آخر تحديث :السبت 14 سبتمبر 2024 - الساعة:10:51:27
في هذه الحالة يكون الصمتُ تخاذلٌ وخيانة
صلاح السقلدي

السبت 00 سبتمبر 0000 - الساعة:00:00:00

ما يجري في محافظة عدن وباقي محافظات الجنوب من مشاحنات وتباينات حادة بين الحين والآخر بين المكونات العسكرية والأمنية بما فيها تلك المليشيات وكتائب( الإسلام السياسي بشقيه الإخواني والسلفي الجهادي ) المتطرفة كانعكاس لتباينات المشاريع السياسية التي تعصف بالجنوب هو أمر متوقع حدوثه منذ بداية الحرب الأخيرة في مارس آذار 2015م, على الأقل عند كثير من المراقبين الذين يرصدون الطرق  والوسائل والأدوات التي تمت وتتم بها عملية تشكيل هذه المسميات الأمنية والعسكرية والفكرية, فضلاً عن الأهداف الغامضة التي شُــكّــلتْ  مِـن أجلها.

 وبالتالي يمكن القول انه ليس من الغريب أن تؤول الأمور الى هذا الوضع الضبابي المقلق الذي ظللنا وما زلنا نحذر منه منذ عامين, بل كان سيكون الغريب هو أن لم يحدث هذا الوضع كما كنا نـأمل.

    فطرق ووسائل إنشاء هذه المكونات الأمنية والعسكرية التي تأخذ لها لوحة فسيفساء متداخلة داكنة المعالم تكفي لتجعل المرؤ- الحريص على مستقبل هذا الوطن وأمنه- أن يشعر بالتوجّـس والريبة حيالها وحيال مآرب من صنعها منذ الوهلة الأولى وحتى هذه اللحظة. فألوية الحراسة الرئاسية يغلب عليها عناصر من محافظة بعينها, وكثير من عناصر قوات الحزام الأمني من منطقة واحدة تقريباً. وعناصر وأفراد وضباط الأمن العام ينتمي معظمهم لمحافظة محددة . وقوات ((نُـخبة)) أمنية عسكرية تأخذ لها تسمية جهوية خالصة, وكتائب فلان  تنـُـمُّ بطريقة صريحة عن تسمية عقائدية وغرض طائفي لا لبس فيه. ولواء علّان توحي هيئة لباس أفراده وتصريحات قادته  ومفردات أحاديثه عن نزعه طائفية بحسب رغبات جهات خارجية لا علاقة لها بالجنوب ولا بالقضية الجنوبية ولا حتى باليمن الذي قالت دول التحالف الخليجي أنها أتت بقضها وقضيها لتحمي وحدته وأرضه وعرضه ودينه  وسُــنة نبيه من الخطر (المجوسي الرافضي ).!  

     فمعيار وشروط اختيار  كثير من عناصر هذه المكونات أعتمد على الانتماءات الجهوية والقبلية والنزوع الايدلوجي الديني  والفكري الطائفي ليسهل  بالتالي التحكّــم عن بُــعد ماليا وفكريا بها كأفراد وجماعات إنفاذاً لمخططات سياسية وطائفية ومطامع اقتصادية وجغرافية بالوقت المناسب وعند كل أزمة تأزم وملمّة تلِــمُّ, وعند كل صراع وتصفية حسابات يمنية واقليمية  قد تنشى مستقبلاً  من خلال إحياء الخلافات الجنوبية الجنوبية القديمة وإذكاء نيرانها من جديد لتمرير مشاريع هذه الجهات الداخلية والخارجية, والجنوب وأمنه ومستقبله السياسي هو الضحية, وهو في الوقت الذي هو المجني عليه  فهو جاني كون الأدوات والوسائل جنوبية المنشاء والهوية وإن كانت تُـدار من خلف الحجب من جهات غير جنوبية, اقليمية ويمنية,بل ودولية.

       يأتي كل هذا التعاطي المدمّـر مع الوضع الأمني  بالجنوب متسقاً تماماً مع استمرار تجاهل ومحاربة المؤسستين الأمنية والعسكرية الجنوبيتين وكوادرها- أو قل ما تبقى منها منذ عام 94م وهو عام الحرب على الوحدة والجنوب- وبالذات الكوادر الأمنية, وتغييب متعمّـــد لدور مراكز الشُـرط التي كانت حَجَـر الزاوية بمدماك امن الجنوب حتى عام 90م,وتغييب الدوائر الأمنية المختلفة الأخرى من قبل تلك الجهات الواقعة تحت تأثير (فوبيا شيوعية دولة جمهورية اليمن الديمقراطية), علاوة على استمرار تغييب دور الجهاز القضائي بعد أكثر من عامين بشكل يثير معه أكثر من علامة استفهام ويعمل على عرقلة أي نجاحات امنية كون الأمن مؤسسة ضبطية قضائية لها عمل تكاملي مع باقي مؤسسات القضاء الأخرى, وبالذات النيابات العامة خشية من تفعيل دوره ولو بالحد الأدنى لعملها حتى لا ينكشف المستور على الفضائح والبلاوي التي تقوم بها جهات محلية  سياسية وحزبية وبالذات الدور المريب لحكومة الرئيس هادي ومسئوليها المتورط كثير منهم بتهم الارهاب والفساد المالي وتثبيط أي نجاحات أمنية, علاوة على ما قد يتم كشف المستور للدور السلبي لدول الجوار وبالذات فيما يتعلق بعلاقة بعض دوائرها ورموزها الدينية المتطرفة بدعم وتستر على كثير من انشطة وعمليات الجماعات المتطرفة بالجنوب وفي عدن تحديدا. فما زال يتذكر الناس بهذه المدينة إعلان السلطات الأمنية وإعلام دول التحالف- وبالذات الإماراتي والسعودي -عن القبض على  العناصر الإرهابية الضالعة بقتل العديد من الرموز بالمحافظة مدنيين وعسكريين وأمنيين ومنهم على سبيل المثال محافظ عدن السابق المرحوم اللواء\ جعفر محمد سعد والذي قيل أن بعض هذه العناصر الإرهابية تم ترحيلها الى إحدى دول التحالف, من حينها ما زال هذا الملف (مقتل المحافظ جعفر سعد) كغيره من الملفات يلفه الغموض ويكتنفه التوجس والغرابة.!

     خلاصة: لا شك ان هذه التناولة لهذا الموضوع لم تكن هي الأولى لكاتب هذه السطور, وقد سبقتها الكثير من المقالات والمنشورات والكتابات -على بساطتها وتواضعها-, ومع ذلك سنظل نكررها باستمرار ما بقيت اسبابه قائمة, وضرره قائما ومتوقع الحدوث. فالصمت حيال أمور خطيرة كخطر العبث بأمن الناس وأروحهم وقضاياهم الوطنية المصيرية ضربٌ من ضروب التخاذل بل والخيانة والارتزاق. فالمروء حيث يضع نفسه.!

  • عن العربي

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص