم حضرموت, وعلى الرئيس هادي أن يوافق على عليه.

 -سنحسم الوضع العسكري بوادي حضرموت قريبا.

- لدينا خارطة طريق سياسيا واقتصاديا لحضرموت, ونجدد ولائنا للشرعية ودول التحالف وندعو باقي الاقاليم الى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتنفيذ مشروع الدولة الاتحادية بالستة الاقاليم.

-حضرموت خارطة جغرافية واحدة

 -لن نسمح لأية منظمة أو حزب بالتدخل في شئون حضرموت. (أنتهى).

 فما أعلنه هنا اللواء بن بريك, وهو المعيّن بهذا المنصب من قِـبلِ الشرعية اليمنية التابعة لدول التحالف (السعودية والامارات العربية المتحدة) يتسق تماما مع مشروع مخرجات حوار صنعاء التي تم استبعاد الجنوب منها تماما. وهو المشروع الذي كان السبب الرئيس بإعلان التحالف الحرب في اذار مارس 2015م  لتنفيذه وإن كان تحت غطاء إعادة الشرعية والقضاء على الانقلابين.فكل المؤشرات تشير الى ذلك بشكل مباشر او غير مباشر, والقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن بخصوص اليمن والتي صاغتها دول التحالف تؤكد ذلك,فضلا عن  تأكيد ذلك بمضامين المبادرة الخليجية لحل الأزمة باليمن عام 2011م .

     اللواء  بن بريك بدأ مناقضا لكلامه -ربما عن عمد ولحاجة في نفسه ونفس الشرعية والتحالف-في أكثر من موضع.ففي الوقت الذي يتحدث فيه عن ضرورة تنفيذ مخرجات حوار صنعاء التي تنص  صراحة على يمن اتحادي من ستة أقاليم منها اقليم حضرموت المفترض انه سيتكون من أربع محافظات هي(حضرموت –شبوة -المهرة  -وسقطرى) فهو يتحدث عن اقليم حضرموت المحافظة فقط. ويكفي أن نكرر عبارته التي يقول فيها أن حضرموت خارطة جغرافية واحدة, هذا علاوة على دعوته للشركات بمعاودة عملها بالمحافظة. فضلا عن  تحدثه باسم حضرموت بغياب باقي محافظي المحافظات الثلاث الأخرى, واستعداده لإعلان قيام الاقليم بصفته محافظا لمحافظة واحدة فقط هي حضرموت, وهذا يعني أيضا أنه يتحدث عن حضرموت المحافظة التي نعرفها تاريخياً دون باقي المحافظات الثلاث الأخرى التي تتحدث عنها مخرجات الحوار, فهو أي بن بريك لم يأتِ على ذكر أية محافظة أخرى بهذا الإقليم المفترض, بل أكد أن ثمة خارطة طريق سياسية واقتصادية لحضرموت قد تم صاغتها, وهذا يؤكد أنه قد استبعد تماما الثلاث المحافظات الأخرى من هذه الخارطة المفترضة.وهذا كله يتناقض مع  مخرجات الحوار التي اعلن بن بريك أكثر من مرة تقيده بها روحا ونصا دون أن يُــبدي أي اعتراض عليها أو حتى على النقطة التي تتحدث عن  انشاء اقليم حضرموت من اربع محافظات.

       وهذا التوجه من بن بريك بالسعي للتفرد بمحافظة حضرموت كإقليم لوحده ,وبرغم ما يعتريه من تناقض والذي يبدو جلياً من خلال تأكيده بالالتزام بمخرجات حوار صنعاء ودعوة الأخرين لتنفيذه والذي تؤكد وثائقه أن اقليم حضرموت ينبغي أن يضم أربع محافظات في الوقت الذي لم يطالب بن بريك بأي تعديل بهذه المخرجات. نقول ان هذا التوجه من بن بريك وأن بدأ بصورة متناقضة الى حدٍ ما إلا أنه لن يكون بمعزل عن التنسيق مع الرئيس هادي وحزب الاصلاح ودول التحالف التي تقف بقوة مع تنفيذ هذا المشروع.

 وما هذا الخطوة من بريك إلا تدشيناً لهذا المشروع ولكن على جرعات يتقبلها الجنوبيون والحضارم بالذات, فهو يعرف ان فكرة اقليم حضرموت مكون من اربع او حتى من محافظتين هو مشروع مرفوضا من قبل معظم ابناء المحافظة لذا  فقد تعمّــد ان يظهر لهم في كجرعة اولى أن محافظتهم فقط هو ما تعنية عبارة (اقليم حضرموت ).

    أما دعوته للرئيس هادي بالموافقة على ذلك فهو يعرف قبل غيره أن هادي لن يستطع ان يوافق على ذلك مع رغبته الجامحة بذلك . وبالتالي فبن بريك وربما بالاتفاق مع هادي وباقي الشركاء قد اطلق دعوته لهادي بهذا المؤتمر الجماهيري ليطلب منه الموافقة على خطوة اعلان هذا الاقليم حتى يبدو الأمر وكأنه مطلباً شعبياً محضاً ليرفع الحرج مستقبلا عن هادي والتحالف أمام الشعب بالجنوب وأمام المقاومة الجنوبية تحديدا.

    فبن بريك كغيره من المسولين الجنوبيين المعينين بمناصبهم  لا يمتلكون اتخاذ خطوة من هذا العيار بوجه دول التحالف. فكلما قد يعمله التحالف وشرعية اليمنية وبالذات حزب الاصلاح  هو فصل المكلا عن عدن وهذا هو بيت القصيد  من كل هذه الزوابع وهذه الحروب والكوارث التي يعتقد أصحاب الحل والعَـقد بالداخل والخارج ان من خلالها يمكن ترويض الجنوبيين على وحدة يمنية قادمة بمواصفات خليجية يمنية في ظل جنوب مشطور نصفين ليسهل التحكم به من ناحية , ولطمس شيء اسمه جنوب وهوية جنوبية يتم عوضا عنها هوية اقليم عدن وحضرموت شانهما شأن اقليم تهامة والجند وغيرها.

  قال بن بريك: ( أن اقليم حضرموت لن يسمح لأية منظمة او حزب بالتدخل في شؤنه ). فهو هنا استخدم كلمتين تدلان على نفس المعنى تقريباً وهما منظمة –حزب) وكلمة منظمة قد تكون اشارة  لمنع أي نشاط مستقبلي للحراك الجنوبي من خارج المحافظة. وعلى كل حال الأمر صعب جدا ليس فقط منع الحراك الجنوبي بل منع الحزبية بالمحافظة في ظل وضع دولي يدعو لمزيدا من الحريات العامة ولحق التعبير عن القناعات السياسية والفكرية.

      (عملة ضبط اوتار العود قبل القيام بالعزف) هي عملية مشابهة تماما  لعملية  تدشين مشروع دولة الوحدة اليمنية الجديدة (دولة الستة الاقاليم) بالجنوب  التي انطلقتْ رسميا من حضرموت والتي تم اختيارها -أي حضرموت- بعناية من قبل اصحاب هذا المشروع لما لها من مكانة ووزن تاريخي واقتصادي وجغرافي وجيوسياسي كبير مع دول المنطقة. وقد سبق هذا التدشين وما زال  عدة خطوات منذ عامين  تمثلت بفصل حضرموت عدن فصلا تدريجيا ونفسيا عند الجنوبيين عامة وليس فقط ابناء حضرموت. ففي الوقت الذي ابقت تلك الجهات التابعة للشرعية والتحالف محافظات الجنوب في دائرة  دوامة المعاناة المتعمدة جــرّاء نقص وانعدام الأمن والخدمات الضرورية من كهرباء وماء ومعاشات وغيرها من الخدمات, كانت تلك الجهات في ذات الوقت تهيء كل اساب الاستقرار وتذلل الصعاب الى حد كبير -على الاقل مقارنة بباقي المحافظات الجنوبية الاخرى-, وتثبيت الأمن في مدن الساحل  والوادي  الى درجة ان التنظيمات المتطرفة بالمحافظة تم احتوائها بطريقة مدهشة بعد سنوات من تسلميها المكلا لدول التحالف بطريقة سلسلة مثيرة للغرابة, قبل ان تذوب وتختفي هذه الجماعات بطريقة  أكثر ادهاشاً, وبصورة مغايرة تماما لما تم ويتم بعدن وأبين ولحج وشبوة, والتي ما تزال جميعها تغرق بعبث هذه الجماعات, بل ويتم بشكل مضطرد حتى اليوم أنشاء مزيدا من المكونات الأمنية والعسكرية ذات ميول فكرية متشددة خارج إطار المؤسسة الأمنية والعسكرية الرسمية وبطريقة الولاء الجهوي الجغرافي والشخصي والفكري, في ظل تغييب متعمد لدور المؤسسات المختلفة ومنها القضائية. كل هذا وغيره من الاجراءات لا تتم بشكل عفوي كما يعتقد البعض بل بطرق مدروسة وممنهجة  بالتوازي مع استغلالها -أي الشرعية ودول التحالف-  لرفض  جماعة الحوثي وصالح لمخرجات الحوار معتبرة رفضهم لها دليلاً على انها مخرجات منصفة وعادلة للجنوب, مع أن تلك الجهات بالتحالف والشرعية تعرف جيدا ان رفض الحوثي وصالح لتلك المخرجات كان نابعا من حسابات لا علاقة مباشرة بالمشروع الجنوبي التحرري وسيزول رفضهم بمجرد تم تحسين المخرجات وتلبية بعض مطالبهم. فرفض الحوثي وصالح للمخرجات كان نابعا من حشرهم جغرافيا بألاقاليم المسمى أزال معتبرين ذلك التقسيم استهدافا طائفيا واقتصاديا لهم, فضلا عن اسباب رفض اخرى يتعثر استعراضها كله هنا.

