- تخوف حوثي من عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
- الشرطة الألمانية تعتقل نجل أمين عام الإصــلاح
- من فصول الدراسة إلى العمل الشاق.. واقع مؤلم لمعلمي لحج
- أسعار صرف الريال اليمني صباح اليوم الثلاثاء 19 نوفمبر
- أسعار الخضار والفواكه في العاصمة عدن اليوم الثلاثاء
- اسعار المواشي المحلية في العاصمة عدن اليوم الثلاثاء
- أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء فى العاصمة عدن
- درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء في الجنوب واليمن
- أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 19-11-2024 في اليمن
- أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 19-11-2024 في اليمن
الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
من كثر ما حاولت اقناع الناس الذين أقابلهم بان السلطات الشرعية ستجلب لهم الخير والسلام والتنمية ؛ صرت الان اشعر بالخجل كلما رأيت طوابير السيارات تتزاحم امام محطات بنزين فارغة ، او سمعت المواطن العادي يلعن أبوها حكومة عجزت عن وقف انقطاعات الكهرباء ، او عجزت عن تسليمه معاشه الشهري الزهيد .
المسالة هنا لا يستلزمها اكثر من النظر الى الحالة البائسة التي يعيشها الانسان البسيط في عاصمة البلاد " عدن " ، فانطفاءات التيار وازمات المشتقات المتتالية كفيلة بخلق ازمة فقدان للثقة بين الحاكم والمحكوم .
وعندما تصل المسالة لحد فقدان الثقة فتلك ازمة اعظم واخطر من كل الازمات السياسية او الاقتصادية ، ما يستوجب من أي سلطة تحترم ذاتها ووظيفتها فعل اشياء مدهشة وخارقة او التنحي بعيدا وترك السلطة للقادرين على تحمل مسؤولية القيادة .
طبعا ، عربيا ، للاسف لا يوجد حاكم عربي واحد غادر كرسيه بمحض ارادته ورغبة في التاريخ المشرف ، لذا امحوا من ذهنكم فكرة الحاكم المثالي الذي يصعد الى سدة الحكم بانتخابات حرة ونزيهة ويغادره كذلك ، فحكامنا لا يحترمون انفسهم مطلقا ، والذي لا يبجل ذاته حتما لا يكترث باحترام شعبه له .
تستحضرني اجابة الفيلسوف الصيني كونفوشيوس على تلميذه " تزه " الذي سأل معلمه عن اهم واجبات الحكومات نحو مواطنيها ، فرد المعلم كونفوشيوس : القوة لحمايته والغذاء لحياته والثقة لصيرورتها كحكومة تحظي برضاء المحكومين . الخطير ليس هنا ، بل في حال كان ولابد من الاستغناء عن واحدة او اثنتان .
فحكيم الصين راى ان الحكومات يمكنها التخلي عن القوة والهيلمة اولا وعن اطعام شعبها ثانيا ، اما الثقة فلا مناص لها من العظ عليها وبالنواجذ ؛ لانها واذا ما خسرتها فلا بقاء لها .
فالثقة هنا يجب ان تبقي وتسود بين الحكام والمحكومين والا بات هؤلاء الحكام نسخة طبق الاصل من القذافي ومبارك وبن علي وبشار وصالح وسواهم من طغاة العصر الراهن .
نعم ، الشرعية الحقيقية ليست مادة مكتوبة في دستور البلاد ، وانما هي اولا واخيرا تتجسد بقناعة ورضاء المحكومين ، وهذه القناعة والرضاء لا تاتي بخطب معاوية والحجاج المهددة للخصوم ، بل يمكن العثور عليها بملامسة الحكام لرعاياهم ، فكلما اقترب الحاكم من مجتمعه كلما سنحت له معرفة مشكلاته ومعاناته .
طبعا لا اتحدث هنا عن فيلم " طباخ الريس " الذي تم انتاجه في عهد المخلوع مبارك ، وبلغ فيه الابتذال والسخف لحد تصوير مبارك وكانه ملاكا حجبته سدنته الفاسدة من الوصول الى المصريين الفقراء البسطاء ، وانما اتحدث عن عهد جديد يتخلق من رحم مرحلة تاريخية حفلت بالاستبداد والفساد والاقتتال الداخلي الذي مازال اتباع العهد القديم يفرضونها على عموم اليمنيين .
ولمن لا يعرف قصة فيلم طباخ الريس ، فمبارك الرجل العجوز الهرم تم تصويره كشخص بسيط ونزيه وفوق ذلك طيب واهبل لا يعلم شيئا عن واقع شعبه الذي يتجرع مرارة الغلاء والفساد فيما رئيسه المسكين مسجونا بين اربعة حيطان وجماعة عتاولة يتحكمون بكل شيء في البلاد .
لذا وفي كل مرة ينزل فيها متخفيا مع طباخه الغلبان ودونما هيلمة او موكب فيعود الى قصره الوثير منتشيا وفرحا مما راه من مشاهد مضللة تم الترتيب لها دون علمه ومن جهة اجهزته الامنية الفاسدة المطبقة على تفاصيل حياته اليومية .
المهم انتهى الفيلم والريس يسال عن " الكشري " وما اذا كان باثنين او اربعة او عشرة جنية ، وفي كل مرة يسأل لا يجد اجابة شافية نظرا لهلع طباخه من عقاب دائرة الريس .
السلطة الشرعية للاسف كل ساعة تنطفي فيها الكهرباء تخسر الكثير من الفئات المجتمعية ، ومع كل ازمة مشتقات اوسيولة اوهرولة في قيمة العملة الوطنية تخسر مصداقيتهاالتي هي في المحصلة ثقة مجتمعها بها وجدير بها ان لا تبددها وفي كافة الظروف والأحوال .
وعليه يجب ان تعلم السلطة الشرعية انها المسؤولة عن كل ازمة في التمويل او الخدمات او المرتبات . مللنا الأسطوانة القائلة بان فلان طيب ونزيه ويريد الخير لولا حاشيته وأقاربه العابثين الفاسدين ، فلطالما سمعنا هذا في زمن أسوأ حاكم في تاريخ اليمن " علي عبدالله صالح " ، لذا لا نريد تكرار تلك العبارات والجمل في العهد الجديد الذي نأمل ان يكون مختلفا كليا عما ساد في الحقب السالفة .
ختاما هنالك خطبة للشيخ عبد القادر الجيلاني وقيل انها اقصر خطبة في التاريخ الاسلامي وعمرها الف عام تقريبا ؛ فحينها صعد المنبر وقال : لقمة في بطن جائع خير من بناء ألف جامع ، و خير ممن كسا الكعبة وألبسها البراقع ، وخير ممن قام لله راكع ، و خير ممن جاهد للكفر بسيف مهند قاطع ، و خير ممن صام الدهر والحر واقع ، وإذا نزل الدقيق في بطن جائع له نور كنور الشمس ساطع ، فيــــــا بُشرى لمن أطعم جائع " .