       فلو افترضنا ان رفض الحوثي وصالح  للمخرجات يعني انه  رفض  يتعلق فقط برفضهم إعطاء الجنوب حقوقه من خلال هذه المخرجات ,فهل مواقفة حزب الاصلاح على هذه المخرجات وتحمسه لتنفيذها يعني أنه اصبح  جنوبي انفصالي قُـــح , وأضحى بين ليلة وضحاها ينادي بفك ارتباط الجنوب عن الشمال؟.

          *خلاصة : مشروع الدولة اليمينة من ستة اقاليم وإن كان سيمثل حلاً للشمال باعتبار الازمة هناك نابعة من سيطرة مزمنة للمركز على الفروع, وهيمنة قبِـيلة و منطقة على باقي القُــبل والمناطق الأخرى والحل لذلك يتأتى من خلال هذه المشروع الذي هو اصلاً مشروع اعادة تقسيم اداري للبلد قد يحل هذه الأزمة المستعصية, إلا أنه لن يكون حلاً ولو بحدوده الدنيا لقضية الجنوب, فللجنوب قضية أكثر من أن تحل على طريقة اعادة تقسيم اداري وإن كان بثوب مزركش اسمه دولة اتحادية, فللجنوب قضية  بحجم ارضه وتاريخه, قضية وطنية وسياسية بامتياز وليدة فشل وحدة بين دولتين بعمليتَـي حرب ونهب واسعتَــي النطاق,  قضية لا يمكن حلها  أو اختزالها بمخرجات تم  سلقها خلسة خلف الحجب وبمعزل عن مشاركة جنوبية جادة, ولكن من خلال مشروع  سياسي ووطني  توافقي  شامل, مشروع يقف أمام الأسباب والأعراض للوصول بالتالي لمعالجة النتائج معالجة عادلة من خلال حلول يرتضيها الجميع وأولهم الطرف الواقع عليه الضر والظلم, بعيدا عن اساليب الاحتيال والخفة السياسية التي نرها اليوم بأنصع صورها, تقوم بها قوى المركز المستفيدة اليوم من الدعم السياسي والعسكري الاقليمي, هذه القوى التي  تعيد انتاج نفسها واساليبها مرة اخرى من خلال سلوكها وادواتها, والتي تؤكد بذلك  انها لن تنفك عن نزوعها المستبد بل ستزيد من القبضة والغلظة ان اُتيحت لها الفرصة ثانية .

       واهمٌ مَــن يعتقد أن هذه القوى بكل اختلافاتها  شرعية وانقلابية ستعطي لحضرموت- أوغير حضرموت- حق الإفلات والتحرر من قبضتها بالانفصال, فهي لن تفصل حضرموت إلا عن محيطها  الجنوبي, وحل عروتها عن هويتها الجنوبية والجغرافية, ولن تفك ارتباط المكلا إلا عن عدن, ليتسنى لها بالتالي الاستفراد بالجنوب بغرفتين منفصلتين كل على حِــدة لسهل لها بذلك الذبح والسلخ.

     *للتأمل....هذه فقرة من البيان الختامي لمؤتمر حضرموت:

    ) يشيد المؤتمرون بالدور العظيم الذي اضطلعت به المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودول التحالف العربي في دعم بلادنا في حربها على قوى الشر والظلام من الانقلابيين ومليشيات صالح الغاشمة على مقدرات الوطن بقيادة المشير الرئيس عبدربه منصور هادي...).

 الحديث بهذا البيان عن مفردات شرعية وانقلابيين يؤكد جليا ان قضية هؤلاء هي قضية استعادة سلطة مسلوبة من يد انلاقبيين ولم يكن الجنوب وحضرموت إلا جسر وصول الى صنعاء. ضف الى الى استخدام كلمة (بلادنا) بهذا البيان وهو بالتأكيد يشير الى اليمن طالما وهو يتحدث عن رئيس الدولة وعن دول التحالف التي اعلنت حربها لعودة الشرعية للحكم, ولكنه- أي  البيان -مستحي ان ينطق كلمة اليمن صراحة, وعمَد الى اسلوب التضليل الحيلة , وهذا يؤكد ما ذهبنا اليه سلفا بأن العملية ليست أكثر من فصل حضرموت عن الجنوب وإبقائها مربوطة الى قصر شارع الستين  وحي الحصبة باسم دولة الاقلمة. 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل